كشف الناقد الدكتور عالي القرشي أن الشعرية التي اتخذها منهجاً أسلوبياً لدراسة شعر بن أبي خازم الأسدي كادت أن تعصف بكتابه «الصورة الشعرية في شعر بشر بن أبي خازم الأسدي» قبل أن يرى الحياة، موضحاً أن المطلع على تقرير المناقش الداخلي الدكتور مصطفى عبدالواحد يلحظ «كيف كان حاقداً على هذا المصطلح وناسباً إياه إلى البنيوية الروسية، ثم ما لبث أن أعلن أن هذا المنهج هو منهج الدكتور لطفي عبدالبديع وطلابه، وأن ألفاظه تتبدي من خلال كلماتهم المختارة في الاقتناص والتأويل وجدلية الخفاء والتجلي». وقال القرشي في منتدى محمد صالح باشراحيل مساء أول من أمس: «إن كتابه (أسئلة القصيدة الجديدة) بمنأى عن عالم الشعرية ومحاولة اكتشاف وتأويل هذا العالم المتخفي خلف الشعرية ابتداءً من النظر إلى الشعر بوصفه سؤالاً يفتق المدى ليكشف عن المجهول الذي ما يلبث أن يقوم صخرات متساندة أمام حرية الإنسان جالباً له القلق والحرية والاضطراب، ولهذا تفتق هذا التأويل في تجارب نقدية فصل الكتاب في بعضها وبسطه، ومن هذه التجارب قراءة التجربة الشعرية من طريق الحكاية والتأويل، وقراءة التجربة الشعرية من طريق التشظي والالتئام». ولفت القرشي إلى أن الدعوة التي تلقاها من منتدى باشراحيل لاقت هوى كبيراً. وذكر أن موضوع «الشعرية والتأويل» التي تحدث عنه «تحول لدي من زاد نظري إلى زاد وظيفي وظفته في عدد من المناسبات وفي عدد من الإصدارات»، متطرقاً إلى بعض كتبه التي وظف فيها الشعرية والتأويل. وتوقف عند كتابه «شخصية الطائف الشعرية»، موضحاً أن الشعرية والتأويل مجالاً «لأن أكتشف شخصية الطائف الشعرية، إذ إن هذه الشخصية التي كونها الشعراء للطائف تكونت من تأويلهم ووصفهم شعراء يفطنون لما لا يفطن له غيرهم، وبوصفهم شعراء يؤولون العالم الذي حولهم فاكتسبت الطائف لديهم تأويل الأنثى الفاتنة، ذلك التأويل الذي سرى في الشعر العربي قديماً وحديثاً حول الطائف». وفي المداخلات قال الدكتور محمد بن مريسي الحارثي: «التأويل عملية دقيقة جداً وعميقة لا يمارسها إلا خبير بقنوات التأويل التي تؤدي إلى كشف الدلالة المنصوصة على المعاني»، مبيناً أن التأويل لا يخلو من مزالق كثيرة لمن خرج على قانون اللغة ليتلمس مسالك التأويل «لأن هناك من يؤول كلام الله لإحداث التشكيك والتشويش، فالتأويل بالنسبة للشعر محل اهتمام ووارد ولكن لدينا خطوات تضبط لنا التأويل». وذكر الدكتور يوسف العارف أنواع من التأويل «الذي عادة لا يأتي إلا مع النص المُشكل»، مؤكداً إمكان الشاعر أن يكون مؤولاً لنصه وبحكم أنه صاحب القصيدة، وهو ما يفسره مقولة «المعنى في بطن الشاعر»، التي بدورها تحولت إلى بطن القارئ. في حين، أطلق رئيس نادي مكة الأدبي الدكتور حامد الربيعي على التأويل «سفير الفهم والسبيل إلى استنطاق النصوص على وجه الخصوص». ولفت عنوان الأمسية الدكتور علي العيدروس، مشيراً إلى «التباس في العنوان لأن التأويل منتج للشعرية». لكن الدكتور عالي القرشي رد بأن التأويل «لا يكون إلا مع الشعرية»، مبيناً ألا محذورات في التأويل لأي نص «والتأويل هو أكبر مساحة تتحرك فيها دلالات النص»، لافتاً إلى أن الشاعر هو من يعلم تأويل نصه، «لكن الناقد قد يصل بالتأويل إلى أفضل من مقصدية الشاعر».