قال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح أمس، إن أسواق النفط بلغت نهاية منحنى نزولي حاد في الوقت الذي تتحسن فيه العوامل الأساسية ويستعيد العرض والطلب توازنهما. ودعا منتجي النفط من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) للمساهمة في تحقيق استقرار بالسوق، قائلاً إن دورهم مهم شأنهم في ذلك شأن دور أعضاء أوبك. فيما أشار إلى أن الطرح الأولي لشركة أرامكو النفطية الحكومية العملاقة المرتقب بشدة في الأسواق، سيتيح لها المشاركة في مشاريع تنقيب وإنتاج عالمية وخصوصاً في مجال الغاز، كما لفت إلى أنه سيتم قريباً اختيار موقع أول محطة نووية في السعودية. وقال الفالح في كلمة رئيسة في مؤتمر النفط والمال ال37 المقام في لندن، بحضور 450 شخصية تنفيذية بارزة في قطاع الطاقة من 40 دولة التي ركزت على الأوضاع الحالية والمستقبلية للأسواق النفطية: «لقد شهدنا جميعاً دورات الازدهار والركود التي تعدُّ سمةً لهذا القطاع، ونحن الآن على مشارف انتهاء دورة ركود مؤثرة، التي تلت فترة من التوسع والازدهار المبهر. وبعد أن تدنت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل، فإن أساسيات السوق آخذة في التحسن، والسوق تتجه إلى التوازن من جديد». وأكد أن عوامل العرض والطلب هي المؤثرة في تحول الأسعار، مشدداً على أن الاتجاه نحو توازن السوق النفطية تلقّى دفعة قوية بعد اتفاق الجزائر الذي أبرم الشهر الماضي بين الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، وسيتيح تعاون مع الدول المنتجة من خارج المنظمة في جميع أنحاء العالم. وعلى صعيد الإمدادات، أشار إلى أن الزيادات المتسارعة في الإنتاج من خارج المنظمة تراجعت بسبب الانخفاض الكبير في الاستثمارات المتعلقة بقطاع التنقيب والإنتاج، لافتاً الانتباه إلى أن هذا الانخفاض يتزايد بصورة متسارعة إلى الحدِّ الذي دفع العديد من المحللين الآن إلى قرع جرس الإنذار من نقص الإمدادات في المستقبل. وفي جانب استهلاك الطاقة، أشار الفالح إلى أن الطلب على النفط يشهد زيادة معقولة على رغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن الطلب الصيني على النفط يشهد في الغالب تغيراً مقارنة بحالة البطء التي كان عليها، خصوصاً مع زيادة الطلب في الصين من قطاع التصنيع إلى قطاع الاستهلاك. وفيما أشار إلى أن الاقتصاد الهندي يشهد أيضاً نمواً متسارعاً، مع وجود إمكانات كامنة كبيرة تساعد في زيادة النمو في الطلب، توقع أن تتجاوز زيادة الطلب على النفط الخام 4 ملايين برميل في اليوم في جميع أنحاء العالم حتى العام 2017. وفي معرض تحليله للتوقعات المستقبلية لقطاعي النفط والغاز، قال الفالح: «لا يساورني أيُّ شكٍّ في أن كلاً من النفط والغاز سيكونان المصدر الأساسي للطاقة على مدى عشرات السنين، حتى في ظل سعي العالم بأسره إلى التحول إلى منظومة طاقة عالمية جديدة، ولذلك فإن مستقبلاً مشرقاً ينتظر قطاع النفط وفرصاً كافية للنمو في ما يتعلق بالمشاريع الفردية في هذا القطاع». وشدد على أن قطاع الطاقة، في المستقبل المنظور، سيكون بحاجة إلى التركيز على أربع أساسيات: «تعويض الانخفاض الطبيعي للآبار القديمة التي وصلت إلى ذروة إنتاجها، والاستعداد لتلبية الطلب الإضافي على النفط، والقيام بدور محوري في الوفاء بالالتزامات المنبثقة عن مؤتمر الأطراف ال21 والأهداف المشتركة المتعلقة