اتفاق على وقف قريب لإطلاق النار وتحذير من «حرب عالمية جديدة»، وإصرار على مواصلة العمليات في حلب حيث «كل مَنْ يحاول الهروب من أحيائها الغربية إرهابي»... هكذا يكتمل المشهد بالنسبة إلى روسيا بعدما فشلت في تأجيل موعد إعلان الهدنة، لاستكمال «الترتيبات الميدانية»، فعمدت إلى تقديم تفسيرها اتفاق ميونيخ. فسّر وزير الخارجية سيرغي لافروف المعنى «الملتبس» بين مفهومَيْ «وقف النار» و «وقف الأعمال العدائية» مشيراً إلى أن «القرار 2254 ينص فقط على وقف النار، وهذا المصطلح لا يحبه بعض المشاركين في المجموعة الدولية لدعم سورية». وحذّر من «محاولات بعضهم في كل مرة الخروج عن الإجماع لتحقيق أهداف أحادية الجانب». تبدو العبارة غامضة، لكن تفسيرها يأتي مع التوضيحات التي قدّمها الوزير الروسي. فالمشكلة ليست في توصُّل فرق الخبراء إلى اتفاق نهائي على الهدنة خلال أسبوع، بل في قدرة «المسلحين ومَنْ يدعمهم على الالتزام هذه المرة بالاتفاقات». كما أن القوات الروسية لن توقف ضرباتها ضد «الإرهابيين» في كل الأحوال. وهكذا سعى لافروف إلى تأكيد نظرة بلاده إلى الوضع في حلب وما حولها على النحو الآتي: لا يزال المسلحون من «جبهة النصرة» و «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» و «إرهابيون آخرون» يتمركزون في الأحياء الغربية من حلب ومحيطها، فيما تسيطر القوات الحكومية السورية بمساعدة قواتنا على المناطق الشرقية وتمكّنت من محاصرة المدينة، و «وفقاً لمعلوماتنا فإن مَنْ يحاول الهروب من الأحياء الغربية هم الإرهابيون». واستدرك أن «كل الإرهابيين في المنطقة يحصلون على دعم من طرف واحد هو تركيا». بعبارة أخرى، استبق لافروف جهد لجنة الخبراء المشتركة، ليضع الخطوط الفاصلة بين «مناطق الإرهابيين» التي يجب أن تستمر فيها العمليات العسكرية و «المناطق الأخرى» التي يمكن أن ينسحب عليها قرار وقف النار. وقبل ميونيخ، أوضحت الخارجية الروسية في شكل لا يقبل الجدل أن «الطيران الروسي لن يوقف نشاطه، وغاراتنا لا تعجب أولئك الذين يدعمون الإرهابيين فقط، بينما الأطراف التي تتطلع إلى سورية ديموقراطية لا تنتقد عمليتنا العسكرية». هكذا ردت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا على سؤال ل «الحياة» في هذا الصدد. ولا يخفي خبراء عسكريون روس رهاناً على أن «حسم المعركة» يقترب أكثر من أي وقت مضى. وخلال الأيام الماضية، ركّزت تغطيات وسائل الإعلام الروسية على أهمية معركة حلب، باعتبارها ستشكل «انعطافاً استراتيجياً» في الحرب السورية، و «سيطرة القوات الحكومية على حلب لن تكون نتائجها محدودة ميدانياً بقطع الطريق نهائياً على خطط تركيا، والانطلاق نحو تطهير المناطق الأخرى بدءاً من إدلب، بل ستشكل كذلك ضربة معنوية قاصمة للمجموعات المسلحة، تفتح الباب نحو النصر النهائي». ومع تحذير موسكو من أن «أحاديث قوى إقليمية عن استعداد لإرسال قوات برية إلى سورية، تُنذِر بنشوب حرب عالمية ثالثة، ليست في مصلحة أحد»، كما قال رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، فإن روسيا تكون وضعت «البدائل المقبولة» لفشل العملية التفاوضية وتعثّرها، وليست مصادفة أن يعلن لافروف قبل أيام تأييده فكرة أن سورية أمام 3 سيناريوات: «حل وسط عبر التفاوض، أو انتصار الجيش العربي السوري، أو حرب واسعة بمشاركة أطراف إقليمية». ومع استبعاد السيناريو الأول، بسبب تباعد المواقف، والاقتناع الروسي بأن «واشنطن لن تسمح لحلفائها بارتكاب خطأ جسيم»، ما يعني الرهان على أن تردُّد واشنطن سيغيِّب السيناريو الثالث، يغدو الحل المقبول روسياً هو انتصار نظام بشار الأسد.