خلال أيام شهر رمضان المبارك تسابقت القنوات الفضائية في إعلان جديد المسلسلات والبرامج، التي تنوعت في أهدافها بين هادف وساخر، منها ما كان في محتواه خارجاً عن الهدف الواضح وربما كانت لمجرد التسلية وقضاء الوقت، وقد ينال هذه البرامج التطور والتغيير شأنها شأن بقية البرامج من تعديل في القديم وتبديل للأفكار حتى تتلاءم مع ما يهمّ المشاهد العربي من جعلها ذات فائدة وقيمة. ومن ضمن ما يعرض هذا العام برنامجان لفتا الانتباه وانقسما بين المشاهدين باعتبار أنهما نقيضان، أحدهما يحمل هدفاً وفكرة والآخر فارغ من دون غاية، ويعتبر برنامج «النيران المشتعلة في الضيوف» برنامجاً مليئاً بالاستهتار والسخرية الزائدة على الضيوف ففي كل حلقة تعرض ما يهدد سلامة الضيف بشكل ترهيبي مفزع تتقدمه مقدمة المذيع بالألفاظ النابية والكلمات الخارجة عن إطار الأدب بالسخرية بالضيوف والاستهزاء بهم، ويبقى الأغرب هو نسبة المشاهدات العالية للبرنامج التي فاقت الملايين من المشاهدات اليومية للبرنامج. ودون النظر إلى الألفاظ الخارجة والشتائم التي ينطق بها المذيع والإيحاءات غير المناسبة نجد أنه يعتمد هذا الأسلوب الرخيص من أجل تحقيق شهرة أكبر يكسر بها الصورة الخاصة به، التي تصل إلى حد السب والقذف والتشهير بالضيوف بل وزاد على ذلك أنه قام بالإساءة إلى كل الأجناس وأشكال الناس وأوزانهم وأسمائهم، بصورة غير لائقة لعرضها لكل الأعمار المشاهدة للبرنامج. وفي الجانب الآخر، يأتي برنامج «الصدمة» الذي يعرض جانباً سلبياً بطريقة «الكاميرا الخفية» لملاحظة ردة فعل العامة في الشارع على هذا التصرف السلبي وأخذ الآراء بعد ظهور الكاميرا أمام الناس وطمأنتهم بأنها مجرد مزحة لمعرفة رأي الناس على ما يحدث، بعكس برنامج «الكاميرا الخفية» التقليدي، الذي يعمل على تحقيق الجانب الكوميدي بعيداً عن وضع حل لهذه المشكلات والآفات، التي ترسّخت في المجتمعات الشرقية عموماً، والعربية خصوصاً، ويستهدف «الصدمة» عيّنات من دول مختلفة، منها العراق ومصر والإمارات ولبنان والسعودية، وتتباين ردود الأفعال من دولة إلى دولة أخرى، بحسب ظروف كل مجتمع. ويبقى الاختيار للمشاهد في إدارة دفة القنوات أمامه، واختيار الوجهة التي يريدها سواء ببرنامج هادف ومفيد أم ببرنامج ساخر هدفه الأول الشهرة وهدر الوقت بعيداً عن الجدية، وله الخيار أيضاً في إغلاق الشاشة وكسب استراحة بعد الصيام، وحرصاً على حِفظ وقتي ووقتك في هذا الشهر الكريم، اختر بعض البرامج التي «تحترم عقلك»، وتستحق أن تقضي بعضاً من وقتك في مشاهدتها.