يعد نظم القصائد ونشر الدواوين التي تتغزل بالحب وإهداء باقات الزهور الحمراء والملونة وتبادل الهدايا أمراً طبيعياً في السعودية طوال العام، لكنها تصبح محظورة في ما يعرف ب«يوم الحب»، الذي يوافق 14 شباط (فبراير) من كل عام. وتشن فرق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرباً ضروساً ضد كل ما يحمل اللون الأحمر، سواءً أكان ورداً أم قميصاً أم قبعةً». لهذا تبدأ شركات الطيران والمؤسسات السياحية والفنادق في أنحاء الخليج والعالم بتقديم عروضها للناس بقضاء «يوم الحب»، بأسعار مناسبة استغلالاً لمنعه في السعودية، ويؤكد خالد محسن (مدير موقع سياحي) إقبال الأسر على هذه العروض، وخصوصاً المناسبة لهم في السعر والفترة. وربما يرى البعض أن «يوم الحب» مناسبة جيدة لتجديد المشاعر والاحتفال بشكل مبسط مع الشريك، بعيداً عن أجواء تحريمه في السعودية، كما يذكر رمزي بخاري (38 عاماً)، الذي اعتاد منذ أربعة أعوام قضاء هذا الأسبوع مع زوجته في دبي. وقال: «أنا لا أعتبره عيداً، بمعنى كلمة عيد، ولكني أراه مناسبةً وفرصةً جيدةً للبقاء فيها مع زوجتي، بعيداً عن الضغوط، مع إيماني أننا كمسلمين لدينا عيدان، لا ثالث لهما. ولكنني أرى أنه لا داعي للمبالغة في منع حتى الزهور الحمراء في ذلك اليوم». بدوره، أكد المسوق السياحي عبدالهادي المرشد، أنه من خلال سنوات عمله الطويلة في هذا المجال، «لم يكن هناك إقبال كبير على السفر في أيام «يوم الحب»، ولكن مع الانفتاح وكثرة المواقع والشركات السياحية التي تتنافس في تقديم العروض أصبح هناك إقبال، وفي شكل خاص للسفر خلال «الفالنتاين»، لافتاً إلى أن بعض الشركات تغري الزبائن بالمسابقات والسحوبات، للحصول على تذاكر مجانية ل«عيد الحب»، وتخص فيها تذكرتين لزوجين. ورأى الخبير السياحي عمر هادي، أنه «من الطبيعي أن يفكر من يرغب الاحتفال بهذا اليوم بالسفر إلى أي مكان في العالم، ولكن الإقبال يكون دائماً للدولة المجاورة، وذلك لقصر المدة، وسعر التذاكر»، لافتاً إلى أن «الفالنتاين» لا يتوافق غالباً مع إجازة رسمية، وذلك بسبب الخوف من المخالفة في المطاعم، أو في محال تغليف الهدايا، أو بيع الزهور التي قد يبدو شراؤها في «عيد الحب» أمراً غير مقبول. إلا أنه من باب «منع البلاء قبل وقوعه»، أغلقت كثير من محال بيع الزهور أبوابها، ممتنعةً عن استقبال الطلبات ليوم «عيد الحب»، معللةً اكتفاءها من استقبال الطلبات في اليوم نفسه، مبينةً أن الطلب مفتوح لليوم الذي يليه، لافتين إلى أنه لم يرد إليهم أي تعميم بمنع الورد الأحمر. وقالت صافيناز الشريف، التي تملك محلاً لبيع الزهور في مدينة جدة ل«الحياة»: «لم يصلنا أي تعميم بالمنع، ولا بحظر لون معين من الزهور في هذا اليوم، ولكن تحسباً للظروف الطارئة في هذا اليوم، والابتعاد عن المخالفات التي قد تتسبب بالضرر على المحل مستقبلاً، قررنا عدم استقبال أي طلبات في هذا اليوم، وتقديمها لليوم الذي يسبقه، أو تأجيل الطلب لليوم الذي يليه». وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية أصدرت فتوى تحرم الاحتفال بعيد الحب، وحذّرت اللجنة الدائمة للإفتاء، برئاسة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وعلماء آخرون، من الاحتفال بما يسمى «عيد الحب». وبين المنع والتحريم، واعتباره أمراً شخصياً، يصبح «عيد الحب» في السعودية أحد أيام الاستنفار، حتى وإن لم يكن هناك قرارات صريحة من أي جهة. فيما تبقى مواقع التواصل الاجتماعي المتنفس الأكثر حضوراً، إذ تنشط بكثير من الآراء والسخرية والتعبير عن الحب وإبداء الامتعاض من قرارات المنع.