أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    اليوم.. طرح 1.545 مليار سهم من «أرامكو».. السعر بين26.7 و29 ريالاً للسهم الواحد    الراجحي يبحث عن الصدارة في بلاد «ميسي»    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإيطالية بمناسبة ذكرى يوم الجمهورية لبلاده    انتصارات الهلال.. هل تهدد مستقبل رونالدو مع النصر؟    إدانة مواطن بجريمة تزوير شيكات تقدر ب أكثر من 34 مليون ريال منسوبة لجمعية خيرية    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    «الداخلية»: القتل تعزيراً لنيجيري هرّب الكوكائين إلى السعودية    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    الأهلي يلاقي الأهلي المصري في اعتزال خالد مسعد    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    470 ألف مستفيد من فعالية الإعلانات الرقمية    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    جنون غاغا لا يتوقف.. بعد أزياء من اللحم والمعادن.. فستان ب «صدّام» !    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    تحت شعار «أرضنا مستقبلنا».. وحشد دولي.. السعودية تحتفي ب«اليوم العالمي للبيئة»    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    روبوتات تلعب كرة القدم!    المملكة تدعم جهود الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    ثروتنا الحيوانية والنباتية    بلد آمن ورب كريم    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خولة مطر: نساء «المناصب العليا» في الخليج لأدوار «تجميلية» فقط!
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 2010

طفولة تزينت بالبراءة، ومراهقة من دون عواصف قضتها خولة مطر بين الكتب وأب يقضي سويعات معها وإخوتها في اختبار حول أبيات شعر لطرفة بن العبد وامرئ القيس والمتنبي.من البحرين انطلقت إلى عواصم عالمية كان لكل منها نصيب يسكن ذاكرتها، فوصلت إلى منصب دولي، ومع ذلك ما زالت تقول إن ابنة المطر ليس لها نصيب من المطر، وما زالت تنتظر (السيل)! تصنف نفسها أنها من جيل الخيبات الكبرى الذي راهن على أحلامه يوماً.
أعجبت بتغطية صحافي بحريني، وكتاب صحفية إيطالية فقاداها لدراسة الإعلام، وحققت حلماً بأن تصبح رئيسة تحرير سرعان ما وأدته ورحلتْ إلى عالم أرحب، خاضت التجربة الصحافية التي تحب حين ملأت تقاريرها الصحافية الكثير من مدن الويلات السياسية أصدرت كتابها الأول عن يوميات بيروت المحاصرة وتحلم بكتابة تجربتها مع المنفى والارتحال يوماً ما،. مع خولة مطر الخبيرة بالمكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية. كان هذا الحوار الممتع.
بماذا تزينت طفولتك؟ وهل مرت المراهقة من دون عواصف؟
- لا أتذكر إلا بحراً من البراءة ومساحات واسعة من البساطة في بيتنا بمدينة المحرق حيث يتجاور البشر، كلٌّ بحسب قدرته ومقداره من دون تلك الأسوار الشاسعة التي أصبحت اليوم حواجز تعزل شريحة من المجتمع البحريني عن الأخرى ولا سيما منها التي فصلت الطبقات الاجتماعية بكثير من التوحش.
أما مراهقتي فلم تكن عاصفة، كما أتذكر، كانت مراهقة هادئة قضيتها بين كثير من الكتب التي كان يقرأها والدي، إذ كان يعشق القراءة ولديه ذاكرة رائعة الجمال وخاصة في الشعر، وفي سويعات كان يمتحنني أنا وإخوتي حول بيت شعر للمتنبي أو آخر لامرئ القيس أو طرفة بن العبد.
هل حدث أن توقف المطرُ عن الانهمار في حياتك؟
- كثيراً ما توقف المطر، بل إنني عشت سنوات طويلة من الجفاف، ربما القحط، كنت أضحك عندما يقولون لكل نصيب من اسمه فكيف وأنا ابنة المطر ولا نصيب لي من مطري، وأحياناً كنت أبرر أنه عندما يسود الجفاف حياة أحدنا فربما لأنه يتم تخزين المطر لمراحل مقبلة وما زلت أنتظر السيل.
