قالت مصادر سياسية لبنانية مطلعة ل «الحياة» أمس ان اللقاء الذي جمع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية مطلع هذا الأسبوع في باريس تم في منزل رجل الأعمال اللبناني جيلبير شاغوري وبدعوة منه للزعيمين الى العشاء، بعد ترتيب قام به أصدقاء مشتركون لهما. وأوضحت المصادر ان كلاً من النائب السابق غطاس خوري الذي كان زار فرنجية قبل زهاء شهر، ومدير مكتب زعيم «المستقبل»، نادر الحريري، حضرا العشاء أيضاً. ومع التكتم الشديد من الجانبين على نبأ هذا اللقاء، وصدور بيان نفي من مكتب الحريري الإعلامي، ومن مستشارين لفرنجية، بعد تسرب نبأ حدوثه، فإن المناخ السياسي العام في البلاد بحثاً عن مساحة تلاقٍ، لدى كل الفرقاء، وصولاً الى إنهاء الشغور الرئاسي، كان وراء سلسلة اتصالات لاستكشاف إمكان التوصل الى تسوية لبنانية بموازاة جهود العمل لأجل حل سياسي في سورية. وذكرت مصادر واسعة الإطلاع ل «الحياة» ان انسداد أفق الصفقة التي يمكن ان ترجح ترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» للرئاسة، بعد فشل مشروع ترقية عدد من الضباط في الجيش من أجل تأخير تسريح العميد شامل روكز، الذي كان يصر عليه العماد عون، دفع بعض قادة 8 آذار الى البحث عن إمكان التقدم نحو اعتماد خيار فرنجية للرئاسة، عن قوى 8 آذار، لا سيما ان الأخير أخذ مواقف متمايزة عن عون في ما يخص التظاهرة في الشارع احتجاجاً على عدم الأخذ بمطلبه في شأن الترقيات العسكرية ورفضه التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في منصبه، فضلاً عن رفضه تصعيد الموقف احتجاجاً من عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على عدم إدراج قانون الانتخاب على جدول الجلسة النيابية التشريعية التي عُقدت الأسبوع الماضي. وأشارت المصادر الى ان انفتاح نواب من تيار «المستقبل» على فرنجية وامتداح مواقفه من قبل رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وإعلان رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط استعداده للتصويت لفرنجية، كلها عوامل دفعت في اتجاه استكشاف المواقف من إمكان انتقال قوى 8 آذار الى طرح فرنجية مرشحاً بديلاً لها، لا سيما ان الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله كان أبلغ بعض الموفدين الأجانب، ومنهم نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر بوغدانوف قبل سنة، عند إلحاحهم عليه بأنه لا بد من أن يكون لقوى 8 آذار خيار ثان، ان فرنجية هو الخيار البديل. وأوضحت المصادر انه على رغم هذه المعطيات، فإن قوى 8 آذار وقيادة «حزب الله» لم تأخذا أي قرار بالإنتقال الى خيار فرنجية بدل عون حتى الآن، في انتظار استكشاف أجواء «المستقبل» والحريري ومدى الاستعداد للتعاطي الإيجابي مع توجه كهذا. وهذا ما يفسر مواصلة فرنجية التأكيد ان «مرشحنا هو العماد عون»، وصدور نفي من الجانبين، لحصول اللقاء. في المواقف قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس: «لأول مرة سمعت من رئيس الحكومة تمام سلام أن الأمور ماشية»، موضحاً «أن اليوم أو غداً تصل عروض شركات ترحيل النفايات إلى وزارة الزراعة». وقال: «حل الترحيل بات معتمداً ودخلنا في مرحلة غربلة العروض وانتقاء الأسلم والضامن والأرخص، إلى أن العقد هي مالية وفنية نتيجة غياب الضمانات من الدول التي سترحل إليها النفايات»، مشدداً على «أن حل الترحيل هو حل سيء بسبب كلفته الباهظة التي تصل إلى نصف بليون دولار سنوياً». واعتبر وزير السياحة ميشال فرعون أن «منطقة الكرنتينا أصبحت منكوبة بيئياً وعلينا التحرك لمعالجة مشكلة النفايات المنتشرة هناك». وقال: «مشكلة النفايات جرح كبير على صعيد الوطن، وجرح أكبر لأبناء بيروت والأشرفية، بعدما أصبحت كمية 300 طن نفايات يومياً عرضة للمتاجرة. نحن لا نلوم شركة «سوكلين» التي قامت بواجباتها، لكنها وقعت في ابتزاز كبير تمثل في 20 و30 دولاراً للطن الواحد في اليوم، ما يعني ابتزازاً بملايين