زاد انتشار حالات الفساد والغش والسرقة في محلات دمشق وأسواقها، في وقت تقف مؤسسات النظام «المتهالكة» موقف المتفرج كونها شريكة أو مهادنة لهذه الأمور، في وقت زادت معاناة الفقراء مع اقتراب الموسم الدراسي والأعياد. ولدى التجول في بعض المحلات، لوحظ انتشار مواد مغشوشة خصوصاً اللبن وزيت الزيتون حيث تباع بأقل من سعرها الواقعي بالتزامن مع إعلانات ل «جمعية حماية المستهلك» الحكومية عبر وسائل الإعلام المحلية عن «ضبط» عدد من حالات الغش و»إغلاق» العديد من المحال على خلفية ذلك، الأمر الذي لم يلمسه المواطن على أرض الواقع وفق شاب كان يتجول في أحد الأسواق وسط دمشق. من جانبه، قال أحد أصحاب المحلات التجارية إن «الكثير من المحال باتت لنافذين في النظام». ويضيف: «من سيجرؤ على معاقبتها، وحتى لو كان صاحب المحل شخصاً عادياً ماذا سيستفيد الموظف من كتابة ضبط». وما يؤكد ما سبق انتقاد المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة السورية عبد الرحمن قرنفلة لعمل «جمعية حماية المستهلك»، بقوله: «مثلت نمراً من ورق استمر بالتثاؤب من لحظة ولادته، ولم يلاحظ المستهلك أي نشاط يلامس مصالحه باستثناء الظهور الإعلامي الخجول لبعض المسؤولين في تلك الجمعية». كما انتشرت ظاهرة «التشليح» (الابتزاز) العلني للمواطنين في قلب العاصمة في مختلف الأوقات من قبل عناصر الميليشيات الموالية للنظام، أو من قبل منتحلين صفة عسكرية أو أمنية. وقد تطاول المواطن وهو في بيته أو محله، والشاب وهو في طريق ذهابه إلى عمله أو عودته، أو في الأسواق. ويروي أبو أمجد، وهو من سكان أحد أحياء دمشقالجنوبية، أن قائمين على أحد مكاتب «استقطاب المتطوعين» للقتال مع النظام، جالوا مؤخراً على المحلات التجارية، وطالبوا أصحابها بإبراز وثائق الملكية أو الإيجار وإيصالات الضرائب المالية، ويضيف: «غالبية أصحاب المحال كانت وثائقهم كاملة، إلا أن القائمين بالجولة طالبوهم بدفع مبالغ مالية. البعض شلحوه 10 آلاف ليرة وآخرون 25 بذرائع واهية من دون إعطائهم أي إيصالات بالمبلغ، وذلك تحت طائلة إغلاق المحل». (الدولار الأميركي يساوي حوالي 500 ليرة) ومع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، بسبب الغلاء غير المسبوق الذي تشهده البلاد، كان أيلول (سبتمبر) المنصرم «شهراً أسود» لغالبيتهم لمصادفة مواسم العيد، و»المونة» وافتتاح العام الدراسي خلاله. امرأة في العقد الخامس من عمرها تنحدر من جنوب البلاد، واعتادت في سنوات ما قبل الحرب على تكديس كميات كبيرة من «المكدوس» و»اللبنة» والزيتون وزيت الزيتون والبازلاء والفول والبرغل وغيرها... وتوزع كميات منها لأبنائها وبناتها، لكنها حالياً باتت تستذكر تلك الأيام استذكاراً فقط، وتتحسر على ما وصلت إليه أحوال العامة وتقول: «الله يرحم أيام زمان». «أم لؤي» أم لثلاث فتيات، وتشكو من التكاليف المرتفعة للاستعداد للعام الدراسي الجديد، الأمر الذي دفعها لاستعارة العديد من مستلزمات الأطفال من الأقارب والأصدقاء. وبخلاف سنوات ما قبل الحرب، باتت مناسبات الأعياد تشكل هماً للمواطنين، على خلفية الفقر الذي باتوا يعانون منه، ويقول أبو سعيد: «كيلو الحلويات يبلغ خمس آلاف ليرة. حتى الذي لديه إمكانية لم يشتري وفضل صناعته في المنزل كونه بذلك يوفر أكثر من نصف الكلفة. بالنسبة لنا ليست لدينا إمكانية لا للشراء ولا لصناعته. أسكتنا أطفالنا ببعض السكاكر». وتراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار خلال الحرب في شكل كبير ويصل حالياً إلى نحو 538 ليرة، بعدما كان قبل الأزمة 48 ليرة، بينما بقيت رواتب الموظفين تراوح مكانها ولا تتجاوز في أحسن الأحوال 40 ألفاً شهرياً.