أنا والمدن
البحرين، بيروت، القاهرة، لندن... أيها أسهم في تشكيلكِ أكثر؟
- عشتُ في المدن الثلاث وأدّعي بأنها جميعاً طبعت شيئاً منها على شخصيتي، فالقاهرة قضيت فيها نحو ثلاث سنوات للعمل، وأعود لها مع أوائل العام المقبل لأشغل منصباً جديداً هناك فأعود والعود أحمد، وحتى في البحرين انتقلت من المحرق إلى المنامة، وعلى رغم صغر البحرين ومدنها إلا أن لكل من مدنها مذاقَ الشهد، هي الوطن الذي علمني خطوتي الأولى وحرفي الأول وصرختي الرافضة أيضاً.
مدن وطني مليئة بدفئ أهلي وحضنهم، وأهلي هنا تَسَعُ أكبر من العائلة الصغيرة أو القبيلة. أما بيروت فهي مدينة التمرد والحرية والجريئة من دون أي توجس، هي المقاهي المسترخية في أطراف الطرقات تنقل نقاشات ثوار العالم العربي من محيطة إلى خليجه، كان تعارفنا الأول عند التحاقي بالجامعة الأميركية في بيروت حيث كنت مندهشةً من كثرة هذا الثراء والانفتاح والحرية.
أما لندن فهي المتحف الواسع، تنتقلُ من شارع إلى آخر فيتلقّفك متحف أو مسرح أو أو، لندن التي أعرفها ليست هي متاجر هارودز أو شارع أجور روود أو حتى سلوان ستريت، هي ليست المتاجر المتخمة بكل مستحضرات الاستهلاك تدعو العربي القادم من قحط مدن النفط ليتحول إلى مجرد مستهلك.
لندن تلك التي علمتني فن الإصغاء والتمعن في المعلومة وإعادة صياغة الفقرة والوقوف عند الفواصل وتعلم فن الاستمتاع بالصمت والمشي في حدائق الهايد بارك، هي مدينة يجدها كثيرون جافة جداً أو طرية، لكونها تحثهم على الاستهلاك أجدها امرأة ناضجة في عقدها الخامس أو السادس تملك من الخبرة ما يسقط برحيقها على جمالها الخارجي فتزداد بريقاً.
هل كنتِ من جيل أعطى كل الفرص فاستطاع أن يصنع شيئاً؟
- لا أتصور أن جيلنا أُعطي كل الفرص، بل على العكس قد يكون هو الجيل الذي نقش الحرف على الحجر لتستدل به الأجيال المقبلة وتقتفي أثره من دون أن تتبعه، ولكن لتجعله بوصلة لها، وعلى رغم ذلك فأنا أجد أننا جيل الخيبات الكبرى، فكثيراً ما حلمنا وحلمنا ثم حلمنا أكثر لنجد أنفسنا أمام واقع شديد القسوة لا يرحم الحالمين ولا يهوى سوى تكسير الأحلام وتحويلها إلى وهْم، وكثير من أبناء جيلي تخلوا عن أحلامهم الكبرى والصغرى أيضاً واكتفوا بما تمنحه الحياة.
أنا أيضاً اكتفيت بالممكن فيما كنت أحلم بالمستحيل، كأن يكون الفضاء الحر أكثر من الهواء الخانق في دولنا العربية، أن يكون للصحافة مسافاتها التي تبعدها عن السلطة بدلاً من أن تنام في حضن هذه أو في أحضان رأس المال الناشئ على دفن أحلام أجيال مقبلة من أبناء تلك الأوطان.
مشاكستك... هل حرمتك من أمر ما؟
- من الكثير الكثير، فحتى أثناء عملي في المنظمات الدولية لم يتحمل صراحتي ومشاكساتي الكثيرون ولا سيما المديرين، فأنا لا أعرف الحلول النصفية ولا أطيق أن يطلق البعض شعارات ما، ثم لا يطبقوها على أنفسهم.
من قاد خطواتك للإعلام؟
- تصوري أنني في الكثير من الأحيان أبحث عن السبب، مرة قلت لوالدي إنني قد درست الأعلام لأدافع عن قضايا البشر كل البشر في كل شبر من هذه الأرض الواسعة، ولكن أكثرهم أقربهم حاجة إلى فضح الانتهاكات التي يعيشونها، إلا أنه أجابني ليتك درست الحقوق، فالمحامي أكثر قدرة على انتزاع الحق الذي يضيع في متاهات وأروقة حتى المحاكم غير المستقلة.
