جدد ممثلو أبرز أقطاب المجتمع الدولي، دعمهم لحل سياسي في سورية، وفق الرؤية التي طرحتها الهيئة العليا للمفاوضات أمس، تؤسس لمرحلة انتقالية تبدأ مع رحيل بشار الأسد وزمرته، تبقي على مؤسسات الدولة، وتخرج المقاتلين الأجانب كافة والقضاء على الإرهاب. وندد رئيس هيئة المفاوضات السورية رياض حجاب أمس في المؤتمر الذي استضافته السعودية في نيويورك بجرائم نظام الأسد، التي أدت إلى تهجير ومقتل الملايين من السوريين، مؤكداً أن فريق المعارضة يدرك أهمية تهيئة الأجواء الإيجابية، من أجل حل سلمي للأزمة في بلاده. وقال: «إن عملية الانتقال السياسي تتضمن المحافظة على مؤسسات الدولة، وأن رؤية الائتلاف للحل شملت تفاصيل المرحلة الانتقالية التي تمتد عاماً ونصف العام، تبدأ برحيل الأسد وجميع من ارتكب جرائم بحق السوريين، إضافة إلى خروج جميع المقاتلين الاجانب من سورية». من جهتها، رحبت السعودية الراعية للاجتماع بالحضور الحاشد من السفراء والمسؤولين، الذين أعربوا عن شكرهم المملكة، على الدعم الذي تقدمه للمعارضة المعتدلة، وجمعها الشركاء والحلفاء في سبيل إيجاد حل سلمي للأزمة. (راجع ص8) وقال سفيرها في الأممالمتحدة عبدالله المعلمي: «السعودية تساند الشعب السوري في تحقيق تطلعاته كافة، وتؤمن بأن الأسد لن يكون جزءاً من مستقبل سورية»، بينما أقر وزير خارجية قطر بأن الحالة في سورية بالغة التعقيد ولا يمكن استمرار الوضع الراهن، وأن رؤية المعارضة السورية تعكس التزامها بالحل السياسي، مؤكداً يقينه بأنه لن يكون للأسد أي دور في مستقبل سورية. وهي الرؤية التي ساندها ممثل الخارجية التركية، الذي أكد أن «النظام السوري وداعميه لا يرغبون في الحل السياسي، ولذلك يبتكرون معارضة مزيفة، لأنهم لا يرضون بغير الاستسلام، وسط ما يرونه من افتقار المجتمع الدولي للعزيمة على محاسبة النظام»، موجهاً حديثه إلى المعارضة بأن «المجتمع الدولي سينصركم». وفي المؤتمر الذي شاركت فيه دول عدة مثل فرنسا وألمانيا وأميركا وبريطانيا وهولاند، قال السفير الألماني: «إن نظام الأسد يقوم بتفكيك مؤسسات الدولة بإسنادها للميليشيات، ويجب على نظام الأسد والمعارضة أن يقدما التنازلات، وسنستمر في دعم المعارضة السورية»، فيما اعتبر السفير الفرنسي النظام السوري وداعميه يتعمدون خرق الهدنة، مبدياً عزم فرنسا على «تقديم الدعم لأية عملية انتقال سياسي في سورية، إذ الإرهاب يتغذى على سلوكيات نظام الأسد». ونوه السفير الأميركي في الاجتماع بوثيقة المعارضة السورية، لافتاً إلى أنها تعبر عن محتواها ووحدتها، وواجبنا إنهاء العنف وبدء الانتقال السياسي في سورية. إلى ذلك، أعلنت دمشق مساء أمس، انتهاء سريان الهدنة، بالتزامن مع تبادل واشنطنوموسكو الاتهامات عن خروقات الأسبوع الماضي، لوقف العمليات القتالية، وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن اجتماعات أميركية - روسية في جنيف لإنقاذ الاتفاق بين الجانبين، في وقت واصلت فصائل «الجيش السوري الحر» مدعومةً من تركيا التقدم في شمال حلب وسط حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خطة ل «تطهير» منطقة من الإرهابيين تساوي نصف مساحة لبنان. وأعلن الجيش النظامي السوري في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عند الساعة السادسة مساء الاثنين «انتهاء مفعول سريان نظام التهدئة الذي أعلن اعتباراً من السابعة مساء الاثنين الماضي بموجب الاتفاق الروسي - الأميركي». واتهم من سماها «المجموعات الإرهابية المسلحة» بأنها «ضربت عرض الحائط بهذا الاتفاق ولم تلتزم بتطبيق أي بند من بنوده». وتزامن صدور