رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: مشاوراتنا في السعودية ستثمر قريباً    هل يؤثر إنقاذ الرهائن على خطة بايدن في غزة    هزيمة قوية تدفع ماكرون للانتخابات    أوكرانيا تستخدم قواعد ناتو لطائراتها وروسيا تسميها أهدافا مشروعة    الملك وولي العهد يهنئان رئيس البرتغال بذكرى اليوم الوطني    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    كاسترو يحسم موقف لابورت    رحيمي حلم النصر لتعويض ماني    القبض على مخالفين لنظام الحدود لتهريبهما 24 كيلوغرامًا من الحشيش في نجران    أمير الباحة يكرّم عدداً من القيادات الأمنية نظير إسهاماتهم وجهودهم المميزة    قصف نازحين في مواصي رفح.. إسرائيل ترتكب 5 مجازر جديدة    السجن والغرامة والتشهير والترحيل ل 10 مخالفين لنقلهم 71 مخالفا ليس لديهم تصريح بالحج    الأمن العام: جاهزون لردع من يمس أمن الحج    مفتي المملكة: تصريح الحج من تعظيم شعائر الله    ضبط 1.2 طن خضروات تالفة في سوق الدمام المركزي    وزير الخارجية يصل روسيا للمشاركة في اجتماع مجموعة بريكس    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    مانشيني: سنخوض "كأس الخليج" بالتشكيلة الأساسية    محافظ هيئة الاتصالات يتفقد خدمات الاتصالات والتقنية في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    حاجة نيجيرية تضع أول مولود بالحج    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف    الطاسان نائباً لرئيس جمعية إعلاميون وانضمام 3 أعضاء لمجلس إدارتها    «الموارد البشرية»: بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتباراً من 15 يونيو    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    سمو أمير الباحة يستقبل مساعد وزير الرياضة ويبحث احتياجات المنطقة    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمدي نجاد والصفحات الأخيرة
نشر في الحياة يوم 07 - 06 - 2010

التاريخ يُعرِّف الطغاة بأنهم «أشد الناس غباءً»، خصوصاً هؤلاء الثوريين الذين أضافوا لانقلاباتهم بعداً آخر للطغيان لم يكن معروفاً إلا في التاريخ الحديث والمعاصر. فهؤلاء يشهرون أسلحتهم على بني قومهم أو ملّتهم لكنهم ينهارون أمام أعدائهم الحقيقيين في لحظات. وكل ذلك من أجل تحقيق طموحاتهم وأطماعهم التوسعية التي لم تنجح إلا في خيالهم المصاب بجنون العظمة. صدام حسين حارب إيران ثماني سنوات لكنه قبع في حجرة مستسلماً لقدره في حين سلّم نظامه البلاد والعباد للاحتلال في ساعات معدودة. وآخر قبله حارب في اليمن خمس سنوات ثم انهار أمام إسرائيل في خمس ساعات، على رغم أن البعض لا يزال يحاول تجاوز ألم هذه الهزيمة تاريخياً فيطلق عليها «حرب الأيام الستة» بدلاً من حرب الساعات الخمس!
ولكن أن تبلغ المأساة ذروتها حين يُقر كل طغيان باسم الإسلام من أجل إضفاء شرعية على الأطماع التوسعية، فهذا ما يجب على التاريخ أن يقف له بالمرصاد كي لا ينجح في تحقيق أهدافه التاريخية.
عندما استقلت الهند عن الاستعمار البريطاني أصبحت نموذجاً للديموقراطية في الشرق، بينما تتردى باكستان إلى الهاوية وهي ترفع راية الإسلام تحت مظلة الانقلابات العسكرية، فلا يكاد يستقر فيها حكم مدني إلا ويسارع الانقلابيون من العسكر إلى القضاء عليه!
حقيقة أقولها من التاريخ: إن السلطة مفسدة، أما السلطة المطلقة فهي مفسدة مطلقة، هذا ما يجب أن نتعلمه من التاريخ، أم أن هناك رأياً آخر؟
هذا ما آلت إليه أوضاع البلاد الإسلامية في تاريخنا المعاصر على رغم أننا لا نزال نرفع راية الإسلام! خصوصاً في تلك البلاد التي تحاول أن تفرض هيمنتها التوسعية باسم الإسلام، والإسلام منها براء.
إن ما يقوم به اليوم النظام في إيران برئاسة أحمدي نجاد لا يمثل في الواقع التاريخي عند قراءة الأحداث سوى الصفحات الأخيرة التي شارفت على الانتهاء ليطوى بعدها تاريخ نظام الملالي وحكمه الطاغي للشعب الإيراني المسلم الذي لم يجنِ من وراء نظامه سوى الحروب ومحاولة إقحامه في شؤون الآخرين وتضييق الخناق عليه باسم الدين وتشريعات «الولي الفقيه».