ولكن أقول لك حقيقة إنني ربما تأثرت ببعض الصحافيين البحرينيين والعرب والعالميين، وأعتقد أنني عندما رأيت الصحافي إبراهيم بشمي يغطي إحدى مظاهرات العمال في أوائل السبعينيات وكنت طالبة في «الثانوية» أعجبت جداً بالدور الذي يقوم به وبعد سنين عملت معه وتدربت في مدرسته.
ثم كان أن قرأت لقاءات وكتب الصحافية الإيطالية أوريانا فالاتشي، ولا سيما كتابها المهم الذي يحمل عنوان «لقاءات مع التاريخ» أو شيء من هذا القبيل، حلمت أن أكون هي، فأحمل كاميراتي وأرحل بين عواصم الكون وأغطي الحروب وقد حدث الكثير من ذلك ولكن ما زلت أحلم وكنت أتمنى أكثر.
كرسي رئاسةالتحرير
كنت أول رئيسة لتحرير صحيفة «الوقت»... هل ترين كرسي الرئاسة يستحق؟
- كانت أمنية وتحققت كنت دوماً أحلم بأن أكون رئيسة لتحرير صحيفة يومية وكان، ولكن وُئِدت تلك التجربة وسرق الحلم، فلم أكمل المشوار مع «الوقت». الكرسي (أيْ كرسي رئاسة التحرير) ليس كرسياً فقط، بل كثير من المسؤولية والتأكيد على المهنية ورسم خط واضح للصحيفة وتحفيز الشباب على العمل بجد وعدم استسهال الوصول إلى المناصب.
في الصحافة الأمر مختلف تماماً عن المناصب الحكومية أو حتى المناصب والمراكز في المنظمات الدولية، هي مؤسسات دورها أن تنتقد «عشاق» الكراسي فكيف لها أن تمارس نفس ما تنتقده!؟ وبصفتي رئيسة للتحرير كنت أقضي أكثر ساعات يومي في الصحيفة وأعمل مع الزملاء بروح الجماعة وليس بروح الفرد، على رغم أنني اتهمت من البعض بالتسلط ربما عندما كنت أصر على متابعة الحدث يوماً بيوم وعدم الغوص في المحلية على حساب القضايا العربية والعالمية.
رؤساء التحرير العرب... هل ينافسون الحكام العرب في الجلوس على كراسي الرئاسة؟
- نعم، فكثير منهم لم يعد قادراً على ترك الكرسي، لأنه أضاف لهم هيبة ووجاهة والأهم سلطة تلك الكلمة التي تدير الرؤوس، وأصبحوا ينافسون الحكام في عدد السنين التي يجلسون فيها على كرسي رئاسة التحرير.
وعلى رغم قناعتي بأن هناك رؤساء تحرير عليهم أن يبقوا على رأس الهرم الصحافي للخبرة الطويلة التي يملكونها وفي الصحافة الخبرة على درجة أهمية العلم والمعرفة نفسها - وهذا ما يفتقده الكثير من الشباب المتحفز اليوم للوصول إلى المناصب قبل نضوج التجربة - هناك آخرون التصقوا بالكرسي على رغم أنهم لا يضيفون له أو للصحيفة أي شيء بمعنى أنهم رؤساء تحرير شكلاً وآخرون هم من يديرون الصحيفة وفي صحفنا الخليجية الكثير من هؤلاء.
الصحافة الخليجية... هل فضاؤها يسمح بالانطلاق؟
- كان صديقي الرائع الجمال ناجي العلي يقول صحف الخليج ورقها كثير وخيرها قليل ورسم ذلك ونشره في أحد كاريكاتيراته الشهيرة، الصحف الخليجية أولاً ليست واحدة.
ويصعب التعميم، فصحف الكويت مختلفة عن صحف السعودية أو الإمارات، وعلى رغم أنها تلتزم بسقف ما، إلا أن أداء هده الصحف يختلف بين بلد وآخر وبين صحيفة وأخرى، باختصار فضاء الصحف الخليجية محدود كما هو فضاء مجتمعاتها التي تعيش تناقضات و«شيزوفرينيا» غريبة الشكل خلقت مع الطفرات النفطية ثم البنكية ثم العقارية، فالصحف تعمل على الشكل والمظهر والبريق الخارجي على حساب المضمون والمهنية والاستقلالية والحرية الصحافية، ورق مصقول وكثير وملون ومضمون قبلي يعود إلى أيام الجاهلية الأولى.
