الأهلي السعودي والأهلي المصري يودعان خالد مسعد    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبد المحسن على أحد طرق مدينة الرياض    الدكتور الربيعة يلتقي ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي    6 مليارات ريال صادرات الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية في 2023    سمو أمير منطقة عسير يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36439    الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الرابع من أعمال السنة الرابعة للدورة الثامنة    ضغوط تجبر نتنياهو على تجنب غزو رفح برياً    التخصصي يعالج حالة مستعصية من الورم الأصفر بعد معاناة 26 عاما    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد غداً انطلاق بطولة العالم للبلياردو    هييرو يبدأ مشواره مع النصر    اجتماع حضوري في الرياض على هامش أوبك يضم السعودية وروسيا والإمارات و5 دول أخرى    الحزن يخيم على ثانوية السيوطي برحيل «نواف»    المملكة تسجل أقل معدل للعواصف الغبارية والرملية لشهر مايو منذ 20 عاماً    التجارة تدعو لتصحيح أوضاع السجلات التجارية المنتهية تجنبا لشطبها    خادم الحرمين ومحمد بن سلمان لولي عهد الكويت: نهنئكم بتعيينكم ونتمنى لكم التوفيق والسداد    مواطن يزوّر شيكات لجمعية خيرية ب34 مليوناً    تغطية كامل أسهم الطرح العام الثانوي ل أرامكو للمؤسسات خلال ساعات    وحدات تأجيرية للأسر المنتجة بمنى وجبل الرحمة    الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    أمير الرياض يستقبل زبن المطيري المتنازل عن قاتل ابنه    «رونالدو» للنصراويين: سنعود أقوى    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    بونو: قدمنا موسماً استثنائياً    التصميم وتجربة المستخدم    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود الدور الإقليمي التركي و... أوهامنا
نشر في الحياة يوم 03 - 07 - 2010

لم ينقطع سيل التحليلات عن وهم التحول التركي؛ مرة باتجاه محاولات استعادة الخلافة، أو استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، أو إعلان الطلاق مع هويتها الغربية واستبدالها بهوية شرقية.. إلخ من إطلاق للكلام على عواهنه.
فبين شقوق الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، عرفت تركيا كيف تستفيد في تهيئة المكانة الإقليمية لدورها المتنامي في المنطقة، واكتسابها قبولاً شعبياً، إضافة إلى عدم رفض توجهاتها لتخطي كل مشاكلها مع جيرانها الإقليميين ضمن «سياسة صفر مشاكل» في محيط علاقاتها الرسمية العربية والإقليمية في نطاقها «الشرق أوسطي»، وذلك كنتاج لعدم حسم الأوروبيين لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، بعد مضي نصف قرن على تقديم أنقرة طلب الانضمام إلى نادي الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي حدا ويحدوها للتطلع شرقاً في محاولة تعويضية، ولكن من دون فك شراكاتها مع الغرب، أو قطعها لكامل علاقاتها بإسرائيل، وهي في كل الأحوال ليست في وارد التوقف عند حدود حسم خياراتها بين ثنائية انتمائها الأوراسي، إذ أن مصالحها القومية، كما مصالح بورجوازيتها القومية، ليست في وارد القطع مع كل الأطراف التي تؤمن استمرارية وتواصل تلك المصالح شرقاً وغرباً على حد سواء، بقدر ما هدفت الحكومة الحالية وتهدف، هي ومن يقف خلفها، ووفق ما أضحت تمثله من مصالح قوى عديدة في البانثيون السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ مدنية وعسكرية، بأن يؤدي دورها الإقليمي المتنامي؛ لدعم وتسريع خطوة دخولها الاتحاد الأوروبي، وهو هدف لا تستطيع التخلي عنه، بل هو حلمها الطامح للإبقاء على مستويات عليا من التطور الاقتصادي، وازدهار استقرارها وتنمية مجتمعها في محيط إقليمي ودولي غير مستقر.
