بعد الخفض المفاجئ للعملة الصينية (اليوان)، ينتاب شعور الندم كثيرين ممن يصنفون ضمن طبقة الأثرياء في الصين، لأنهم لم ينقلوا مزيداً من أموالهم إلى الخارج قبل هذه الخطوة. والآن يسارع كثيرون لتحويل أموالهم خارج الصين خشية أن يكون خفض قيمة العملة بنسبة 2 في المئة الثلثاء الماضي بداية تراجع طويل الأمد لقيمة العملة، على رغم ما يقوله «بنك الشعب الصيني» (المركزي الصيني) من أنه «لا يوجد ما يدعو لخفض قيمة اليوان أكثر من ذلك». وقال رجل الأعمال تانغ وي الذي ينقل أرصدته المالية خارج الصين، والتي سيمول جزء منها معيشة وتعليم ابنه في كندا العام المقبل: «مع خفض قيمة العملة، فقدت للتو مئات الآلاف من اليوان». وأضاف: «في حالتي هناك حاجة حقيقية للعملة الأجنبية، لذلك أفضل نقل الأموال إلى الخارج عاجلاً لا آجلاً، لا يبدو اقتصاد الصين في أفضل حال». وقالت مجموعة «بوسطن» الاستشارية إن «نحو أربعة ملايين عائلة في الصين تملك ثروة خاصة لا تقل عن مليون دولار». وذكر مصرفيون في بنوك القطاع الخاص إن «الاضطراب الذي شهده سوق الأوراق المالية الشهر الماضي دفعهم بالفعل إلى الاستثمار بشكل أكبر في الخارج». ولهذه العائلات دور في زيادة خروج رؤوس الأموال من الصين على مدى العام الماضي، لأسباب منها توقعات برفع الولاياتالمتحدة أسعار الفائدة في حلول نهاية العام. ويقدر المحللون في «جيه بي مورغان» حجم «الأموال الساخنة» التي خرجت من البلاد في الفترة بين الربع الثالث للعام 2014، ونهاية الربع الثاني لهذا العام بنحو 235 بليون دولار. وإذا تزايدت التوقعات بوجود نوايا لمزيد من الخفض فإن البنك المركزي سيكون أمام معضلة، إذ سيتعين عليه إما الإبقاء على ضعف العملة لمساعدة المصدرين، أو دعمها لضمان عدم تحول تدفق الأموال للخارج إلى طوفان. وقال خبراء اقتصاد في «كريدي سويس» في مذكرة بحثية أول من أمس، «نعتقد أن أحد المخاوف الرئيسة لبنك الشعب الصيني أن يؤدي خفض غير محكم في سعر الصرف إلى هروب رؤوس الأموال». وانعكس هذا الخوف في مؤتمر صحافي نظم على عجل أمس، عندما حاول المركزي احتواء مخاوف السوق بالتأكيد على أن الخطوة التي أخذها الثلثاء لن تتكرر. وعلى رغم كلمات التهدئة فإن مديري الاستثمارات يقولون إنه من غير المحتمل أن يدع كثيرون من أثرياء الصين أموالهم رهن قدرة السلطات على التحكم في هبوط اليوان.