القنوات الإعلامية في الخليج
بصفتك خبيرة... هل تجدين أن القنوات الإعلامية في الخليج أسهمت في تكامله؟
- الدراسات والمراقبة الدقيقة تشيران إلى أن الإعلام الفضائي الخليجي والعربي أسهم في زيادة النعرات والانقسام حتى بين دول مجلس التعاون نفسها، فعلى سبيل المثال لننظر كيف عالجت المحطات الفضائية لقضية العملة الموحدة ووضع البنك المركزي في العاصمة السعودية وكيف كانت ردود الفعل من كل الأطراف، فكل محطة لها مرجعيتها، ولذلك تمرست خلف تلك المرجعية السياسية طبعاً.
الخليج بحاجة إلى التوقف قليلاً عند جدوى التكامل بدلاً من التناحر والتنافس الدائر منذ سنين طويلة جداً، فلننظر على سبيل المثال إلى التنافس على الألقاب بين العواصم ومحاولة تقليد بعض النماذج التي أثبت الزمن فقط فشلها على صعيد التنمية الحقيقية وليست النمو التجاري.
وكالات الأنباء الدولية... لماذا لا نجد الخليجيين مؤثرين في قيادتها؟
- لأننا باختصار في البدء قمعنا الإعلام وحسبنا على الإعلاميين خطواتهم وأرسلنا الوعود بالحساب والعقاب ثم انتقلت الحملة على أولئك الدين يعملون في وكالات الأنباء أو المحطات الإذاعية الأجنبية بنعوت مثل «الخونة» والجواسيس والعملاء، الخ.
أنا شخصياً عندما كنت مراسلة مع وكالة أنباء الاسوشيتدبرس قيل الكثير عني من المسؤولين عندما كنا نتخطى سقفهم المنخفض، وكذلك علينا بالاعتراف أن العمل الصحافي في منطقة الخليج مشوّه.
نملك الثروة، ولكننا لا نملك التأثير الإعلامي... فأين الخلل؟
- باختصار وبصراحة شديدة لأن القائمين على الإعلام الخليجي أغبياء جداً ما زالوا يعملون بنظرية «البروباغاندا» وكأنهم في فترة غوبلز الشهير أيام النازية، بمعنى التطبيل والتجميل على الحاكم والحكم حتى ولو في ذلك الكثير من الفجاجة. الإعلام بحاجة إلى إدارة ذكية وحداثية لتستوعب وترشد المسؤولين إلى أن الدعاية المباشرة والفجة تسيء إليهم أكثر مما تنفعهم.
لكل هذه العوامل يبدو تأثيرنا الإعلامي على رغم ثرواتنا ومصروفاتنا على هذا المجال من دون المستوى المطلوب، كما أنه من المهم الإشارة إلى أن أكثر من يسيء إلينا هم من يدّعون أنهم خبراء في الإعلام ومستشارون للمسؤولين، فمعظم المعنيين أو القائمين على الأجهزة الإعلامية محليون غالبيتهم عرب.
المرأة وصنع القرار
ما الذي يحُول بين المرأة الخليجية ومواقع صنع القرار؟
- القبلية، الأنظمة غير مقتنعة وكذلك المجتمعات بدور المرأة، وكذلك التوجه الحديث بين بعض الأنظمة إلى وضع نساء في مراتب عليا مثل وزيرة أو وكيلة وزارة فقط لأهداف تجميلية لكي تقول الحكومة بأن لديها نساء وزيرات من دون الإيمان الحقيقي بالإضافات التي تقدمها الوزيرات.
وللأسف يختارون المرأة الخطأ، نتيجة لقلة الخبرة والمعرفة لإعطاء مثال سيئ لوصول المرأة إلى مناصب صنع القرار، بمعنى آخر أنه علينا أن نؤمن بأن المرأة المناسبة للمكان المناسب هو ما نريد وليس فقط إضافة أعداد من النساء لتجميل الصورة القبيحة لواقعنا.
قبلية المجتمع الخليجي... هل جَنَتْ على المرأة أم أنها حفظتها من (الخطر)؟
- بلا شك، جنت عليها، فمعظم ما تعانيه المرأة الخليجية ليس إلا نتاجاً لتلك القبلية التي تغلف أحياناً باسم الدين أو العادات أو التقاليد.