الدولارات». ورأى أن بيروت وقعت رهينة لمطمر الناعمة تارة، ثم عكار وطوراً ل»الكوستابرافا» وكل الوعود الكاذبة، على رغم أننا طالبنا، في الأساس، بترحيل النفايات منذ تموز (يوليو) الفائت، حيث كان يمكن التصدير بدل تضييع الوقت حتى أصبحت منطقة الكرنتينا منكوبة بيئياً». ورأى وزير الصحة وائل أبو فاعور أنه «آن الأوان لقيام تسوية سياسية شاملة في لبنان، بخاصة أن الظروف الإقليمية مواتية إذ إن دول الجوار تعتبر أن لبنان دولة مستقلة ومستقرة ويجب إبعادها عن المشاكل». واعتبر أن «الحل يجب أن يكون متكاملاً من انتخاب رئيس للجمهورية إلى تشكيل حكومة متفق عليها وقانون انتخابي جديد وغيرها من الأمور المختلف عليها». «لتبن الثقة هذه المرة في شكل جدي» وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «التيار لم يتبلغ أي شيء عملياً في شأن أي تسوية، لكن رأينا أن هناك إيجابية أساسية عندما تنكّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نهائياً للمؤتمر التأسيسي والمثالثة وعاد إلى اتفاق الطائف والعيش المشترك، أي أنه يسعى للعودة إلى الداخل اللبناني». وقال في تصريح: «ما طرح في الإعلام عن تسوية تقتضي انتخاب رئيس للجمهورية من 8 آذار مقابل تكليف الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة لا أساس له ولسنا في وارد المقايضة». وأضاف: «عندما تبدأ أي عملية سياسية يجب إعادة بناء الثقة، وتجربتنا السابقة مع حزب الله في العام كانت سيئة جداً إذ حصلت اتفاقات وتم التراجع عنها، وبالتالي هناك أمور يجب إعادة البناء عليها وبناء الثقة هو الأساس ويبدأ من نقطتين في الداخل مباشرة في موضوع «سرايا المقاومة» التي لها تأثير كبير في الشارع في بعض المناطق وتؤدي إلى اضطرابات أمنية واحتقانات، أما النقطة الثانية وهي الأهم فموضوع الرئاسة، أي أن يكون هناك قبول بمبدأ رئيس توافقي لكي نجلس ونتحدث عنه». وذكّر فتفت بأن «الرئيس الحريري سبق أن طرح مثل هذه التسوية منذ زمن ولم يلق أي تجاوب، والجديد الآن أن «حزب الله» بدأ بطرح الأمر والحوار جزء من فلسفتنا السياسية وليس الفرض بالقوة، وعندما نتحدث عن حوار حقيقي نتحدث في كل المواضيع الداخلية، لكن أيضاً إذا أردنا فعلاً الخروج من الأزمة هناك أمور متعلقة بالسلاح وبعض مواقف حزب الله يجب أن يكون الحزب مستعداً لمناقشتها، لا يكفي أن نطرح شعارات ومبادئ سياسية». وأكد حزب «الوطنيين الأحرار» في بيان بعد اجتماعه برئاسة رئيسه النائب دوري شمعون أن «انتخاب رئيس يشكل المدخل لحل كل المشكلات العالقة، ولا عذر للمتخلفين عن واجبهم الدستوري أياً تكن الأعذار التي يقدمونها أو التسويات المفترضة التي يدعون إلى إنجازها. من هنا نظرتنا الحذرة إلى اقتراح سلة الحلول المتكاملة الذي تقدم به الأمين العام لحزب الله، ناهيك بالتجارب الفاشلة التي اختبرها اللبنانيون حيث لم يحترم حزب الله التزاماته، وآخرها في إعلان بعبدا». أبي رميا ينذر معرقلي سد جنة وفي المقابل أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا أن «التيار الوطني الحر يؤيد أي قانون انتخاب يؤمن المناصفة العادلة والتمثيل الصحيح لكل القوى السياسية بهدف الحصول على توازن حقيقي على الساحة اللبنانية». وشدد على أن «أموال سد جنة مؤمنة من مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان». وقال: «نلاحظ في هذا المشروع تعدياً على صلاحيات وزارتي الطاقة والداخلية لأسباب سياسية واضحة». وإذ وجه أبي رميا إنذاراً شديد اللهجة لمعرقلي سد جنة، قال: «انه في حال لم يتم إعطاء تراخيص من اليوم ولنهاية الأسبوع المقبل سنقفل طريق نهر إبراهيم ونقطع المياه التي تصب في بيروت، وسيتم التصعيد بحلول السبت في 28 الجاري». وحمل رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة كامل مسؤولية تعطيل مشروع سد جنة، وهذا ما أعلن عنه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان وبعض المسؤولين حول مسؤولية السنيورة عن التعطيل».