عرف موسم رمضان 2015 منافسة قوية بين أكثر من ثلاثين مسلسلاً مصرياً، ولم تقتصر هذه المنافسة على أسماء النجوم (الممثلين) فحسب، بل اتسعت رقعتها لتشمل الكتّاب الذين دخلوا عالم الدراما بخطوات واثقة. «حالة عشق» كان واحداً من المسلسلات المنافسة في الموسم الرمضاني، من بطولة مي عز الدين وبوسي وسامح الصريطي وعايدة رياض وروجينا وحنان سليمان وآخرين، وتأليف محمد صلاح العزب وإخراج إبراهيم فخر. «حالة عشق» لا يجسّد التعاون الأول بين محمد صلاح العزب (مؤلفاً) ومي عز الدين (تمثيلاً)، فقد تعاونا في الموسم السابق عبر مسلسل «دلع بنات»، وقد تكون الثنائيات المتجانسة في العمل من الملامح الواضحة في موسم الدراما لهذا العام. ينتمي هذا العمل إلى نوع الدراما العاطفية التي تسعى إلى التشويق (نمط درامي اعتاد المشاهد المصري والعربي مشاهدته عبر الأعمال التركية المتعددة المواسم)، غير أن «حالة عشق» هو عمل من ثلاثين حلقة فقط، ولا أتصور ان صُنّاعه يخططون لموسم آخر. تكشف المزاوجة بين «حالة عشق» وبين أجواء الدراما التركية طبيعة الشخصيات وبيئتها، فملك (مي عز الدين) من أسرة ثرية تُصر أمها (بوسي) على أن تناديها ابنة الخادمة ب «يا هانم»، وملك تعمل مذيعة في محطة إذاعية تُقدم برنامجاً عاطفياً، جاءت مقدمته حالمة في الحلقة الأولى، مكتوبة بحرفية تناسب محمد صلاح العزب الروائي الذي أبدع في كتابة حوار مميز بعيداً من اللغة الدارجة والمعتادة في كثير من الأعمال التي تم تقديمها، وبات الروائي في داخل العزب يتنازع مع السيناريست، حيث الحوار لكل الشخصيات مهما اختلفت بيئتها الاجتماعية أو الوظيفية، فهو حوار شاعري بامتياز، يميل إلى نسج القصائد، حتى عند اكتشاف المساوئ أو المشكلات والتعبير عن الضيق أو الحقد، فإن الحوار لم ينزلق عن مساره. التكثيف في حلقات «حالة عشق» جعل سقوط إحدى حلقات العمل من المشاهدة أمراً قد يُسبب خللاً لدى المشاهد. لكنّ التشابه واضح بين أجواء المسلسل وأجواء الدراما التركية من خلال اختيار شخصيات ثرية وحكايات رومنطيقية لم تعد حاضرة كثيراً في مجتمعاتنا، الا أنّ إضفاء الصبغة المصرية جاء من طريق اختيار شخصيات من طبقات اجتماعية أقلّ مثل شخصية «الخالة» (عايدة رياض) التي تُعبّر عن بعض أحقاد دفينة نحو أختها الثرية. تأتي حالة التشويق نتيجة ذلك الارتباك الناتج من وجود شخصيتين هما «ملك» و«عشق» اللتين تقدمهما عز الدين. الموسيقى التصويرية من تأليف وليد سعد، وهي من الأمور الواضحة التي تجدر الإشارة اليها اذ جاءت لتعكس المشهد المعروض على الشاشة في توافق وتناغم كبيرين، كأنّ الموسيقى متمّمة لحالة الرومنطيقية السائدة. تقدم مي عز الدين شخصية الفتاة الحالمة، وهي- حتى بعد اكتشاف مرضها النفسي- لا تبتعد عن تلك المنطقة التي سبق أن قدمتها في أعمال عدة، لكنّ الأداء جاء هادئاً بفعل الحوار المغرق في الرومنطيقية. قد يُرضي مسلسل «حالة عشق» جمهوراً واسعاً، خصوصاً محبي الدراما التركية بتشابكاتها العاطفية والبوليسية ووجود الجريمة التي تدفع الى التشويق وتبث الروح في العمل، وهو ما نراه في تتابع المسلسل، فهناك قصة حب ومرض نفسي وجريمة، إضافة إلى وجود شخصيتين تقدمهما عز الدين، ما يؤكد حالة الارتباك لدى المشاهد. اللقطات الواسعة الكاشفة لأجواء الثراء كانت السائدة في اختيارات الصورة وزواياها، إلا انها لم تأت في مستوى تميز عناصر أخرى. إجمالاً يمكن القول إن «حالة عشق» مسلسل متوافق العناصر، وإن كانت قوته تكمن في مسألتي التأليف والموسيقى.