أسوأ ما يعاني منه المجتمع الخليجي على مختلف مستوياته وليس على صعيد المرأة فقط هو القبلية بكل أشكالها الشديدة القبح، ثم إن المحافظة على المرأة غير ممكنة في ظل حبسها وعزلها على العالم وهو يتحرك، وهو ما يؤدي بها - إذا ما سنحت لها الفرصة - إلى السقوط في متاهات الحياة العصرية من دون أن تميز بين الصالح والطالح،
ماذا يميز المرأة السعودية عن شقيقاتهن الخليجيات؟
- أعتقد بأن النساء السعوديات يتميزن كثيراً برغبة شديدة في العلم وزيادة المعرفة والمشاركة في بناء مجتمعهن وتحقيق ذاتهن، وقد أثبتنا ذلك على أكثر من صعيد.
وفي الكثير من الندوات أكرر مثل هذا الخطاب بأن المرأة السعودية – على رغم الصورة النمطية حولها في مقابل نساء من مجتمعات عربية أكثر تحرراً «خارجي أو مظهري» - استطاعت أن تحقق الكثير من التقدم ضمن ظروف شديدة التعقيد والصعوبة من نساء في مجتمعات يبدو العمل بها سهلاً جداً وإمكانية تحقيق مكاسب للمرأة سهل، ولكل ذلك.
كلما ألتقي امرأة سعودية متعلمة تؤدي دورها وواجبها في مجال ما، أزداد إعجاباً بها وتقديراً لما تقوم به، وأتمنى أن تستطيع النساء العربيات والأخريات في أوروبا ودول العالم أن ينظرن إلى المرأة السعودية خارج النمطية والحجاب والنقاب.
حين تتصفحين أوراق النساء في الخليج... ماذا تضعين عنواناً لهن؟
- شجاعات ورائدات، ولكنهن بحاجة إلى تبادل الخبرات وأن تتضامن مع شقيقتها المرأة ولا تكون عدوة لها، كما يقال، الأهم أن لا تهتم المرأة الخليجية بالمناصب فقط ولكن بقدراتها ووصولها إلى مناصب صنع القرار بقدراتهن هن وليس أن يتحولوا إلى أدوات تجميل للأنظمة.
المواطن العربي... هل استطاع الخروج من كونه أحد الرعايا فقط؟
- لا تزال المُواطَنة مفهوم جديد وغير مفهوم لدى العديد من العرب، فلا توجد أية آليات لتعزيز المواطنة بل على العكس في المجمل هناك تكريس للرعية في مقابل المواطنة، وهناك ندخل مساحة شائكة بحاجة إلى بحث منفرد وقد كانت رسالة الدكتوراه التي قمت بها تتناول موضوع المواطنة في الخليج بعنوان: (المواطنون الصامتون: المواطنة والإعلام في الخليج).
التدابير الدولية لحماية لقوانين الاتجار بالبشر... هل تتوافق معها قوانين حكومية؟
- بعض دول الخليج قد بدأت في أخذ إجراءات، (قوانين وتشريعات) مهمة جداً بالنسبة إلى مسألة الاتجار بالبشر ومحاربة هذه الجريمة الدولية عابرة الحدود والقارات، مثال ذلك عُمان فقد شكلت لجنة على الصعيد الوطني شملت الوزارات والجهات الحكومية المعنية وقامت بوضع قانون لمكافحة الاتجار بالبشر ثم تسعى بشكل مستمر على تدريب القضاة والمعنيين في الجهاز الأمني وهي بذلك رائدة في منطقة الخليج تتبعها البحرين وربما الإمارات بإجراءات بحاجة إلى تعزيزها بشكل أكبر.
استغلال الأطفال والنساء في المنطقة العربية... لماذا تناقشها الحكومات العربية بخجل وحذر؟
- لأننا نعتقد بأنه في اعترافنا بأن هناك دعارة بين الفتيات والفتيان العرب هو إهانة لنا وفضيحة وفيها كشف المستور فنحن نفضل أن نخفي الجريمة البشعة على أن نعترف بها ونواجهها، والضحية في نهاية الأمر أطفال ونساء وهم الأضعف في مجتمعاتنا. وأعتقد بأن أكثر الأمور إساءة إلينا في الخليج أن الكثير من هذه الأنماط من الدعارة هي نتيجة لعرض وطلب والطلب يأتي من الخليج بحث عن العذراوات، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الفتيات الصغيرات بين اللاتي يبعن اليوم في سوق النخاسة الحديثة أمام أنظار الأنظمة التي تغض الطرف أحياناً وفي أحيان أخرى تعاقب الضحية بدلاً من معاقبة المسؤول عن تلك الجريمة أي الشخص الذي يتاجر بالأطفال.
