تعيش الأسر السعودية بعد انقضاء شهر رمضان الماضي واستمرارية الإجازة الصيفية دورة يومية معاكسة، تتمثل في السهر المفرط واختلال في ساعات النوم التي عادة ما تكون حتى ساعات متأخرة من النهار. ويشكل هذا البرنامج الأسري اليومي أبرز ملامح «فعاليات» الصيف الحالية التي ستستمر حتى بداية العام الدراسي المقبل، وهي بمثابة «حمى سنوية» تغزوا المنازل مطلع كل إجازة صيفية، لتأخذ ذروتها في شهر رمضان المبارك وتمتد حتى نهاية الإجازة الصيفية. ويعد اختلال النوم في الإجازات الصيفية حكاية متجددة ذات عدة فصول، أبطالها أفراد الأسر وعقدتها التبعات الصحية والنفسية وساحات المختصين الحوارية، لتنتهي أخيراً بمعركة «تعديل النوم» قبيل الدوامات الدراسية أو الوظيفية والتي تصل أحياناً إلى العيادات الطبية. وفي الوقت الذي يجادل فيه الكثير من المختصين لتغيير هذه العادة أثناء الإجازات، نظراً لسوء تبعاتها الصحية على الجسم، يمارس غالب الأسر السعودية دورته المعاكسة الناتجة من تحررهم من الارتباط بمواعيد نوم واستيقاظ محددة، غير آبهين لتغيير إيقاع نومهم ودخولهم في دورة معاكسة للساعة الحيوية للجسم، متعذرين بصعوبة العودة إلى النظام الطبيعي، كون الجسم لديه القدرة على التأقلم مع تأخير مواعيد النوم والاستيقاظ أكثر من قدرته على التأقلم مع تقديم مواعيد النوم والاستيقاظ. وبحسب مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سراج ولي، فإن اضطراب وقت النوم ما بعد رمضان وأثناء الإجازات الصيفية قد يؤدي إلى اضطراب مزمن وأرق يستدعي تدخل طبيب مختص أو طبيب أمراض نفسية، لافتاً إلى أن القدرة على تغيير نظام النوم والاستيقاظ أثناء الإجازة وما بعد رمضان تختلف من شخص لآخر ومن فئة عمرية لأخرى بالطبع. وأضاف في حديثه إلى «الحياة»: «حديثو السن من الأطفال والمراهقين يمكن لهم تغيير نمط نومهم والتأقلم بصورة سلسة على نمط النوم الجديد الخاص بشهر رمضان في مجتمعنا بخلاف كثير من كبار السن، ولكن هناك بعض الأشخاص الذين يغلب على طبيعتهم التوتر أو رداءة النوم، والذين قد ينتهي بهم الأمر إلى اضطراب مزمن بعد قضاء شهر رمضان المبارك، ما قد يؤدي إلى الأرق المزمن واللجوء إلى طبيب النوم أو طبيب الأمراض النفسية لحل هذه المشكلة». وتابع: «يجب على الشخص أن يعتبر النوم من أهم الأولويات في حياته الاجتماعية العامرة بالمتداخلات، سواء العملية منها أم الاجتماعية أم الإلكترونية، فضلاً على الاهتمام بانتظام مواعيد الأكل وتجنب إدخال الطعام على الطعام». وأوضح ولي بأنه لكيلا يدخل المرء في دوّامة الاستيقاظ ليلاً والنوم نهاراً فعليه الاستعداد للنوم في الساعة 11,00 مساء مثلاً، فقبل ساعة النوم المحددة بساعة يكون لجأ إلى جو بعيد عن الضوضاء والإثارة والصخب، وبالتالي لا تأتي ساعة النوم إلا وارتفع الميلاتونين واستعد للنوم، وعند الاستيقاظ نهاراً وبعد صلاة الفجر لا مانع من أخذ غفوة بسيطة مدة ساعة، ثم يتعرض لضوء الشمس قدر الإمكان حتى تعود الساعة البيولوجية وتثبت هرمونات الميلاتونين. كما حث على تجنب القيلولة في تلك الفترة ما بعد رمضان حتى يمكن إثراء النوم أثناء النهار وجعله نوماً متواصلاً، مبيناً أنه إذا استمرت المشكلة بما يزيد على فترة الشهر وتفاقمت فينصح بزيارة طبيب اضطرابات النوم لعرض المشكلة عليه، إضافة إلى مراجعة إرشادات النوم الصحي والمتوافرة على الشبكة العنكبوتية. يذكر أن متفاعلين مع قضية اضطراب النوم في مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا بشكل واسع عدداً من الإرشادات لتجنب هذه العادة، مشيرين إلى أضرارها الصحية، التي من بينها أن عدم أخذ قسط كافٍ من النوم يؤدي إلى ظهور أعراض منها: التعب، القلق، التوتر العصبي، ضعف التركيز، سرعة الغضب، وبعض المشكلات الجلدية كالبثور، إضافة إلى أن قلة النوم تسبب خللاً في جهاز المناعة، كما أن السهر يؤدي إلى تشوهات نتيجة الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز مثلاً، إضافة إلى حدوث اسوداد تحت العينين، كما يؤثر في القلب (بالنسبة للرجال)، ويؤدي إلى حدوث سرطان الثدي (بالنسبة للنساء) إلى جانب إن السهر يؤدي إلى الأرق.