بعد أقل من 24 ساعة على التفجير الانتحاري في مدينة لاهور الذي أودى بحياة عشرات القتلى والجرحى واستهدف المسيحيين في عيد الفصح، قررت الحكومة وقيادة الجيش في باكستان، شن عملية واسعة النطاق في مناطق جنوب البنجاب لاجتثاث المتشددين وأنصارهم، بعد تنامى خطرهم في زعزعة الاستقرار في البلاد. ويتوقع أن تتركز الحملة على جماعة منشقة عن حركة «طالبان باكستان» وموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي، إذ تبنت هذه الجماعة التي تعرف باسم «جماعة الأحرار»، الاعتداء الانتحاري الذي أوقع 72 قتيلاً نصفهم تقريباً من الأطفال، في متنزه في مدينة لاهور الأحد. وعلى رغم أن عدداً كبيراً من ضحايا التفجير ومن المصابين البالغ عددهم 200 جريح من المسلمين، فإن الجماعة المذكورة أعلنت أنها استهدفت المسيحيين في مناسبة عيد الفصح. ووقع الانفجار وسط حشود في ملعب الأطفال في متنزه في لاهور كبرى مدن شرق باكستان. وكان المتنزه مكتظاً في العيد. وتوعد إحسان الله إحسان، الناطق باسم «جماعة الأحرار»، ب «شن هجمات مماثلة في المستقبل ضد المسيحيين»، مشيراً إلى أن «البنى التحتية للجيش والحكومة الباكستانية والمدارس والجامعات من بين أهدافنا أيضاً». واعتبر ناشطون من المدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات، أن مخاوف المسيحيين في باكستان تحولت إلى حقيقة بعد الاعتداء الدموي في متنزه لاهور، فيما طالب البابا فرانسيس السلطات الباكستانية ببذل كل الجهود من أجل ضمان أمن السكان، وخصوصاً الأقلية المسيحية بعد الاعتداء «المروع» في لاهور والذي يعتبر الأكثر دموية هذا العام في بلد اعتاد هجمات كبرى. ويؤدي هذا النوع من الاعتداءات إلى تقويض التعايش الهش أساساً في باكستان. ووجه البابا «نداء إلى السلطات المدنية وجميع المكونات الاجتماعية في باكستان لكي يقوموا بكل الجهود الممكنة لإعادة الأمان والهدوء للمواطنين ولا سيما للأقليات الدينية الأشد ضعفاً». ودعا رئيس الوزراء نواز شريف إلى مزيد من الجهود من الجهات كافة والتعاون بين الحكومات المحلية في أقاليم باكستان، لدحر الجماعات المسلحة والإرهابية. وشدد شريف على ضرورة وضع قاعدة بيانات ومعلومات حديثة للأقاليم كافة والأجهزة الأمنية في باكستان، وإنهاء هذه الحرب بالقضاء على الجماعات المسلحة كلها. وأتى قرار تدخل الجيش في البنجاب، وهو معقل رئيس الحكومة، بعد اجتماع لقيادة الجيش برئاسة الجنرال راحيل شريف بحضور مديري الاستخبارات العسكرية والقوات البرية وقائد قوات ال «رينجرز» شبه النظامية التي ستعطى صلاحيات واسعة لمطاردة المسلحين، والقبض عليهم أو الاشتباك معهم وقتلهم على غرار العملية التي بدأها الجيش في أيلول (سبتمبر) 2013 في مدينة كراتشي، ولا تزال مستمرة حتى اليوم. وأفادت معلومات من الجيش والحكومة المحلية في البنجاب برئاسة شهباز شريف، شقيق رئيس الحكومة، بأن القيادتين المدنية والعسكرية اتفقتا على بدء عملية الجيش، وتعملان على استكمال مستلزمات قانونية ولوجيستية متعلقة بها. وأعلنت قيادة الجيش أن قوات ال «رينجرز» بدأت عمليات مطاردة أسفرت عن اعتقال العديد من المشبوهين، من بينهم أقارب لمنفذ الاعتداء في لاهور الأحد، أحيلوا على التحقيق. وأشارت القيادة العسكرية إلى أن العملية ستتواصل في مدن البنجاب المختلفة على غرار عمليات الجيش في مناطق القبائل وكراتشي. وشملت عمليات البحث والدهم مدن لاهور وفيصل آباد وملتان ومظفر غار. وتأتي عملية الجيش في البنجاب رغم اعتراض حكومة الإقليم سابقاً على تدخل القوات النظامية في الإقليم الأكثر كثافة سكانية في باكستان. وأثار قرار التدخل تحفظاً في مقاطعات أخرى، خصوصاً في إقليم السند الذي تديره حكومة محلية من «حزب الشعب» بزعامة بيلاوال بوتو.