لا يثير إطلاق أول معرض محلي رسمي للكتاب في سورية، ضجة كبيرة. وهو يظهر بإمكانات شبه محدودة بعد مضي 26 سنةً على إطلاق الدورة الأولى لمعرض الكتاب الدولي في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق. ستون داراً للنشر من أصل حوالى 300 دار في سورية لا تعمل جميعها في شكل فعلي، تعرض كتبها حتى 17 نيسان (أبريل) الجاري على رفوف مجهزة في إحدى الحدائق الدمشقية العامة. شعار معرض ربيع الكتاب الأول «متعة القراءة»، لن يلغي ظهوره المفاجئ، مبرراً من القائم عليه اتحاد الناشرين السوريين (تأسيس عام 2005) بأنه امتداد لخطة طويلة تنظم للارتقاء بوضع القراءة في سورية، مع الاعتراف بأنه لا يخلو كحدث من «مغامرة». ومع اقتراب اليوم العالمي للكتاب في 23 الجاري، يتابع اتحاد الناشرين حملة أخرى هي «خذ الكتاب بقوة» أو حملة المليون المتضمنة إصدار كتب مجانية. «المعرض جزء من مشروع أكبر. سينظم لاحقاً مؤتمراً سورياً عن القراءة» يقول رئيس اتحاد الناشرين السوريين عدنان سالم ل «الحياة»، مبيناً هدفاً أساسياً للمعرض في تشجيع انتساب الناشرين والمؤلفين السوريين إلى الاتحاد، حتى لو كانوا أصدروا القليل من الكتب. ويترافق جهد اتحاد الناشرين مع حركة جديدة للحث على القراءة في سورية بدأت العام الماضي تأخذ شكلاً مختلفاً عبر إنشاء مكتبة «إيتانا» الخاصة للقراءة، ومشروع ثقافي تفاعلي ل «jci» السورية في نشاط «كتابي القديم هو كتابك الجديد» لتشجيع تبادل الكتب. كما لا يزال هناك مبادرات خجولة للإعارة المجانية للكتاب، أو تقديمه في شكل مجاني من بعض دور النشر الخاصة، «هذا يشعرنا بالأمل في الاتحاد. لا نريد محاضرات في مؤتمر القراءة بل تقديم اقتراحات لصناعة مجتمع قارئ» يعلق سالم على هذه المبادرات. فحوى حملة «المليون كتاب» تبدو غير مستقرة في شكلها وفائدتها، فهناك استمارات يملأها القارئ للحصول على كتاب مجاني «تجعل ثمن الكتاب قراءته» كما يقول سالم. فهل يفيد «الطعم في اصطياد القارئ» خصوصاً إذا علمنا أن مئة ألف نسخة طبعت لعنوان واحد هو «العهدة العمرية والأبعاد الإنسانية في الفتوحات الإسلامية» لمؤلفه شوقي أبو خليل، بينما يجهز حالياً لطبع (16 ألف نسخة) من كل عنوان لثلاثة كتب أخرى تخلى عن حقوق طباعتها. نذكر منها كتاب عن معركة ميسلون - يوسف العظمة «زراعة الفكر المقاوم» لمازن يوسف الصباغ، وكتاب «القدس ملامح جيل يتشكل» لعدنان سالم. عدم طرح عناوين لافتة أو مشهورة لكتاب سوريين آخرين، ليس مرهوناً بالاتحاد كما يقول سالم بل بالمتقدمين للمشروع «أي كتاب تنطبق عليه المعايير سنوافق عليه»، حسم على سعر كتب المعرض ربما «يشجع الزوار للشراء أو التأثر بعدوى الاقتناء»، وتستحوذ وزارة الثقافة على مئة متر مربع تعرض فيها إصداراتها بتعرفة رمزية، بينما يحضر نشاط للصغار على توازٍ مع توزيع كتب لهم في شكل مجاني، وتقام على هامش المعرض ندوات وأمسيات شعرية وتوقيعات للكتب. عناوين الكتب العلمية والثقافية والأدبية إلى جانب والأبحاث والدراسات وكتب الناشئة والأطفال ووسائل التعليم الإلكترونية، لن تخضع للرقابة كما يقول الناطق الإعلامي للمعرض ومدير دار كنعان للنشر سعيد البرغوثي: «الناشر هو المعني بكتبه المعروضة، ولن نكون أوصياء عليه»، ثورة الإنترنت تقف عائقاً آخر أمام أي رقابة. «الضمير في عرض الكتاب الهادف أساسي، ولا بأس من توثيق عناوين الكتب المطروحة في المعرض» يضيف البرغوثي. ويوضح: «لم تصلنا اعتذارات خطية لدور نشر خاصة، لكن مواقف من اتحاد الناشرين قد تمنع البعض من المشاركة»، كما يقف عائق مادي في استئجار الأجنحة أمام مشاركة بعض الدور، ويصل سعر المتر المربع للمشاركة في هذا المعرض إلى حوالى مئة دولار أميركي. إمكان تعميم المعرض على باقي المحافظات السورية رهن بنجاحه بحسب البرغوثي، واختير مكان الحدث تم بالتنسيق مع محافظة دمشق، لجعله متاحاً أمام الحضور الشعبي. مشاركة هيئات ومؤسسات ثقافية وجامعات حكومية وخاصة ووكالات دور النشر عربية وأجنبية في سورية، قد تخرج معرض ربيع الكتاب الأول عن محدودية الزائرين له، فهل ينجح طعم اتحاد الناشرين السوريين في رجوع الإلفة الغائبة بين الكتاب وقارئه، أم سيقتصر الحدث على ازدحام وجلبة في فترة العرض الممتدة على مدى عشرة أيام؟