بالتصدي لظاهرة تغير المناخ، إضافة إلى الاستثمار في التقنية والابتكار من أجل خفض هيكل الكلفة، والتعامل مع التحديات المرتبطة بالحقول الجديدة المعقدة، وتقليل الآثار البيئية للوقود الأحفوري». وحتى يتمكن قطاع الطاقة من تحقيق هذه المتطلبات، أكد أن قطاع الطاقة بحاجة إلى إنفاق نحو 24 تريليون دولار في مجالات التنقيب والإنتاج والنقل المتعلقة بقطاعي النفط والغاز، مشيراً إلى أن على القطاعات المالية أن تعمل يداً بيد مع قطاع النفط لتحقيق هذه الاستثمارات على أرض الواقع. وفي المحور الأخير لكلمته، شرح الفالح الدعائم الأساسية لرؤية المملكة 2030 التي تتمثل في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وتعزيز دور القطاع الخاص، والتوطين الشامل للسلع والخدمات والوظائف، إضافة إلى البناء الشامل لقدرات الإنسان السعودي. وقال: «تمثل الخصخصة عنصراً مهماً من عناصر رؤية المملكة 2030، كما سيطرح جزء من أرامكو السعودية للاكتتاب العام، وسيتبع ذلك تخصيص أصول أخرى مملوكة للدولة، مثل المنافع والمطارات والموانئ وقطاع النقل، وهو الأمر الذي سيساعد في زيادة منظومة الأصول التي يملكها صندوق الاستثمارات العامة، إلى حوالى تريليوني دولار، في حين ستتم الاستفادة من هذه الأصول لتنويع مصادر الدخل للمملكة من خلال تنفيذ الاستثمارات داخلياً وخارجياً». وكان مؤتمر النفط والمال، كرم في الليلة الافتتاحية لأعماله المهندس خالد الفالح بمنحه لقب «أفضل شخصية تنفيذية في قطاع البترول لعام 2016». وارتفعت أسعار النفط بنحو واحد في المئة أمس مدعومة بمؤشرات إلى تراجع إنتاج الخام في الصين وهبوط المخزونات الأميركية فيما دعمت أيضاً السوق تصريحات متفائلة من «أوبك» في شأن خفض مزمع للإنتاج. وقال متعاملون إن انخفاض الدولار بوتيرة طفيفة دعم ارتفاع أسعار النفط أيضاً، إذ يجعل شراء الخام أرخص تكلفة للدول التي تستخدم عملات أخرى مما قد يحفز الطلب. وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج «برنت» في العقود الآجلة عند 52.42 دولار للبرميل مرتفعاً 74 سنتاً فيما صعد خام غرب تكساس الأميركي الوسيط 73 سنتاً إلى 51.02 دولار للبرميل. وفي الوقت الذي تستعد أكبر الدول المصدرة للنفط لمناقشة أول خفض للإنتاج في ثمانية سنوات الشهر المقبل فإن ضغط الانخفاض المستمر في أسعار النفط على المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة بات واضحاً. وانخفض إنتاج الصين من النفط الخام 9.8 في المئة إلى 3.89 مليون برميل يومياً قرب أدنى مستوياته في ست سنوات وذلك في ثاني أكبر تراجع على أساس سنوي في تاريخها. وأضافت زيادة في معدلات التكرير في أكبر مستهلك للنفط في العالم الشهر الماضي مزيداً من الدعم لأسعار الخام بجانب انخفاض الإنتاج. وكررت الصين 43.8 مليون طن (10.7 مليون طن) من النفط الخام في أيلول (سبتمبر) بارتفاع 2.4 في المئة مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. وأعلن معهد البترول الأميركي في وقت متأخر أول من أمس أن مخزونات الخام الأميركية انخفضت 3.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 14 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 467.1 مليون برميل. وكان من المقرر أن تعلن إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن البيانات الرسمية لمخزونات الخام والوقود في وقت لاحق أمس.