«شاهين» الجبل الذي زاره سعود حينما أمسك بيده طفل سيريلانكي «ابتسم» بطريقة مختلفة ونظر إلى حقيبته، التي يضعها على كتفيه، والتي تزن 15 كيلوغراماً في أولى رحلات الرحالة سعود العيدي، وقال: «سأجول بك مشياً على الأقدام إلى قمة جبل شاهين، في مقابل بعض الريالات»، وافق بسرعة ليقدم للطفل شيئاً يحبه يقول سعود: «لا أذكر اسم الطفل، ولكني ربما أطلق عليه اسم شاهين، فهو كالجبل قوي رقيق ويبعث نسيماً من الفرح في القلوب أخذني مشياً على الأقدام في إحدى الغابات وصولاً إلى قمة الجبل، كان قائدي الذي لا يمل من التعريف عن كل زاوية حتى وصلنا بعد مرور خمس ساعات ما بين الهضاب والصخور والأشجار إلى أعلى الجبل». لم يفكر سعود بشيء سوى ذلك الطفل البالغ (12 عاماً) كيف جال به في الغابة في مقابل بعض ريالات وأصبح سعود يشير للجبل حينما يمر به قائلاً: «هذا شاهين جبل الطفل». ويضيف قائلاً: «الحديث صعب جداً عن الأطفال في البلدان التي زرتها ومخيمات اللاجئين، إذ شهدت بنفسي حالات ولادة وزواج ووفاة والأطفال كانوا أبطال قصتي صبحي ووردي ونجاح، فتجربتي ستة أشهر كانت متفرقة خلال عام ونصف العام عشت بين مخيمات اللاجئين في أوروبا ولعبت مع مئات الأطفال». سعود العيدي رحالة ومتسلق يزور العديد من البلدان في العالم ويظل جالساً لساعات طويلة مع الأطفال، مؤكداً أنهم مفتاح الشعوب وكتابها المفتوح، ومن خلالهم يستطيع فهم الكثير من أسرار الشعوب بلا عناء وتكلف، يقول: «عندما أجدهم يلعبون في الشارع أركض إليهم من دون شعور وألعب بطريقتهم نفسها، وأتعلم منهم الكثير من الصفات وأفهم مباشرة علاقتهم بالتقنية وكيف بأنها لم تسيطر عليهم فنظام التكافل الاجتماعي واحترام الغرباء ومشكلات الفقر وغيرها من الأمور التي أسعها لمعرفتها لا تكون إلا من طريق هؤلاء الأطفال». «المدرسة» كانت تكشف شخصيات الأطفال وهم على طاولتهم داخل الصف، ولكن عندما يتزاحمون في طاولة واحدة ويجلسون بقرب بعضهم البعض يكون للتعليم أسرار أخرى في الهند، كان سعود يجلس في صف دراسي يكتشف حينها كيف يدرسون وفي الخط الفاصل بين نيبال والهند زرت قرى نائية فقيرة جداً بعضهم مايزال إلى اليوم يعيش في بيوت من القش، وعلى رغم ذلك يرسلون أبناءهم إلى مسافات تتجاوز 10 إلى 8 كيلومترات مروراً بالوحول والغابات وأحياناً كثيرة يكونون عرضة لمياه الفيضانات المميتة فقط من أجل أن يتعلموا حرف أو كلمة، ولم تمنعهم الظروف من اهتمامهم بالعالم والتعلم، ويجلسون قرب بعضهم أو حتى على الأرض من أجل أن يحملوا شهادة علمية. هذا ملفت للغاية»! «أرجوك لا تكبر» قصيدة للشاعر أحمد مطر كان «يدندن» بها سعود في تصويره عبر برنامج «سناب شات» مع طفل آسيوي، وعلى رغم أنه لم يفهم ما يقوله سعود إلا أن الطفل يستمع ببلاغة وإعجاب، ولم يترجمها بعد ولم يكن الأمر مرتباً أيضاً، ولكنه أخذ وعداً بأن يعود إلى الطفل ذاته ويصور معه بقصيدة أخرى اسمها «دعوا أطفالنا تكبر». «الهدايا» يحبها الأطفال ويتسابقون للحصول عليها بكل الطرق، سواءً في المشاركة بمسابقة أم بعد التفوق الدراسي، ومهما كان نوعها فهي تعتبر جائزة بالنسبة لهم، ولأن التعليم شيئاً مهماً اختار سعود هداياه من الأقلام والدفاتر، حتى يعبرون من خلالها عما يحبون ويتعلمون ويتذكرونه بين الحين والآخر، يقول: «اكتشفت فكرة ذكية تترك أثراً كبيراً وهي فكرة التصوير الفوري ومن ثم إعطائهم الصور مباشرة وكتابة أمنية خلف هذه الصورة». وعن أبرز ما اقتناه، قال: «مجموعة أصداف جمعها لي أطفال سوريون التقيت بهم صدفة في مخيمات اللاجئين في اليونان».