النظام السياسي الذي يفقد سلطته الداخلية على مجتمعه يحاول تعويض ذلك بالقفز السريع إلى الخارج من أجل أن يلفت الانتباه إليه من طريق إثارة المشكلات وافتعالها مع جيرانه أولاً ثم مع المجتمع الدولي. وهذا ما يفعله ولا يزال نظام طهران فهو يهرب من مشكلاته الداخلية مع مجتمعه من تدهور على المستوى الاقتصادي، وانتشار للفقر والبطالة، وتضييق الخناق على المجتمع الإيراني من خلال سلطة ظلامية لا تُعرف حتى اللحظة هوية من يتخذ فيها القراراتِ الصعبةَ والمهمة، فتقفز بكل مشكلاتها الداخلية إلى الخارج لتوهم المجتمع الدولي بأنها لا تزال «طاووساً» فارسياً ينفش ريشه الملون الخادع للبصر بين حين وآخر، لكنه في الواقع «أضعف» بكثير من أن يحاول مجرد الإقدام الفعلي على اتخاذ أية قرارات صعبة يعرف تماماً ما قد تكلفه نتائجها إن أقدم على فعلها.
إن نظام طهران السياسي بزعامة أحمدي نجاد لا يمكن أن ينكر أو يتنصل تاريخياً من التزامه بالفكر السياسي للخميني مؤسس الثورة الإيرانية، والذي ارتبط فكره على مستوى الإدارة السياسية الخارجية لإيران بقضايا أعم وأشمل تتصل بضرورة العمل على تصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة إقليمياً لإيران، وعلاقاتها مع الأنظمة الملكية والوراثية في الدول الخليجية أو العربية في شكل عام.
السياسة الخارجية لإيران يبرز فيها التناقض الواضح بين ما تراه مصلحة قومية لها وبين التزامها الأيديولوجي بخط الخميني، إلا أن هذا التناقض قد زال تماماً في عهد أحمدي نجاد فأصبحت مصلحة إيران القومية في عهده تعني التزامها الأيديولوجي بخط الخميني على مستوى السياسة الخارجية، فظهرت أطماع إيران التوسعية في عهد احمدي نجاد واضحة تماماً من خلال محاولة نظامه التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول المجاورة، ومن خلال تصعيد لهجة التهديدات، خصوصاً ضد دول الخليج العربي، والتي تطلقها حكومة طهران كلما شعرت بخطر اشتداد الضغط الدولي عليها في محاولة منها لإقناع وإيهام ذاتها بأنها لا تزال الدولة الأقوى والمؤثرة على المستويين العربي والدولي.
نظام طهران يحاول اليوم جاهداً إعادة تحقيق ماضي أمجاد تاريخه الفارسي، فيوهم ذاته بقدرته على التوسع خليجياً وعربياً وإقليمياً من أجل أن تصبح الإمبراطورية الفارسية في التاريخ المعاصر هي الأجدر على مستوى المنطقة في التصدي والوقوف أمام أطماع الإمبراطورية الرومانية الممثلة من وجهة نظرها في أميركا والدول الغربية الحليفة لها. ولكن هذا الحلم الإيراني الفارسي تستفيق منه دائماً حكومة أحمدي نجاد على واقع مجتمعها الداخلي المرير الذي بدأ يضيّق الخناق عليها فتهرب منه إلى التخبط على مستوى سياستها الخارجية، فتعادي وتتحدى المجتمع الدولي بالأقوال وليس بالأفعال، ما يعطي دلالة تاريخية على مدى إحساسها بالعزلة واليأس، وعلى نجاح مفعول القرارات الدولية في شأن سياستها وشأن مفاعلها النووي.
إن المجتمع الإيراني المسلم يختلف عن بقية المجتمعات الإسلامية، فهو في اللحظة الحاسمة قادر على قول كلمته الفصل في حق أي نظام سياسي عبر في تاريخه ولم يستطع حراسته والدفاع عنه، أو توفير متطلباته، أو أثبت أنه لا يصلح لمجابهة ومقاومة التحديات الخارجية. فنظام الإثنية المزدوجة في إيران بما تشمله مؤسساته السياسية والعسكرية والدينية من «حرس ثوري» وجيش ومحاكم ثورية ومحاكم رجال الدين و «حزب الله» ومجلس صيانة الدستور وخطباء الجمعة وغيرهم سيذكرهم تاريخ إيران العريق على صفحات الطغاة الذين لا يزالون يثبتون للتاريخ والأجيال القادمة أنهم لم يكونوا يوماً ما مؤثرين في إرادة الشعوب وقناعاتها.
* اكاديمية سعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.