صمد رئيس الحكومة اللبنانية اللبنانية تمام سلام في اصراره على عقد جلسة مجلس الوزراء اليوم، ولم يستجب للوساطات ولا للتمنيات التي انصبت عليه من جانب عدد من الوزراء طالبته بتأجيلها، افساحاً في المجال للجهود الرامية الى تنقية الأجواء، بعد قرار «التيار الوطني الحر» بمقاطعتها احتجاجاً على «مخالفة القانون» كما قال رئيسه الوزير جبران باسيل. لكن سلام وعد بترحيل ما يسمى البنود الخلافية أو الحساسة عن جدول أعمالها، مع أنه أبلغ أكثر من وسيط بأن الجلسة ميثاقية، وأن لا صحة للذريعة التي يتلطى وراءها من قرر مقاطعتها، خصوصاً أن تأجيلها يفتح الباب أمام من يدعو لاحقاً الى تعليق الجلسات الحكومة. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية واكبت عدداً من الوسطاء «وسعاة الخير» الذين نشطوا على خط «السراي الكبيرة» الرابية، بأن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ومعه الوزير باسيل بقيا على تواصل مع قيادة «حزب الله» في محاولة لانتزاع موقف منها داعم لقرار «التيار الوطني» بمقاطعة الجلسة، خصوصاً بعدما تبلغ بأن لديها ظروفاً واعتبارات لا تسمح لها بالمقاطعة. لكن عون وباسيل رفضا التسليم بموقف حليفهما «حزب الله» الذي كان أبلغه الى حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي بدا حاسماً أمام زواره بأن الجلسة ستعقد في موعدها وأن لا مجال لتأجيلها. وازاء اصرار عون وباسيل على حشر «حزب الله» بقرارهما مقاطعة الجلسة، بادر الأخير الى ابتداع «تسوية» وضعت من جانب وزراء آخرين - كما تقول المصادر نفسها - بأنها ضربة على الحافر وأخرى على المسمار. وتبرع وزير «حزب الله» محمد فنيش للقيام بمحاولة أخيرة لدى الرئيس سلام وزاره ظهر أمس في «السراي الكبيرة» لهذه الغاية متمنياً عليه تأجيل الجلسة مع أن الحزب كان اتخذ قراره بالمشاركة فيها وأن الرئيس بري أحيط بموقفه هذا. لكن كان للرئيس سلام موقف آخر تجلى في اصراره على عقد الجلسة في موعدها - كما قال أحد الوزراء - ل «الحياة» لأن مجرد الرضوخ لطلب تأجيلها سيؤدي حتماً الى فتح الباب أمام العودة الى تعطيل الجلسات كما حصل في السابق. وتلازم اصرار سلام على عقد الجلسة مع ابقائه على نافذة مفتوحة أمام تكثيف المشاورات، عبر عنها بأنه ليس من الذين يبحثون عن مشكلة أو يركضون وراء تأزيم الوضع في داخل الحكومة، وبالتالي فهو على قناعة منذ اليوم لاختياره رئيساً للحكومة، بأن الإسراع في انتخاب رئيس جمهورية جديد يقطع الطريق على تمديد الشغور في الرئاسة الأولى الى ما لا نهاية، ويشكل المدخل الوحيد لتوفير الحلول للأزمات التي يرزح البلد تحت وطأتها. لذلك، وعد الرئيس سلام وبمبادرة ايجابية منه - كما تقول المصادر نفسها - بأنه سيبذل جهده لسحب المواضيع الخلافية في اشارة الى بند التعيينات المدرج على جدول أعمال الجلسة وهذا ما تبلغه منه الوزير فنيش الذي تحرك في اتجاه حليفه «التيار الوطني» واعداً في نفس الوقت بأنه وزميله الوزير حسين الحاج حسن سيشاركان في الجلسة. وعليه فإن الجلسة ستعقد اليوم لكن من دون نتائج يمكن ان تؤجج الخلاف مع «التيار الوطني» الذي يبدو أنه حشر نفسه