اتفق 17 شريكاً صناعياً وعلمياً ألمانياً أخيراً على تنفيذ مشروع يقضي بتحويل غازات الكربون المنبعثة من المصانع والمنشآت الصناعية في البلاد إلى مواد خام يمكن الانتفاع منها وإعادة تدويرها في الدورة الاقتصادية الحاصلة على أكثر من صعيد. وذكرت وزارة التعليم والبحوث الألمانية أن ثماني شركات صناعية تقوم حالياً، وبالتعاون مع خبراء «معهد ماكس - بلانك» و «مؤسسة فراونهوفر»، وكذلك مع عدد من الجامعات الألمانية، بتطوير حلول صالحة دولياً لتحويل غاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعث في الهواء إلى مواد خام مثل الفحم والبلاستيك والسماد الكيماوي. ويحتاج هذا التحويل إلى مادة الهيدروجين أيضاً التي يمكن إنتاجها بفائض الكهرباء من وسائل الطاقات المتجددة. وأورد بيان مشترك صادر عن هذه المجموعة أن المشروع المذكور يحمل اسم «كربون 2 كيم»، وأن الهدف الأول منه «العمل على استغلال 20 مليون طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون لهذا الغرض سنوياً، وتبلغ هذه الكمية 10 في المئة فقط من حجم الانبعاثات الصناعية السنوية في البلاد. وعلّقت وزيرة التربية والبحوث الألمانية يوهانا فانكا بالقول إن المشروع «يُظهر كيفية نجاح عملية الربط بين السعي إلى حماية البيئة والمناخ من جهة، والإنتاج الصناعي والبحوث والتطوير في ألمانيا من جهة أخرى». وأضافت أن المرء يضمن بذلك فرص العمل في قطاع المعادن، ويقوّي أيضاً الموقع الصناعي لألمانيا. ولفتت فانكا إلى أن النمو والازدهار مرتبطان إلى حد كبير بالصناعة المعدنية وب 90 ألف عامل فيها، إضافة إلى أن الآلات المنتَجة والمساكن التي تبنى تتشكّل من 43 مليون طن من المعادن التي ينتجها القطاع سنوياً. وحتى اليوم لا تزال ألمانيا أكبر منتج للمعادن في أوروبا علماً أن المنافسين الدوليين، خصوصاً الصين، يهددون أكثر فأكثر موقعها التنافسي هذا. وتبعاً ل «اتفاق باريس الدولي حول المناخ» الذي أقر في 12 كانون الأولى (ديسمبر) 2015 التزمت دول العالم بالعمل على منع ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من 1.5 درجة مئوية حتى منتصف القرن الحالي على أن يجري تحجيم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ابتداء من النصف الثاني منه إلى حد وقفها نهائياً. لذا يتوجب على القطاعات الصناعية التفتيش عن حلول لهذه الانبعاثات التي تتسبب في رفع درجة حرارة الأرض. من هنا يؤسس مشروع تحويل الانبعاثات إلى مواد خام يمكن تدويرها والاستفادة منها «لعلاقة تفاعل جديدة بين الإنتاج الصناعي وحماية البيئة والمناخ، ويتجاوب مع اتفاق باريس» على حد ما ذكرته الوزيرة الألمانية خلال حفل تدشين بدء العمل بمشروع «كربون 2 كيم» الكبير في ديسبورغ أخيراً. وسيمكّن نجاحه من تعميمه في مناطق ألمانية أخرى، وفي دول أخرى، وفي قطاعات إنتاجية مختلفة خلال العقد المقبل، بل وسيساهم في تطويرات صناعية جديدة للحصول على مواد خام بيئية نظيفة، على حدّ قولها. لذا قررت وزارة التربية والبحوث دعم بحوث المشروع بمبلغ 60 مليون يورو، وخصصت الشركات والمؤسسات القائمة به مبلغ 100 مليون يورو حتى عام 2025، إلى جانب تخصيص أكثر من بليون يورو لتحقيق المشروع تجارياً لاحقاً.