عادة ما يتصدر السياسيون والشهداء المشهد العام في فلسطين، لكن هذه المرة تصدرها شخص قادم من عالم آخر، من عالم الطب، وهو طبيب القلب البروفيسور سليم الحاج يحيى الذي نجح في إجراء أول زراعة قلب اصطناعي في فلسطين، في عملية نادرة استغرق التحضير لها عشرة أشهر. وفي اليوم التالي للعملية، استقبل طلاب كلية الطب في جامعة النجاح في نابلس البروفيسور الحاج يحيى باحتفال عفوي، فاصطفوا عند مدخل الكلية، وغمروه بالزهور والبالونات والهتافات الإنسانية، وهو مشهد عادة ما يقتصر في هذه البلاد المنكوبة بالاحتلال الإسرائيلي، على الشهداء والمناضلين من أجل الحرية. درس الحاج يحيى الطب في بريطانيا، وحصل على رتبة بروفيسور، وترأس مركزاً لأبحاث القلب في لندن، ثم مركزاً لأبحاث القلب في غلاسكو في اسكتلندا، لكنه قرر أخيراً العودة الى فلسطين حيث تولى عمادة كلية الطب في جامعة النجاح وإدارة المستشفى التابع للجامعة. وقال الحاج يحيى ل «الحياة» في غرفة العمليات في المستشفى بعد إجرائه عملية قلب مفتوح لمريض: «درست في بريطانيا، وبنيت قدراتي العملية هناك، وساهمت في تطوير أبحاث علاج القلب، وحان الوقت كي أعود الى وطني وتقديم شيء لشعبي». وأضاف: «في بريطانيا، يوجد نظام طبي متقدم، وأي مساهمة هناك لا تظهر، لكن هنا أي مساهمة تُحدث فرقاً في حياة الناس». ويكفي أن تضع اسم البروفيسور الحاج يحيى على محرك البحث «غوغل» حتى تنهال الأخبار عن إنجازاته في أبحاث وعلاج أمراض القلب والرئة في بريطانيا، ومنها يظهر نبأ يشير إلى أنه كان أول طبيب في العالم ينقل قلباً نابضاً من شخص متبرع، فور وفاته، الى شخص مريض، كما أنه أول طبيب في العالم يجري عملية نقل رئة بعد توقف الدورة الدموية فيها. وفي فلسطين، أجرى الحاج يحيى زراعة قلب اصطناعي لشاب في الثامنة عشرة من عمرة كان يعاني فشلاً كبيراً في وظائف القلب. وقال إن الشاب كان معرضاً للموت في غضون شهور معدودة ما لم تجر له العملية في هذا الوقت. وأضاف أن قلب المريض كان يضخ الدماء بنسبة لا تتعدى عشرة في المئة، فتمت زراعة مضخة تتولى ضخ الدم بدلاً من القلب المصاب بالفشل. وأوضح: «عندما جاء الشاب، قررنا الشروع فوراً في تحضير البنية التحتية في المستشفى، واستغرق التحضير لها عشرة أشهر». وشارك فريق من الأطباء البروفسور الحاج يحيى في عملية زراعة القلب التي استغرقت عشر ساعات. وقال المريض، ويدعى أحمد سباعرة، إنه يحضّر الآن للالتحاق بالجامعة، مضيفاً: «أصبت بالمرض قبل ثلاث سنوات، وكان الحل الوحيد هو زراعة قلب، ونصحني الأطباء بالتوجه الى الدكتور سليم، وهنا وجدت الحل». وأثار نجاح البروفيسور الحاج يحيى في هذه العملية ثقة طلاب كلية الطب في جامعة النجاح بدراستهم. وقال أحد الطلاب: «كان الناس يشككون بجدوى دراسة الطب في فلسطين، أما الآن، فالجميع يقول لنا إن لدينا قدرات استثنائية». وأضاف: «نشعر بقة أكبر بالنفس والمستقبل». وقال الحاج يحيى إنه يسعى مع زملائه إلى تغيير وجه الخدمات الطبية في فلسطين. وأضاف: «لدينا كفاءات كثيرة، لكن لا يوجد لدينا نظام. الآن علينا إيجاد النظام لتغيير وجه الخدمة الطبية». وتابع أن المستشفى سيستقبل قريباً فريقاً طبياً فلسطينياً من الولاياتالمتحدة لزراعة النخاع للمرة الأولى أيضاً في فلسطين.