في الزاوية عندما قرر مقاطعتها، وبات يبحث عن نصف «انتصار» لتبرير الدوافع التي أملت عليه اتخاذ مثل هذا القرار منفرداً وفي حسابه أنه يحشر حلفائه. مع أنه في المقابل أخفق في أن يوحي للبنانيين بأنه «الباب العالي» الذي يصدر أمر عمليات بتعطيل مجلس الوزراء. وهكذا تم التوافق على تقطيع الجلسة بأقل الخسائر السياسية وسيبقى النقاش فيها محصوراً ببنود عادية على أمل بأن يعاد الاعتبار لمجلس الوزراء الذي يرزح تحت وطأة التعطيل وعدم الإنتاجية. وكان رئيس الحكومة التقى في السراي الكبيرة، وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي محمد فنيش الذي قال: «بحثت مع الرئيس سلام التطور الذي حصل بعد موقف «تكتل التغيير والإصلاح»، ووجدنا أن من المناسب، وهذا مطلبنا وموقفنا، أن يتم تأجيل جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً (اليوم) الخميس لإعطاء فرصة للاتصالات ومحاولة لإيجاد مخارج كيلا نأخذ الوضع في البلد إلى التحدي والتصادم. هذا ما أبلغناه إلى الرئيس سلام كموقف من «حزب الله». وأشار إلى أن «الرئيس سلام استمع وقال إنه يدعم انعقاد الجلسة وسيكون حريصاً في إدارتها لئلا تذهب الأمور في اتجاه تجاوز غياب وزراء «التكتل». وعن المشاركة في الجلسة أجاب: «سأنقل هذا الموقف إلى الإخوان في «حزب الله»، فأنا كلفت وبطلب من الحزب أن أبلغ الرئيس سلام وفي ضوء ذلك سنتصرف. وحتى الساعة لم نتخذ القرار بالمقاطعة». من جهته طالب رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد رئيس الحكومة بتأجيل الجلسة، إفساحاً في المجال أمام الاتصالات والمشاورات بين مختلف مكونات الحكومة لتلافي بعض الالتباسات والمعوقات». وأوضح في تصريح، أنّ «هذا الطلب يأتي في ضوء تقدير «حزب الله» للتداعيات التي قد يثيرها الموقف الاحتجاجي والقرار الذي أعلنه أمس تكتل التغيير والإصلاح بمقاطعة جلسة الحكومة، وانطلاقاً من حرص الحزب على ضرورة إحاطة عمل مجلس الوزراء بمناخات الشراكة الإيجابية بين كل مكوناته وخصوصاً في هذه المرحلة». وفي هذا الإطار توجه وزير التربية الياس بو صعب في حفل توزيع منح لمتفوقي الثانوية العامة من السراي للرئيس سلام قائلاً: «كلنا شركاء ونريد مصلحة لبنان ولكن الشراكة لا تكون بتخطي رأي أحد ونعوّل على حكمتكم لتخطي الأزمة». درباس: التهديد بالمقاطعة موجه للشعب وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس: «دعيت لأحضر الجلسة غداً، وأنا سأشارك وجدول الاعمال معي، كما انني سألت الرئيس سلام وقال لي أن «الجلسة قائمة»، موضحاً ان «الاعتراض من بعض الافرقاء يكمن في انهم لا يريدون التمديد لقائد الجيش، فاذا صار هناك اتفاق على اسم القائد فنعيّنه واذا لم يتم الاتفاق فسيبقى يمارس قائد الجيش الحالي مهماته الى حين الاتفاق على اسم جديد». وأشار الى ان «الحكومة هي محصلة لكل القوى السياسية الموجودة، فإذا أراد بعض الفرقاء التنصل منها سيذهب البلد الى الفراغ وفقدان الوجود، فهي آخر جدار تحتمي خلفه الدولة اللبنانية، فكفى تهديداً بالتعطيل والمقاطعة، لأن هذا التهديد موجه للشعب اللبناني لا للدولة اللبنانية او للسياسيين».