ربة البية والانصاف
هل ستجد المرأة (ربة البيت) إنصافاً دولياً وقانونياً للعمل من دون أجر؟
- يعد عمل المرأة المنزلي عملاً وعليه يجب أن يخصص نوع من أنواع التعويض لها عن هذا العمل كما تنص اتفاقات عدة، بل إن منظمة العمل الدولية وغيرها من المنظمات المعنية تجد في العمل المنزلي جهداً مضاعفاً على المرأة، وعليه تطالب دوماً باعتباره عملاً، كما تطالب بتعويض مناسب للمرأة.
المرأة العاملة ما زالت تعاقب على دورها الأمومي... متى يلتفت إلى هذه القضية؟
- أصبحت هناك اتفاقات دولية لحمايتها ضمن دورها الأمومي وهذا يأتي ضمن المحاولات الجادة للقول بأن هناك مقابل الأم أب عليه أن يتحمل دوره الأبوي ولذلك تجدين أن لدى معظم منظمات الأمم المتحدة إجازات أبوة كما إجازات الأمومة بمعنى أن الأب يأخذ أربعة أشهر إجازة (بحسب قوانين كل دولة) والمرأة أربعة أشهر أخرى تتوزع بينهما حتى يبقى كل منهما مع المولود الجديد،
تقارير الظل... هل هي الأفضل في إعطاء صورة عن وضع الإنسان العربي؟
- عندما تكون بعيداً عن سيطرة الدولة، ولكن ومع الأسف الشديد فكثير من تقارير الظل تأتي من منظمات تحسب نفسها على المجتمع إلا أنها حكومية المضمون والقالب، كما أن الكثير من هيئات المجتمع المدني لا تصدر تقارير أو توقع على تقارير الدولة من دون قراءة التقرير وغير ذلك من أشكال الانتهاكات الكثيرة.
قوانين العمل في الخليج... هل تحتاج إلى ثورة تصحيحية؟
- بعضها نعم، وبعضها الآخر هو بحاجة إلى آليات تنفيذية ورقابية أهم من القيام بثورة فيها، فقد قامت الكثير من دول الخليج خلال السنوات القليلة الماضية ببعض التغييرات على الصعيد التشريعي هي لا بأس بها في مجال احترام روح الاتفاقات الدولية الخاصة بالعمل ولكن لا يزال أمامها الكثير.
متى ستشعر الحكومات الخليجية بأن ازدياد نسبة العمالة لديها سيشكل خطراً على الأجيال المقبلة؟
- أعتقد بأن معظم الحكومات الخليجية قد وصلت إلى مثل هذه القناعة ولكن كيف السبيل لمواجهتها؟ هنا تكمن المعضلة فقد اعتاد أصحاب العمل في الخليج على عمالة رخيصة ولا تملك أي شيء من الحقوق وهم (أي أصحاب العمل) غير مستعدين للتفريط بهذه المكتسبات التي تمت خلال العقود الثلاثة الماضية، وهنا تكمن المشكلة وهذا ما لمسناه عند إصدار وزير العمل البحريني على سبيل المثال القانون الجديد بالنسبة لتنقل اليد العاملة الأجنبية وكيف وقفت كل الحكومات الخليجية ضده وكذلك غرف التجارة والصناعة والزراعة.
هناك مشكلة حقيقية أننا لم ندرك في دول الخليج أن اعتماد نمط نمو وليس تنمية كالذي اتبعناه قد يحولنا إلى أقليات في أوطاننا واليوم قد يكون تأخر الوقت لتدارك هدا الأمر.
هل إيقاف استقدام العمالة سيشعل شرارة توترات سياسية واقتصادية بين الدول؟
- لا أتصور، ولكنه سيكون صعباً جداً، وسيولد أزمات في الدول المرسلة والدول المستقبلة، فالكثير من الدول الآسيوية كالهند وبنغلاديش والفيليبين وغيرها تعتمد في اقتصاداتها الكلية على عائدات العاملين في دول الخليج.
كما أنها غير ملزمة بخلق أنماط جديدة من العمل لمواجهة الداخلين الجدد إلى سوق عملها، فهي تعتمد على أن معظم أبنائها وبناتها سيرحلون للعمل بمدن النفط إما في المنازل أو في البناء والإعمار وغيرها.