وإذا كان من مفارقة الموقع والدور لتركيا الحديثة/ الجديدة، في مزاوجة تحالفاتها الاقتصادية – العسكرية وبرضا المؤسسة العسكرية، فإن تحولات السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بدأت تصب في خانة تصليب موقف نظام سياسي، عرف كيف يستفيد من كل الأطراف داخلياً وخارجياً، وعلى كل الأصعدة، كي يقدم خدماته كذلك؛ وبالتساوي والتشارك مع كل الأطراف التي أفسحت له المجال كي يقدم للشرق ما يريد أو بعض ما يريد، وهو الشرق العاجز عن الخروج من شرنقة السياسات العقيمة، وإلى الغرب ربما أكثر مما قدمته السياسات القديمة لتركيا أيام الحرب الباردة، حين كانت أكثر طواعية وانسجاماً تجاه السياسات الجيو - استراتيجية للغرب، وحيث باتت الرؤية الاستراتيجية الجديدة للبورجوازية القومية التركية، وسلطة حزب العدالة والتنمية، والعديد من أطراف الداخل الاجتماعي التركي، بما فيها سلطة العسكر الحارس الأمين للنظام العلماني، لا ترى كبير تعارض، بين علمانية النظام وتديّن بعض أطرافه، الحاكمة منها والمندمجة في مصالحها الاقتصادية والاجتماعية مع نخب النظام وبورجوازيته القومية، طالما أن الجميع يصدر عن مصالح قومية متناغمة، تميل إلى التصالح، وإقامة نوع من التوازن الدقيق بين شبكة العلاقات البينية – الداخلية ومع الخارج، لترسي استقراراً قل نظيره في حياة النظام التركي الحديث، ما بعد رحيل أتاتورك؛ على رغم بقاء المسألة الكردية من دون حل حتى الآن.
على رغم ذلك، فإن تحولات السياسة الخارجية التركية، لم تُرس بعد الملامح الكاملة للدور والسياسة، كحامل رئيس من حوامل المشروع الاستراتيجي التركي الذي ما يني يتأسس وفق أنماط التحالفات القديمة إياها؛ الأطلسية الغربية عالمياً من جهة، وتحقيق طموحات إقليمية على جبهة الشرق من جهة أخرى، وذلك على رغم التعارضات الناشئة مع إسرائيل، مما تستدعيه شروط التحالفات الإقليمية شرقاً، من دون الوصول بها إلى حدود القطيعة الكاملة، مع حليف بمواصفات الحليف الإسرائيلي الأكثر موثوقية وحيوية واحتضاناً من جانب الغرب عموماً، على ما عبّر أخيراً وبوضوح قاطع وفاقع رئيس الوزراء اليميني الإسباني السابق، حليف بوش في حربه على العراق، خوسيه ماريا أزنار، في دفاعه المستميت عن وجود إسرائيل كضامن من ضوامن المصالح الغربية، حين اعتبر سقوط إسرائيل بمثابة ضياع استراتيجي لمصالح وطموحات استراتيجية مهمة يرتكز المشروع الغربي في المنطقة على وجودها واستمرارها، كركيزة استراتيجية مهمة. وتركيا النظام الحالي هنا وفي هذا المجال، ليست في صدد التصادم مع إسرائيل المعرّفة هنا وفق أزنار، بقدر ما هي معنية بتحجيم الدور الإقليمي الإسرائيلي والحد من صلفه وغروره، كون مشروعها ودورها الإقليميان لا ينهضان إلاّ على أنقاض مشروع إسرائيلي ضعيف ومعزول، وهذا قمة الحلم والطموح.
لهذا بالتحديد، فإن رؤية المشروع التركي لدوره الإقليمي، لا يُفارق إطار الاقتصاد، ولا يتعداه إلى أية أبعاد سياسية، أو يطاول الاستراتيجيا الكونية، ذلك أن الاصطدام بالمشاريع الكونية لن يضيف إلى المصالح القومية لتركيا، بل على العكس سيلحق بها أضراراً لا تسعى إليها أنقرة، من حيث لا تريد الإضرار بالمشروع الأميركي وسياساته في الإطار الإقليمي العربي أو نطاقه «الشرق أوسطي». من هنا تأكيد السياسة التركية في كل أدوارها التي لعبتها حتى الآن، على إقامة نوع من توازنات دقيقة، أخذت وتأخذ في الاعتبار مصالحها القومية أولاً، ومصالح حلفاء لها في الفضاء الأوراسي الإقليمي والدولي، لا تسعى ولا تستطيع كسب عداوتهم على مذبح إرضاء الأوهام القوموية أو إرضاء النزعات والغرائز الإسلاموية، تلك التي لا تجيد غير الانتظار والتواكل، وإجادة مضغ الأوهام، واعتماد العجز والتواطؤ سياسة لها الأرجحية، وبالأخير لا تجد أمامها سوى وقائع تصفع رغباتها، لتنفي وجود «المخلّص» الذي يتبنى قضاياها إلى حد التماهي بها ومعها، بينما نحن نقتعد قارعة انتظار غودوية، أدمنّا وندمن رؤية ما تهيئه لنا من مزيد الإخفاقات والنكوص عن دروب الحداثة والاستنارة والمعاصرة، وهي شرطنا الأول للدخول إلى عمق قضايانا ذوداً عنها والكفاح من أجلها، لا من أجل تكريس استبدادية السلطة والسلطان.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.