حمل ريالاً وذهب بنظره بعيداً فمستوى نظره من على أعلى أكتاف والده لم تتح له «رؤية واضحة» لأحداث الملعب، لوّح مع الملوحين ب«الريال» بينما كان غيره يحمل نقوداً أخرى من فئة الخمسة والعشرة ريالات. ربما فهم ابن الرابعة أو دونها المقصد وربما لا... لكن «اللقطة» ستظل عالقة في ذهنه إلى أبد الآبدين، سيحكي له أبناء العائلة وأقرباؤه عن صورته في «الصحيفة»، وعن اليوم الذي ظهر فيه في التلفاز، ربما قالوا له اليوم إنه كان يتهم الحكم بالرشوة، وربما سمع والده وهو يتحدث عن المباراة مع المشجعين وزملائه ووالدته، وكيف كان مستوى التحكيم وكيف لوح الآف المشجعين بالريالات. ستظل كل تلك الصور عالقة في ذهن هذا الفتى الصغير حتى يبلغ من العمر عتياً، فالمشهد حالة لا تتكرر الذي كان شاهداً من شواهدها، والتاريخ سيظل يذكر تلك «اللقطة» وربما قصتها والدته وحفظتها فابنها أضحى من مشاهير «المدرجات». سيكبر هذا «الناشئ» ذات اليوم، وربما أصبح لاعباً أو إدارياً أو مشجعاً وفي كل الأحوال لن يقتنع أن الحكام «نزيهون»، وسيظل يعتبر أن الحكام هم سبب خسارة فريقه حتى لو لعبوا بلا مدرب أو خطة، ولن يؤمن أن الحكام ليسوا «غشاشين» حتى لو قاد اللقاء «أطهر» من يعرف. بعد تلك «اللقطة» التي خلدتها «الصورة»، وأصبحت جزءاً من أرشيف الكرة السعودية بدأ يتشكل لدي تصور أنه لا يجب السماح للأطفال بحضور المباريات في الملاعب، وأود أن أناشد الجمعيات والمنظمات والهيئات المهتمة بحقوق الطفل بأن يحفظوا للأطفال حقوقهم في أن لا يتعرضوا لهذا التشويه الفكري الخطير. هناك من يطالب أطفاله بتشجيع فريق «معين»، وهناك من يصور لابنه أن الفريق الآخر حفنة من «المجرمين» الذين سلبوا النادي حقوقه على مر التاريخ، وفي هذا ظلم كبير ل«طفولة» ناشئة. أذكر أن السلطات الأميركية سحبت طفلاً من والدته وأودعته دار رعاية أطفال لأن الأم وضعت طفلها فوق السيارة وذهبت لتشتري غرضاً من «السوبرماركت» على اعتبار أنها غير مؤهلة لرعاية طفل، وأنه كان معرضاً للخطر، وفي لقطة الطفل «الأهلاوي» لم تكن المأساة أنه لم يكن في مأمن من خطر التزاحم فحسب، بل إن والده استخدمه ك«أداة» لاتهام الآخرين ب«الرشوة». [email protected]