بيان الجيش مع عقد مسؤولين روس وأميركيين اجتماعاً في جنيف للبحث في إمكان استمرار وقف إطلاق النار، وفق ما أعلن الوزير كيري الذي قال إن «وقف إطلاق النار الأساسي صامد، لكنه هش»، قبل صدور البيان. وقال كيري إن روسيا أخفقت في تطبيق التزاماتها بموجب الاتفاق على هدنة مدتها سبعة أيام في سورية، إلا أن واشنطن مستعدة لمواصلة العمل عليها. واعتبر وزير خارجية فرنسا الاتفاق الروسي - الأميركي «الأساس الوحيد» للحل في سورية، على رغم «هشاشته». وقال قائد الجيش الروسي الجنرال سيرغي رودسكوي إن الولاياتالمتحدة لا تملك «وسيلةً فعالة للضغط على المعارضة في سورية»، مضيفاً: «على ضوء عدم احترام المتمردين وقف إطلاق النار، فإن التزام قوات الحكومة السورية به من طرف واحد لا معنى له». وتتبادل روسياوالولاياتالمتحدة الاتهامات منذ أيام حول إعاقة تنفيذ الاتفاق، إذ رأت موسكو أن واشنطن لم تفِ بالتزاماتها بالهدنة، خصوصاً في ما يتعلق بتحديد مناطق تواجد الفصائل المعارضة وعناصر «جبهة فتح الشام»، في حين هددت واشنطن بعدم التنسيق عسكرياً مع روسيا، في حال عدم إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة. وارتفع منسوب التوتر بين موسكووواشنطن بعد الضربة الأميركية السبت على مواقع للجيش السوري قرب مطار دير الزور العسكري، ما أسفر عن مقتل عشرات الجنود السوريين. وقال التحالف إن القصف حصل عن طريق الخطأ. ووصف الرئيس بشار الأسد، وفق «سانا»، وخلال استقباله وفداً إيرانياً رسمياً في دمشق، غارة التحالف ب «العدوان الأميركي السافر على أحد مواقع الجيش السوري فى دير الزور لمصلحة تنظيم داعش الإرهابي». وأعلنت لندن أمس، مشاركة طائراتها في الغارات. ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والفصائل الإسلامية المتواجدة في حي جوبر عند الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق. واستهدفت طائرات حربية سورية أمس وللمرة الأولى منذ بدء الهدنة الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب. كما قتل طفل الاثنين، جراء قصف قوات النظام قرية الليرمون في حلب، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال إنه وثق «مقتل 27 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال في مناطق سريان الهدنة» منذ الاثنين الماضي. وأعرب مسؤول تنسيق العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة ستيفن أوبراين الاثنين، عن «أسفه وخيبته» لعدم تمكن قافلة المساعدات من الانطلاق إلى حلب. لكن دخلت قافلة مساعدات مشتركة بين الأممالمتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري مؤلفة من 45 شاحنة إلى مدينة تلبيسة المحاصرة في ريف حمص (وسط) الشمالي، وكانت سبقتها الأحد قافلة أخرى من عشر شاحنات، وفق ما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر. إلى ذلك، قال «المرصد» إن «الاشتباكات تجددت بين عناصر داعش من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية المدعمة بالدبابات والطائرات التركية من جانب آخر، في ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث تمكنت الفصائل لليوم الثالث على التوالي من بدء المرحلة الجديدة من عملياتها العسكرية في ريف الراعي، من التقدم والسيطرة على قريتين جديدتين هما كدريش وصندرة، ليرتفع إلى 9 عدد القرى المسيطر عليها منذ أمس الأول». وأعلن الرئيس التركي عن تطهير «حوالى 900 كيلومتر مربع» من الأراضي شمال سورية من «الإرهابيين» ومنهم عناصر «داعش»، مشيراً إلى أن المساحة يمكن أن ترتفع إلى خمسة آلاف كيلومتر مربع عما قريب.