أبدى عدد من أهالي منطقة الجوف استياءهم من غياب رقصة «الدحة»، التي تعتبر من الموروث الشعبي الأصيل لمناطق شمال المملكة، عن مهرجاني «الزيتون» في مدينة سكاكا و«التمور» في محافظة دومة الجندل. وقالوا ل«الحياة» إن مشاركة فرق شعبية تمثل عدداً من مناطق المملكة في افتتاح مهرجاني «الزيتون والتمور»، اللذان انطلقا يومي الأربعاء والخميس الماضيين، تعبر عن ترابط أبناء الوطن في مناسباتهم، مطالبين في الوقت نفسه بوجود الرقصة الشعبية التي تمثل الجوف في مناسبات المنطقة داخلياً وخارجياً. وأوضح الباحث في التاريخ مانع الوهيف الرويلي أن «الدحة» رقصة شعبية أصيلة، تُمثل قبائل بادية شمال الجزيرة العربية، ولها وجود في الكويتوالأردن وسورية والعراق بمعنى أنها معروفة إقليمياً. واستغرب الرويلي تجاهل الرقصة، بوصفها الشعبية الأصيلة لنسبة كبيرة من الأهالي الذين يعتزون ويفتخرون بها ويستمتعون بمشاهدتها ويتفاعلون معها، «فهي رقصة ممتعة، لما تحتويه من الشعر الجزل، والحركات والأهازيج الأصيلة». ووجه الرويلي تساؤلاً إلى فرعي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجمعية الثقافة والفنون في منطقة الجوف، عن سبب تجاهل رقصة «الدحة» في مهرجانات واحتفالات المنطقة، في الوقت الذي تُدعى فيه فرق شعبية من مناطق أُخرى لتقديم رقصاتها الشعبية. كما ناشد الرويلي أمير منطقة الجوف فهد بن بدر بالتدخل وإنهاء هذا التجاهل وعدم تكراره، وحفظ هذا الموروث الشعبي الأصيل من التجاهل والاندثار، والتأكيد على حضوره في كل ما يخص المنطقة من احتفالات ومهرجانات داخل المنطقة وخارجها. وفي الوقت الذي فضل مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في الجوف المدير التنفيذي لمهرجان «الزيتون» حسين الخليفة عدم الرد على رسالة «الحياة» حول عدم وجود رقصة الدحة في مهرجاني «الزيتون والتمور»، أوضح رئيس بلدية دومة الجندل رئيس اللجنة العليا لمهرجان «التمور» فهد المشعان ل«الحياة» أن المهرجان قدّم الرقصة في افتتاح المهرجان في دورته الثانية العام الماضي. مشيراً إلى أن إدارة المهرجان رأت أن تقتصر حفلة الافتتاح على إبراز مكانة جنود الوطن الشجعان، الذين يقاتلون في الجنوب نصرة للمظلومين وإحقاقاً للشرعية، من خلال الفرق الشعبية التي تمثل بعض مناطق جنوب المملكة، للتأكيد على أن الوطن كيان واحد يتعاضد أبناؤه من جميع المناطق كمثل الجسد الواحد. إلى ذلك، قال رئيس فرع جمعية الثقافة والفنون في المنطقة نواف الخالدي ل«الحياة»: «إن فرع الجمعية لم يشارك في اختيار الرقصات الشعبية في افتتاح مهرجاني الزيتون والتمور»، مؤكداً أهمية وجود رقصة الدحة في احتفالات المنطقة. «الدحة» رقصة الحرب التي تحولت إلى مظهر للفرح تعتبر «الدحة» الرقصة الشعبية المميزة في مناطق شمال السعودية، وينظر إليها كثيرون على أنها العلامة الفلكلورية البارزة لدى قبائل هذه المناطق، إذ يفخر برقصها وغنائها الكثيرون منهم، بحكم أنها رقصة حربية في الماضي، تهدف إلى إرهاب العدو بالاصطفاف والغناء بطريقة حماسية توحي للطرف المقابل بشجاعة هذه القبيلة أو تلك. ولنشأة «الدحة» قصة معروفة يرويها كبار السن لدى هذه القبائل، وتقول القصة: «إن قبيلة غازية فاجأت إحدى قبائل المنطقة ليلاً، وكانت تفوقهم عدةً وعتاداً، فابتكر أفراد القبيلة هذه الرقصة، وبدؤوا بالتصفيق بطريقة منظمة والغناء جماعياً بإيقاع سريع ليرهبوا العدو، فانطلت الخدعة على أفراد القبيلة الغازية واعتقدوا كثرة عدد الطرف المقابل فولوا هاربين». وفي رقصة الدحة يجتمع ذكور القبيلة في صف ومن ثم يصفقون ويصدرون أصواتاً مرعبة مثل صوت «الزمل» من الإبل، ويرقص أمامهم رجل بالسيف ويسمى ب«الحاشي»، وكانت الفتيات سابقاً يقمن بدور «الحاشي»، إلا أن ذلك انقرض حالياً. وترقص «الدحة» بعض قبائل الأردن وسورية وفلسطين في أفراحهم، ومن القبائل التي تمارسها «الرولة والشرارات والفهيقات وبني عطيه وبني صخر والحويطات وبعض عشائر عنزة». وكانت رقصة الدحة تقام سابقاً في وقت الحروب، وبعد توحيد السعودية وانتشار الأمن تؤدى رقصة الدحة في الأفراح والمناسبات الكبيرة، وتبدأ دائماً بالبيت: «هلا هلا به يا هلا - لا يا حليفي يا ولد». بعدها تتوالى أبيات القصيدة وفيها يمدح الشاعر شيخ القبيلة أو صاحب المناسبة، وتقام «الدحة» في المساء بعد صلاة العشاء.