فنّدت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية «المركز للدفاع عن الفرد» التي ترصد ممارسات جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ادعاءات الجيش بأن الأمر العسكري الجديد الذي وقعه قائد «المنطقة الوسطى» في الجيش (المسؤول عن الضفة الغربية) قبل ستة اشهر ودخل حيز التنفيذ قبل يومين في شأن «منع التسلل» إلى الضفة «لا يبغي ترحيل الفلسطينيين إنما فقط تنظيم مسألة إقامتهم»، بل أكدت المنظمة أن الخطورة البالغة في الأمر تكمن في أنه يتيح للجيش اعتقال فلسطينيين أو ترحيلهم من دون أي رقابة قضائية. ويعتبر الأمر العسكري «متسللاً» كل من دخل إلى الضفة «بصورة غير قانونية»، أو «من وُجد في المنطقة من دون أن يكون في حوزته تصريح بالإقامة يدل على وجوده في المنطقة بصورة قانونية ... على أن يكون التصريح صدر عن قائد قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة يهودا والسامرة (أي الضفة) أو من ينوب عنه»، ما يتيح لسلطات الاحتلال ترحيل آلاف الفلسطينيين بتهمة الإقامة غير القانونية، أو تقديمهم للمحاكمة وتعريضهم للسجن. وكانت هذه المنظمة كشفت مطلع الأسبوع أن الأمر العسكري الجديد الذي يتجاهل تماماً الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين (اتفاق اوسلو)، يندرج في سياسة السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة القاضية بتقليص حقوق الحركة التي تمتع بها في السابق حمَلة بطاقة الهوية الفلسطينية. وأشارت إلى أن الحديث هو عن «أمر جارف يتيح محاكمة جنائية وترحيلاً جماعياً للناس». وقالت المنظمة في بيان أصدرته أمس، انه خلافاً للتصريحات التي أطلقتها جهات إسرائيلية أمنية وسياسية، فإن الأوامر العسكرية تتيح ترحيل إنسان من بيته في غضون 72 ساعة من دون أي رقابة قضائية، إذ يقضي الأمر بأن على القائد العسكري أن يحضر الشخص المرشح للترحيل للمثول أمام لجنة خاصة لفحص طلب الترحيل في غضون ثمانية أيام من إصدار الأمر، لكنها تتيح للقائد العسكري تنفيذ الترحيل في غضون 72 ساعة. كذلك لا يتيح الأمر للشخص المرشح للترحيل بالتوجه بمبادرته إلى اللجنة الخاصة أو إلى هيئة قضائية للطعن في قرار ترحيله في غضون الأيام الثمانية. وتابعت أن الادعاءات الإسرائيلية بأن الجيش سيأخذ ضمن اعتباراته لترحيل شخص من عدمه «علاقاته العائلية»، أي وجود عائلته وأقاربه في الضفة الغربية، تتعارض والموقف الرسمي والخطي للجيش كما سلمه الأخير للمحكمة العليا، والقاضي بأنه في كل ما يتعلق بقرارات الدخول إلى الضفة أو البقاء فيها أو الترحيل منها فإن «العلاقات العائلية بحد ذاتها لا تشكل حجة إنسانية كافية». وأشارت المنظمة الحقوقية إلى عدد من الحالات التي أصدر فيها جيش الاحتلال أوامره بترحيل فلسطينيين من الضفة بداعي أن عنوان مكان إقامتهم هو في قطاع غزة. وأضاف أن القضاة وجهوا انتقادات حادة للجيش على أوامر الترحيل وأوضحوا له أنها إشكالية من الناحية القضائية، «ما اضطر الجيش إلى إبطالها». ولفت المركز إلى أنه حيال موقف المحكمة «نجح الجيش في الأشهر الأخيرة في ترحيل خمسة فلسطينيين فقط من الضفة إلى القطاع». واعتبرت المنظمة الأمر العسكري الجديد الذي دخل حيز التنفيذ أول من أمس، «التفافياً» على المحكمة العليا سيتيح لجيش الاحتلال ترحيل فلسطينيين في المستقبل. وزادت أن «النص المبهم» للأمر الجديد «يسمح للجيش باتخاذ إجراءات تعسفية بناء لسياسة متغيرة واعتبارات سياسية». ورأت المنظمة أن تعريف شخص بمتسلل يعرضه لمسؤولية جنائية واحتمال سجنه لسنوات، فضلاً عن تعريضه للترحيل من بيته «رغم أنه لم يخالف القانون في حياته بل احترمه». ورداً على تعقيب الجيش بأن لا نية لدى إسرائيل اليوم استخدام الأمر الجديد في شكل جارف لترحيل جموع الفلسطينيين من بيوتهم، قالت المنظمة الحقوقية إن «خطورة هذا الأمر غير القانوني على الإطلاق تكمن في حقيقة أنه يتيح الترحيل الجماعي، الآن وفي المستقبل». وأشارت إلى أنه وفقاً للقانون الدولي، فإن حق الإنسان أن لا يُبعد عن بيته ومنطقة سكناه هو حق أساسي ومركزي وجوهري. كما تفرض معاهدة جنيف الرابعة حظراً تاماً على إبعاد قسري للناس من بيوتهم، وهو حظر يعتبر خرقه انتهاكاً للمعاهدة الدولية. ودعت المنظمة دول العالم الموقعة على المعاهدة المذكورة إلى التحرك من أجل إلغاء الأمر العسكري الجديد. على صلة، كتبت الصحافية عميرا هاس في صحيفة «هآرتس» إن بين الأهداف التي تقف وراء الأمر العسكري الجديد تقليص عدد السكان العرب في الضفة، وتكريس انفصال سكان قطاع غزة عن الفلسطينيين في الضفة، وردع مواطنين أجانب عن المشاركة في نشاطات احتجاجية على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.