"سالم الدوسري" يشارك في التدريبات الجماعية .. "والشهراني" يواصل تأهيله    «الموارد»: دعم أكثر من 12 ألف مواطن ومواطنة بالشرقية    6.41 مليون برميل صادرات السعودية من النفط    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    عودة الصور المحذوفة تصدم مستخدمي «آيفون» !    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان النبهاني في وفاة والدته    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    هوساوي يعود للعميد من جديد    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تحصل على اعتماد برنامج زمالة جراحات السمنة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    دعم الاقتصاد    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    بعد وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرة.. مخبر رئيساً مكلفاً للسلطة التنفيذية في إيران    بعد وفاة رئيسي.. لا تغيير في السياسة الإيرانية    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    الراجحي يصدر قراراً بتعديل تنظيم العمل المرن    حلول السلامة الذكية وطائرة «بارق».. «الإلكترونيات المتقدمة» تستعرض قدراتها التصنيعية    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - القطري    تعزيز العلاقات مع "تحالف الحضارات"    استثمار التقنيات الرقمية في قطاع الطاقة.. «أرامكو السعودية» تعزز ريادتها في الحوسبة الكمية    طموحنا عنان السماء    إحباط تهريب 200 كلغ من القات المخدر    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية    أمير الرياض يستقبل منتسبي جمعية المتقاعدين    فراق زارعة الفرح    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبر وملح - 60 مارسيل خليفة
نشر في الحياة يوم 03 - 06 - 2010

ليلة أخرى لأجل فلسطين كنا فيها معاً على منصة الشعر والغناء.
هذه المرّة في عمّان، بعد دبي والبحرين، وكان ثالثنا غائبنا الحاضر دوماً محمود درويش.
لأجل فلسطين ولأجل توأمه الإبداعي كسر مارسيل خليفة بعضاً من قواعده الصارمة فامتشق عوده ويمّم صوب الأردن بلا «ميادينه» وبلا «أوركستراه» ليغني وحيداً إلا من عوده في حفل ريعه لصالح طلبة فلسطينيين.
كانت حقّاً ليلة لفلسطين ولمحمود درويش الذي لم يحضر فقط شعراً وطيفاً وإبداعاً يذهب عميقاً في الوجدان والمدى، بل أيضاً من خلال شقيقه أحمد واصدقائه أحمد الطيبي، جمانة وجواد بولس، إيلين وغانم زريقات وسواهم ممن جاؤوا من جهات القلب كافة لينصتوا الى الشعر والغناء في مرتبة وجدانية وروحية بالغة النقاء.
بعد أسبوع واحد من اليوم في العاشر من حزيران (يونيو) يبلغ مارسيل خليفة الستين من عمر أفنى جلّه رافعاً صوته وموسيقاه لأجل الإنسان. فهذا الفتى الستيني الذي لم يذبل ولم يتعب أعطى فلسطين مثلما أعطى لبنان وكل العرب زاداً إبداعياً أشبه بخميرة صالحة لكل معجن تواق الى رغيف ثقافي فني جمالي نظيف. ويبدو أن الستين زادته خبرة وصفاء إذ كان صوته تلك الليلة في أوج الحب والحنان مثلما كانت أوتار عوده الذي يظل شاباً مهما تقادمت به الأيام والمقطوعات والامسيات.
يستحق مارسيل أن نحتفل جميعاً بعيده، هو الذي كان يوم مولده عيداً للالتزام الفني الراقي مهما أمعن فيه البعض نقداً أو تجريحاً. فما من التزام إبداعي أرقى من الالتزام الحر الذي ينحاز الى الإنسان كقيمة مستقلة في معزل عن الأيديولوجيا والعقائد والجنسيات والأعراق. وهو كما قالت عنه رابعة تلك الليلة «كان العدو يربينا على الحقد والبغضاء وكان صوته يربينا على الأمل والحرية وحب الحياة».
في الواقع لم أكن أصغي لرابعة الزيات وهي تلقي كلمتها كرفيقة وزوجة وأم لأولادي بل كإنسانة عربية تجرّعت كأس الالتزام منذ نعومة أحلامها – وهي ابنة بيت أنجب أحد أوائل القوميين العرب الراحل محمد الزيات – وثابرت على تطوير تجربتها انسانياً ومهنياً حتى بات الالتزام بقضايا الإنسان أنى كان أحد دعائم شراكتنا الحياتية والفكرية. وها هي التي حفظت أغنيات خليفة والميادين طفلة في ميادين صور وملاجئها تقف على منبر «مؤسسة فلسطين الدولية» بكل ثقة وثبات لتقدمنا الى نخبة لم تبخل علينا بالتصفيق والمشاعر الحارّة الجيّاشة.
حين صعدت الى المنصة لم يفاجئني مستوى الإنصات والتفاعل ولا طريقة تلقي القصائد والتجاوب معها. ذلك أن الشعر بات بفضل أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وفدوى طوقان وسواهم مكوناً عضوياً من مكونات الذات الفلسطينية وعلامة من علامات الهوية الوطنية التي يغدو جوهرها الثقافي اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. ولئن قال قائل ما نفع الحبر ودماء الفلسطينيين تروي ترابهم فيما دماء المتضامنين معهم تمتزج بملوحة الابيض المتوسط بفعل الإجرام الإسرائيلي المتمادي، فإن الاجابة التلقائية تنبع من كون الحبر – حبر الشعر والنثر – هو الذي يحفظ الدماء ويصونها ويظل طارقاً أبواب الذاكرة كي لا تصاب بالنسيان والترهل. وما من برهان على صواب ذلك أسطع من شعر محمود درويش وغناء مارسيل خليفة الذي باتت اغنياته بمثابة نشيد وطني لكل المضطهدين والمعذبين في الأرض، وبات صوته وموسيقاه مكونين من مكونات الوعي الجمعي لأجيال متلاحقة كما بدا جلياً تلك الليلة في عمّان التي أصغى فيها اليه الجدّ والأب والأم والأبناء والأحفاد في آن ورددوا معه: يطير الحمام... يحط الحمام.
الخميس المقبل يحط مارسيل خليفة على أغصان الستين المثمرة، تكبره النكبة بعامين، ويكبرها بقلب أخضر يخفف وطأة السنين العجاف ويذهب عميقاً في ابداعات تحرس ليل المعنى وتمنع نوم الذاكرة، وللمناسبة يطل ليلتها مع الصديق والاعلامي البارع مارسيل غانم في حلقة تمنح نكهة خاصة لكلام الناس ولأمسيتهم الفاتنة قبالة الشاشة.
معاً الى عمّان لأجل فلسطين، معاً برفقة الأمل في أن نكون معاً ذات حرية على أرض فلسطين الحرّة المنتصرة على محتليها وعذاباتها وانقساماتها، وأن تكون الستين العقد الأخير في عمر الاحتلال، وبداية عمر ابداعي جديد ومديد لصاحب العيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.