لم تكن الليلة اليمنية، التي أقيمت مساء الأحد السبت الماضي، في نادي الرياض الأدبي وشملت عرضاً مرئياً عن طبوغرافيا اليمن، وورقتين عن القصة والشعر الشعبي ورقصات فلكلورية وأناشيد وموشحات من الفن اليمني كافية لتشفي غليل الحضور الكثيف من الجنسين من مثقفين وجمهور سعودي وأعداد كبيرة من أبناء الجالية اليمنية الذين غصت بهم جنبات قاعة النادي. وهو ما حدا بمنظميها بالطلب من النادي إقامة ليال يمنية أخرى، تغطي أطياف التراث اليمني كافة وبمشاركة عدد أكبر من المثقفين والفنانين اليمنيين وكذلك الأديبات اليمنيات. بدأت الليلة، التي أدارها منسقها مقبول الرفاعي برعاية وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر والوزير المفوض في السفارة اليمنية فاروق المخلافي بكلمة لرئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور عبدالله الوشمي وعد فيها بإقامة ليال عربية وعالمية أخرى، ضمن سياق يركز على التواصل مع الثقافات الأجنبية والعربية. وتضمنت الليلة عرض مادة مصورة بعنوان «اليمن... أرض الأحلام» جذبت الحضور على مدى نصف ساعة، واحتوت مشاهد طبيعية وعمرانية واجتماعية وصوراً نادرة تنشر لأول مرة. وتبع ذلك ورقة قدمها خالد الذبحاني عن تاريخ القصة في اليمن حدد فيها مراحلها الأولى (من 1933 إلى 1950) عبر محمد علي لقمان في إصدارته «فتاة الجزيرة»، ومروراً بالنقلة النوعية والنضج الفني ما بين 1950 وحتى مرحلة انفجار القصة عام 1970، ووصولاً لمرحلة الازدهار القصصي الحالي في اليمن. ولعل أكثر ما شد الحضور ما قدمه الشاعر محمد السامعي في سرده لملامح من الشعر الشعبي والفصيح في اليمن، واستعراضه من خلال وقفات ألقى فيها عدداً من القصائد تمثل نماذج للحركة الشعرية العامية وروادها مثل عبدالله نعمان (الفضول)، وهو ما جذب خلاله انتباه الحضور بطريقته الشعبية اللافتة في الإلقاء وفي تنوع اللهجات التي استعرضها، وما تلاه من رقصات يمنية وفلكلورية وغناء لأشهر الترانيم اليمنية المتداولة في الأعراس، والتي ترتبط بالإيقاع اليمني المتنوع، حسب البيئات والمناطق، سواء من صنعاء وعدن أم إب ولحج. وبعد ذلك شاهد الجميع المعرض التشكيلي للفنانين توفيق الآنسي وزياد العنسي والذي سيمتد حتى يوم غد. من جهته، عبر مقبول الرفاعي ل«الحياة» عن سروره بحضور الدكتور الجاسر وبجهود رئيس النادي وبالتفاعل الكبير، الذي وجده من الجمهور السعودي واليمني على حد سواء، مؤكداً أن رغبة اليمنيين في تكرار هذه الليلة، «لأن العرض المقدم كان موجزاً لفعاليات كثيرة، وكل فعالية من هذه الفعاليات تحتاج ليلة مستقلة». يذكر أن هذه الليلة هي امتداد لليلة أقيمت في العام الماضي عرض فيها المخرج البريطاني من أصل يمني بدر حراسي فيلمه «يوم جديد في صنعاء القديمة» ولاقى يومها حضوراً كبيراً. يشار إلى أن النادي ينظم مساء اليوم عبر «بيت الشعر» أمسية ثقافية خاصة بتجربة قصيدة النثر السعودية يقدم ورقتها الرئيسية الشاعر أحمد الواصل، كما يستضيف البيت ثلاثة شعراء يلقون بعضاً من قصائد دواوينهم الأولى، التي صدرت هذا العام وهم: نوير العتيبي وعبدالله العثمان ومحمد الحميد.