هل تنظر إلينا المؤسسات الدولية على أننا نمارس العبودية ضد العمالة في الخليج؟
- بعض المنظمات الدولية مثل هيومان رايتس واتش قالت إن التعامل مع العمالة الوافدة في الخليج ونظام الكفيل يشبه العبودية، ولكن ليست كل المنظمات تنظر إلى الأمر بالصرامة نفسها، فبعضها مثل منظمة العمل الدولية تفضل أن تقدم الحلول لهذه الدول بدلاً عن توجيه الاتهامات لها.
كيف ترين الحضور الخليجي في المنظمات الدولية؟ وهل لهم دور فاعل؟
- الحضور ضعيف جداً ومتفرق، ومعظمه جهود فردية، وليس بدعم من الدولة أو الحكومة، وهذا ما تقوم به معظم الحكومات الأخرى عربية وأوروبية وآسيوية.
فغير صحيح أن من يعملون في المنظمات الدولية من الدول الآسيوية أو الأفريقية أو حتى من القارة الأوروبية يستطيعون ذلك بكفاءتهم فقط، فمن الخبرة والعمل اكتشفت أن هذا وهم وأن كل التعيينات هي في مجملها سياسية مع وجود استثناءات بسيطة.
بمعنى أن المنظمات الدولية وحتى يكون لدول الخليج حضور بها عليها أن تسهم في دعم أفرادها القادرين والأكْفاء وليس فقط وضع أي شخص خليجي من دون خبرة ولا كفاءة ففي ذلك إساءة إلى الخليج وشعوبها.
مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك تركت بصمات لا تنسى على أجيال من الخليج... هل من سبيل لإعادتها إلى الحياة؟
- بصراحة أجد أن كل مشروع خليجي مشترك يأتي بنتيجة لا يطول عمره. وهذا دليل ربما على أن هده المشاريع المشتركة قد أثبتت فشلها على رغم إرادة القائمين عليها، ولهذا حديث يطول أيضاً.
أما كيف نعيد لها الحياة فذاك يبدأ بقناعة الأنظمة القائمة بجدوى العمل المشترك والوحدة، ففي اعتقادي بأن كل دولة في الخليج لم تدرك بعدُ أهمية هده الوحدة وتعزيزها بشكل أوسع بكثير من مجرد مجالس.
ما الذي ينقص مدن الخليج لتصبح جاذبة لسكانها؟
- الحرية ثم الحرية ثم الحرية ثم الانتهاء من عمليات الحيويات المزدوجة، فكم حياة يعيشها الخليجي، واحدة بمنزلة مختلفة عن تلك التي يعيشها في مدينته ليلاً وعن تلك التي يعيشها بمجرد أن يصعد الطائرة ويرحل إلى مدن الكون، في كل ذلك بحث عن مساحات من الحرية.
انظري لنساء الخليج في مدنهم يتشحون السواد وأنماط الأحجبة التي رحن يتفنن فيها وبمجرد أن يغادرن مدنهن وينتقلن ليحررن أجسادهن ورغباتهن حتى مع أحجبة، ولكنها ملونة وزاهية، إذاً فالإنسان بطبعه يبحث عن الحرية التي لا تحددها له أجهزة دولة أو رقابة مجتمع أو رقابة دينية مصطنعة ترى في تنصيب نفسها المسؤولة عن الحلال والحرام وسيلة للسيطرة وهي في ذلك تسهم أكثر وأكثر في ازدواجية الفرد والمجتمع الخليجي.
المنفى... هل عشته من دون أن تدري؟
- نعم عشته، وأدري بأنني في الكثير من الأحيان كنت أحاول أو أعمل على إنهاء هذا المنفى والعودة إلى بيتي (وطني) وأقدم له خلاصة خبرتي وجهدي وعملي، ولكن لم يكن هناك مجال فما لبثت أن حملت أمتعتي وبعض أغراضي الصغيرة وعدت إلى المنفى، المنفى أكَل من حياتي أجمل سنين عمري، أخد مني الاستمتاع بلحظات كثيرة على صعيد الوطن وعلى الصعيد الشخصي، هو المنفى سأكتب يوماً عنه كثيراً كثيراً المنفى الذي رمتني له جرأتي وكتاباتي التي لم يتحملها الكثيرون في بلدي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.