محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    أمير جازان يُدشّن مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية ال20 بمحافظة صبيا    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    الرياض يتغلّب على الأهلي بثنائية في دوري روشن    الأهلي يسقط في المدرسة.. الحزم يضرب الوحدة.. الفيحاء يرمي الطائي في الخطر    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    في ذكرى الرؤية.. المملكة تحتفي بتحقيق العديد من المستهدفات قبل وقتها    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    محمد بن ناصر يرعى تخريج طلبة جامعة جازان    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    الاهلي يسقط امام الرياض بهدفين لهدف    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    جائزة الامير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تواصل استقبال المشاركات    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    فيصل بن فرحان يهنئ وزير خارجية اليمن بمناسبة توليه مهمات عمله    فيصل بن بندر يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة الخرج    استثمر في عسير ببلديات القطاع الشرقي    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    تسيير حافلات لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 47 لمساعدة أهالي غزة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    "رسائل الأمل" من أطفال السعودية إلى غزة    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    «النقد الدولي» يدشن مكتبه الإقليمي في السعودية    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    النفع الصوري    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    رسالة فنية    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: السخرية السوداء لمواجهة الواقع المظلم
نشر في الحياة يوم 15 - 02 - 2016

يقول الفيلسوف الألماني هيغل، عن السخرية أنها «التعبير في أقصى ذروته عن حاجة الشخصية الإنسانية إلى التحرر والاستقلال». هذه المقولة تعكس حقيقة ما وصلت إليه عبارة «السخرية السوداء» التي ابتدعها الشاعر الفرنسي أندريه بروتون، سنة 1936، من انتشار داخل كل أشكال التعبيرات الثقافية، لتصل في السنوات الأخيرة إلى ذهن القوى الاحتجاجية العالمية وتتحوّل إلى أداة هدم وبناء في آن واحد، ووسيلة هجوم ودفاع افتراضية ولكن فاعلة.
لم يكن من السهل اقتناص إجابات من المواطنين التونسيين عن سؤال بدا سهلاً وممتنعاً. ما الذي يضحككم؟ يجيب التونسي بلغة الجسد بداية، تكشيرة ثم ابتسامة ثم قهقهة ثم تنهيدة، لينهي هذا كله بكلمة مقتضبة: لا شيء. «أقسم أن لا شيء يضحكني» يؤكد بلقاسم، مهندس في الخامسة والأربعين من عمره. ويضيف: «لماذا لا تصدقون أن الضحك والفرح أصبحا أموراً نادرة الحدوث في مجتمعنا؟ منذ متى لم أضحك بسرور وانتشاء حقيقي، أنا حقاً لا أذكر، كل ما تمر به البلاد من مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية، ما تمر به سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها من بلدان المنطقة، هي أحداث تنغّص حياتي في شكل يومي، أضف إلى ذلك الحياة الزوجية المملّة ومشاكل الأطفال الدراسية وغيرها، أحاول في المساء تغيير مزاجي مع رفاق المقهى، نحوّل مشاكلنا إلى مزحات صغيرة تضحكنا حيناً، قبل أن نعود مكسوري الخاطر إلى منازلنا».
يهتم التونسي بفضول كبير بالشأن السياسي داخل تونس وخارجها منذ اندلاع الثورة التي غيّرت مسار اهتماماته. ويعتمد التونسيون مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل وتشارك الآراء في شكل يومي، حتى أن موقع «فايسبوك» أصبح منبر نقاش دائم بين ملايين التونسيين الذين يعتمدون صفحاتهم لتبادل الأخبار العاجلة والتعليقات والتحليلات السياسية، وإبداء الرأي في الغث والسمين منها. غير أن ما يميز التونسيين اعتمادهم منذ بداية الثورة، أسلوب السخرية السوداء في نقد ما لا يعجبهم في كل ما ينزل على جدارهم الافتراضي من معلومات.
ويقول الصحافي محمد سميح الباجي: «قل أن يعلق التونسي على الأوضاع بتجرد وموضوعية، فهذه الجمل الساخرة التي يضيفونها إلى منشوراتهم تمنح يومهم بعض الابتسامة والبهجة، وإن تخلوا عنها فإن الرتابة ستلاحقهم». أصبحت السخرية السوداء وسيلة التونسيين للترفيه والابتسام من أجل تجاوز واقع مرير سلّط عليهم بسبب الفساد السياسي الذي دمر اقتصاد البلاد وجوع مواطنيها وصعّب حياتهم اليومية. ويمكن ملاحظة السخرية السوداء بسهولة في المنشورات والتعليقات واللافتات الاحتجاجية، «التي تصنع الفارق بين شعب كئيب ينتظر وشعب كئيب يحاول النهوض والبناء»، على ما يقول الباجي لأن «أهميتها ليست فقط باستراق بعض لحظات الانشراح، بل في أنها تحوّلت إلى سلاح لمواجهة المواقف والثقافات والتصريحات الرسمية الباردة».
وعن مغالاة التونسيين في اعتماد السخرية السوداء التي اجتاحت السينما والمسرح والغناء والمواقع الاجتماعية، ونعتهم كل منتوج ثقافي خلا منها بالممل والقديم، تقول الأخصائية النفسية مريم بنزرتي، ل «الحياة»، أن «تسارع الأحداث السياسية والأمنية والثقافية والنقاشات الاجتماعية والدينية بعد الثورة، خلق حالة من الفزع والحذر وعدم الرضا لدى التونسيين، خصوصاً إثر خذلانهم من طرف كل الأطياف السياسية التي تلاعبت بأحلامهم.
هذه الحالة النفسية تترجم بشعور من الألم والمرارة، الذي لا تنفع الوسائل القديمة كالسخرية الموضوعية والكوميديا العادية في التخلّص منه. هذا في حين تبعث الكوميديا السوداء والسخرية من الذات حالة من الرضا ناتجة من الشعور بمشاركة المجموعة الألم مع الفرد، الأمر الذي يترجمه المثل الشعبي التونسي «الشنق مع المجموعة... مسلّ».
وتضيف بنزرتي: «السخرية تهدم الحواجز مع الذات ومع الآخرين، وتؤسس للشعور بعبثية العالم وضرورة عدم إيلائه أهمية كبرى، فهي بالتالي وسيلة للدفاع والهجوم في الوقت نفسه، ووسيلة لإخراج الكبت والألم ومشاركته من خلال الضحك. هذه وسيلة بناء، لكنها في الآن ذاته وسيلة إنكار للحقيقة من الممكن أن تحول دون الجدية في تناول المشاكل والبحث عن حلول ناجعة لها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.