ما لم يكن هناك استشعار للصيام في الجنان لن تكتمل أركانه، فالجميع يعرف أن الصيام يهذب النفس، ويذكر بالفقراء الذين لا يجدون طعاماً فيُشفق عليهم، يتصدقون وتكثر الصدقات في هذا الشهر الفضيل، كما لا يخفى على الجميع أيضاً أن من واجبات الصائم البعد عن الكلام البذيء، لكن المصيبة أن البعض يمتنع عنها في عالم الواقع، ويفعلها وب«إتقان» عبر عالمه الافتراضي، مرة غيبة وبذاءة، وأخرى شتائم وسباب في عملية تناقضية، وفي اعتقاده أن جوارحه منعت عن الحرام وصامت! ويحدث كثيراً هذا الأمر في الردود التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقدمها موقع «تويتر»، الذي أصبح لصيقاً بأيام المجتمع السعودي، على رغم مزاحمة «سناب شات» له في الآونة الأخيرة. على سبيل المثال لا الحصر قال الشيخ عبدالله المطلق عبر رأي طُرح في «تويتر» إن «تفتيش الزوجات لجوالات أزواجهن تجسس وتسبب في 20 في المئة من حالات الطلاق» وهو ما أحدث كالعادة صراعاً كبيراً بين الرجال والنساء في أحقية كل طرف في تفتيش جوال الآخر، إذ إن البعض قال لو إن زوجته قامت بتفتيش جواله لقطع يدها، واقترح آخر حلا لذلك أن يضع رقماً سرياً، فيما قالت أخرى إن مصائب الرجال كبيرة في الجوالات، ولديهم أجهزة أخرى تحت مقعد السيارة، والمسألة طالت إلى أن شارك أحدهم في الردود معتبراً أن تجسس الرجل على جوال زوجته هو نوع من الولاية التي هي حق له عليها مقرناً ردوده بالشتيمة، ثم بدأ ينهال الكلام البذيء في جو من الفضاء الرمضاني وأثناء صلاة التراويح «القائمة» حينها. ويبدو أن سيل الشتائم أثار أحد «المغردات» فقالت للشاتم: «إن كنت ترى أن هذه ولاية فلماذا لا تؤدي صلاة التراويح مع المسلمين في المسجد»؟ فما كان من الشاتم «المفتي» إلا أن قال لها إن صلاة التراويح سنة والرد أعظم أجراً من صلاة التراويح مختتماً تغريدته هي الأخرى بشتيمة! هذا غيض من فيض عالم «تويتر»، والبرامج التطبيقية الأخرى، معرفات مجهولة وألسنة فضائية كالسكاكين تفسد أخلاقيات المسلم وتجرح الإيمان، فما بالك في شهر الصيام وروحانية وقدسية رمضان؟ ولله في خلقه شؤون.