أكد التشكيلي السعودي عبدالعزيز العمري أهمية ارتقاء التشكيليين السعوديين بأعمالهم وهمومهم الفنية إلى مستوى تجسيد معاناة الشعوب في اللوحات التي يشتغلون عليها ويستلهمون فيها مواضيع وقضايا من وحي المجتمع تارة ومن انعكاسات الحياة في شكل عام تارة أخرى، داعياً إلى تحويل ما وصفه ب«أبشع الصور» إلى لغة تعبيرية «ذات مضمون صادق وهادف، وأن يكون المضمون الذي يهدف إليه الفنان السعودي خصوصاً والعربي عموماً، هو الإنصات إلى صوت الضعفاء ورفض الظلم والموقف من غياب العدل، ونحن نشاهد في القرن الواحد والعشرين الظلم بأنواعه وقهر الضعفاء، إضافة إلى ما يحدث من مجازر طاولت الأطفال الأبرياء والمسنين والنساء الذين لا حول لهم ولا قوة في حروب على الأراضي العربية، ونخص منها ما يحدث في فلسطين وسورية حالياً». وأوضح العمري في حديث ل«الحياة» أن مجموعة الفن الهادف، التي يعد أحد المؤسسين لها وتترأسها التشكيلية مها أبواثنين، طالما استلهمت وتستلهم معاناة الإنسان المعاصر، مشيراً إلى أن على الفنانين السعوديين الاقتباس من تجارب هذه المجموعة الهادفة، وأن يتبعوا النهج الذي تتبناه، «إذ كان لهذا النهج أثر واضح في إخراج المعارض التي تتبناها المجموعة، وتهدف إلى تجسيد معاناة الشعوب، ومحاكاة الواقع الأليم، وإخراج كل ذلك في تعبيرية جميلة تلامس العاطفة وتحاكي الذات وتحاور العقل، إضافة إلى الاهتمام بالتفاصيل كافة التي تهم متذوقي الفن التشكيلي». من ناحية أخرى، وعن استعجال بعض التشكيليين إقامة معارضهم الشخصية الأولى، قال إن ذلك أمر طبيعي، «فالفنان إن كان لديه العدد الكافي من الأعمال ذات الطابع المميز من ناحية اختيار الفكرة المناسبة وتوحيد الأعمال وإتقان عمله فلماذا ينتظر؟!». وأضاف العمري أن الفن المميز «هو الذي يفرض نفسه على الساحة سواء مبتدئ أم محترف»، لافتاً إلى أن إرضاء الناس غاية لا تدرك «فالذي يعجب شخص لا يعجب الآخر، فمن باب أولى أن الشخص يتبع إحساسه ولا يلتفت إلى كثرة النقد، فكما قلت سابقاً العمل الجيد يفرض وجوده، لأن النقد نوعان، نقد هدام ونقد بنّاء، والأخير هو الذي يحتوي الفنان المبتدئ ويأخذ بيده ويشجعه، مع إعطائه النقد المطلوب من دون أن يجرحه أو يقلل من فنه، أما النقد الهدام فهو الذي يحبط الفنان بكثرة انتقاداته لعمله الفني أو في أفكاره، ولا يراعي التأثيرات النفسية التي تصيب الفنان». وذكر أن الفنان ليس له وقت للظهور، «لأن الفنان كتلة من المشاعر والأحاسيس تبلورها وتصوغها أعماله، فمتى ما كانت أعمال الفنان مكتملة من الناحية الإبداعية ومميزة من الناحية التفصيلية فإنه يستطيع إقامة معرضه الشخصي». وبخصوص المشاركة في المناسبات المختلفة، أوضح العمري أنه يشجع جميع الفنانين «على ألا يفوتوا فرصة المشاركة في المهرجانات سواء محلية أم خارجية، لأن الفنان مهما علا أو تقدم يظل يبحث دوماً عن التقنيات الجديدة والخبرات والأفكار المتقدمة والثقافات المتنوعة، من خلال احتكاكه مع فنانين مخضرمين ومحترفين من جميع دول العالم، وكذلك يعرّف فناني العالم على فنه». وتطرق عبدالعزيز العمري إلى بداياته في الفن التشكيلي، وقال: «كان تعلم الخط العربي هو البداية التي قادتني إلى عالم الفن، فبعد إجادتي الخط استهوتني الفرشاة والألوان، فأخذت أقرأ عن المدارس التشكيلية منذ الصغر، وبدأت جاهداً في تطبيق ما قرأته. ومع الممارسة أجدت استخدام الألوان، وأدخلت الخط في ما أرسم، فقد كنت شغوفاً بالمدرسة السوريالية لرسم ما يخالف واقعي». ولفت إلى أن هدفه لم يكن المشاركة بفنه وإظهاره للمجتمع، «كنت فقط أمارس هواية تشعرني بالسعادة والإنجاز، إذ إني كنت بعيداً جداً عن الوسط الفني.. وأشكر تلك اليد الخفية التي شجعتني إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه الآن، ومازلت أجد نفسي أحتاج إلى التطور والبحث عن كل ما هو جديد في عالم الفن وأسراره». وذكر أن أعماله الجديدة التي شارك ببعضها في معارض تشكيلية في جدة وسواها، تتجلى فيها «علاقة فنية بين الخط العربي والتدرج اللوني، الذي حمل في طياته الألوان الحارة ودخول العنصر اللوني البارد، ليصبح هناك تعايش لوني»، موضحاً أن التكوين النفسي «الذي يحوّر الخطوط والمنحنيات اللونية إلى لوحة فنية تصاغ من خلالها علاقة لونية متناسقة ومنسجمة، أعطى توازناً بين توظيف الخط العربي في اللوحة الفنية».