اختار المقدسي مصباح أبو صبيح أن يثأر لنفسه وللمسجد الأقصى المبارك بهجوم مسلّح استهدف إسرائيليين قبالة مقر الشرطة في القدس أمس، وأسفر عن استشهاده ومقتل شرطي وإسرائيلية وجرح ستة آخرين، واعتبرته فصائل المقاومة الفلسطينية رداً على جرائم الاحتلال. ويلقب أبو صبيح ب «أسد القدس والأقصى»، وعُرف بنشاطه في الدفاع عن الأقصى والقدس. ووفق وكالة «معاً» الفلسطينية للأنباء، فهو أسير محرر قضى في سجون الاحتلال 39 شهراً في شكل متقطع بتهمة «الدفاع عن الأقصى»، كان آخرها العام الماضي، وأفرج عنه في كانون الأول (ديسمبر) بعد اعتقاله مدة عام بتهمة التحريض على «فايسبوك» لنشره «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، و «أولادنا فداء للمسجد الأقصى». وبعد الإفراج عنه بفترة قصيرة، أعادت سلطات الاحتلال فتح ملف «اعتدائه على شرطي في منطقة باب حطة، أحد أبواب الأقصى». وكان مقرراً أن يسلم أبو صبيح نفسه صباح أمس لإدارة سجن الرملة لقضاء محكومية بالسجن أربعة أشهر، لكنه اختار طريق الشهادة، ونفذ عملية إطلاق نار في منطقة حساسة في القدس قرب قيادة شرطة الاحتلال ومحطة القطار في الشيخ جراح. وكان أبو صبيح تحدث لوكالة «معاً»، في اتصال هاتفي أجرته معه مساء أول من أمس، عن عذاباته مع الاحتلال الإسرائيلي، وكيف أجبرته الاستخبارات على تسليم نفسه لإدارة سجن الرملة بصورة مفاجئة صباح أمس، وكيف هددته باعتقاله إدارياً في حال التأجيل، علماً أنه كان من المقرر أن يسلم نفسه منتصف الشهر الجاري وفق قرار محكمة إسرائيلية. وأضاف: «سياسة الاحتلال معروفة قبل الأعياد اليهودية، لكن هذا العام تمادوا كثيراً... فلم يكتفوا بإبعادي عن الأقصى لمدة 6 أشهر... بل قاموا (قبل أسبوع) بإبعادي عن كامل القدسالشرقية لمدة شهر، وسلّموني قراراً يقضي بمنعي من السفر حتى نهاية العام، ثم قرروا ضرورة تسليم نفسي للسجن». وتابع أن «القدس تشهد في هذه الأيام تهويداً في شكل كبير، وتتعرض إلى هجمة غير مسبوقة من سلطات الاحتلال... إحنا عايشين بسجن، خلال أسبوع واحد اعتُقلت 5 مرات، وكانت لساعات أو أيام، تلاعبت الاستخبارات أمام القاضي في آخر اعتقال، فتقرر إبعادي عن القدس القديمة، لكنهم أصروا على إبعادي عن كامل القدسالشرقية». وكان آخر ما أوصى به وكتبه على حسابه على موقع «فايسبوك» قبل يومين عن الأقصى: «رغم سجونهم وحقدهم وجبروتهم وطغيانهم حبي لك يزداد... الحب الأكبر والعشق الأبدي حتى الممات... الأقصى أمانة في أعناقكم فلا تتركوه وحيداً». إسرائيلياً، سادت أجواء من التأليب ضد عائلة المهاجم، كما ثارت مخاوف من اتساع رقعة الهجمات مع اقتراب الأعياد اليهودية. وشهدت شوارع القدس انتشاراً أمنياً مكثفاً عقب الهجوم، واعتقلت الشرطة شقيق الشهيد تيسير وبعض أقاربه، وأغلقت بعض مداخل الأحياء والقرى، وعرقلت حركة المواطنين لنحو ساعة، فيما دعا نواب من الأحزاب الصهيونية المختلفة الشرطة إلى التشدد ضد ذوي منفذ العملية، ودرس إمكان سحب هويات السكن فضلاً عن هدم البيت، علماً أن الهجوم فاجأ المستوى الأمني، وقال مصدر في الشرطة إن العملية تعتبر جديدة في نوعيتها.