على مرمى حجر من المتظاهرين في وسط بيروت تتبدى مدينة أخرى لا يفصلها عن احتجاجات ضد الحكومة سوى أمتار كفيلة بتغيير الصورة والعودة ببيروت إلى عصر فني تشكيلي ضارب في عمق العاصمة. وخلف جدارين متوازيين كانت نخب سياسية تقص شريط الافتتاح لمتحف سرسق العريق في منطقة الأشرفية بعد إغلاق وعمليات ترميم دامت أكثر من سبع سنوات. والمفارقة أن هذه النخب نفسها هي التي ترتفع أصوات المتظاهرين ضدها وتطالب بعضها بالاستقالة. وكان نقولا إبراهيم سرسق أوصى بتحويل قصره بعد وفاته إلى متحف للفن الحديث والمعاصر في قلب بيروت. وافتتح المتحف أبوابه للمرة الأولى عام 1961 وغايته جمع الأعمال الفنية المحلية والعالمية والمحافظة عليها وعرضها. ومنذ عام 2008 يخضع المتحف الأثري لأعمال ترميم وتوسعة أضافت إليه أربعة طوابق ونتج من أعمال التوسعة زيادة تقدر بخمس مرات عن حجمه السابق. وفيما كان ثلاثة من مغني الأوبرا يصدحون بنبراتهم العالية احتفالاً بإعادة افتتاح المتحف الذي يفتخر به سكان بيروت، كانت القوى الأمنية على بعد أقل من كيلومتر واحد تستخدم الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق احتجاج مناهض للحكومة ما أدى إلى إصابة عشرات. وفيما كان المتظاهرون يطالبون باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق كان يقول داخل متحف سرسق «أعتقد أنه يوم عظيم بالنسبة لي بغض النظر عن ظروفنا وبيئتنا ومشكلاتنا. هذا حدث ثقافي فني متكامل تاريخياً ينهل من تراثنا الأشياء التي نحن بحاجة إليها دائما». وينوي القائمون على المتحف استضافة سبعة معارض في العام ليكون أول متحف تفاعلي للفن المعاصر في لبنان. كما يسعون إلى تنفيذ جولات ليلية في شوارع العاصمة برفقة فنانين محليين وتنظيم جلسات دراسية لفن التصوير للفتيان والفتيات.