بينما تستيقظ أحياء جدة في الصباح الباكر على إيقاع شبان «تقنيين» يطرقون أبواب الغرقى، ويطوقون مداخل أحيائها ومخارجها لتقديم المساعدات لمتضرري الأحياء المنكوبة، ينتظر أن تمسي مكة على معزوفة فكرة «وليدة» ل «تقنييها» الذين حفّزهم تفاعل «نظرائهم» مع المجتمع، ليخرجوا بمشروع تطوعي يخدم منازل الفقراء والمحتاجين. إلى ذلك، أكد رئيس المجلس التقني في منطقة مكةالمكرمة الدكتور راشد بن محمد الزهراني، أنه ليس هناك وقت محدد لإنهاء أعمال الصيانة في منازل المتضررين من كارثة سيول جدة، مشيراً إلى أن الجهود مستمرة لحين «انتفاء الحاجة لخدمات المؤسسة»، موضحاً أن أكثر من 350 مهنياً يعملون بشكل متواصل خلال ساعات الصباح والمساء. وأشار إلى أن عدد المتطوعين والمنفذين في أعمال الصيانة والإصلاح للمنازل المتضررة في ازدياد مستمر. وألمح إلى أن المؤسسة استقطبت أخيراً طلاباً من مختلف مناطق السعودية. لافتاً إلى أن العمل الميداني في الأحياء المتضررة تحول إلى ورش عمل لا تعرف الهدوء، وتدار في جميع التخصصات المهنية «النجارة والكهرباء والسباكة»، بسواعد شبان الوطن. وعلى خط مواز، كشف نائب رئيس لجنة أعمال الحج والعمرة في مجلس التدريب التقني والمهني في منطقة مكةالمكرمة المهندس حسن غندورة ل «الحياة» إعداد إستراتيجية ميدانية منظمة لتنفيذ مشروع خدمة الصيانة التطوعية للمباني في منطقة مكةالمكرمة، يهدف إلى تقديم أعمال الصيانة الشاملة لمنازل الفقراء والمحتاجين، ومساكن الجمعيات الخيرية، والدور الاجتماعية، والأربطة، ومساكن الأوقاف. إذ تشمل أعمال الصيانة الداخلية والخارجية الكاملة للمباني. وأشار إلى أن مجموعات كبيرة من طلاب ومتدربي «تقني مكة» تشارك في المشروع الذي تشارك فيه فرق المدربين والمحاضرين في الكليات والمعاهد التقنية والمهنية في مكة. ولفت المهندس غندورة إلى أن الإستراتيجية المنظمة للمشروع التطوعي ترتكز على عناصر عدة يأتي في مقدمها عنصر الإعلام للمساهمة في إيضاح مفهوم العمل التطوعي لدى العموم، وخصوصاً محتاجي الخدمة، ومدى تقبلها، إضافة إلى إعداد قوائم الحصر الشامل للمباني، والجداول الزمنية لمباشرة الأعمال، لحصر الأعداد المطلوبة للعمل، وتدعيم فريق العمل. وبين نائب رئيس لجنة أعمال الحج والعمرة في مجلس التدريب التقني والمهني في منطقة مكةالمكرمة، أن المشروع يعتبر فكرة ولدت بعد سلسلة الأعمال التطوعية التي أسهمت في خفض الضرر عن متضرري كارثة جدة، والتي صاحبها تفاعل اجتماعي للعمل الخيري أسهم في ترسيخ العمل التطوعي، الأمر الذي حفز «تقني مكة» على إعداده، والتسريع في خطواته. من جانبه، وصف «تقني» متطوع (مهند السروري) المشاركة في غوث المتضررين ومساعدة المحتاجين بالواجب الوطني الذي يدعو للمفخرة. ولفت إلى أنه ينطلق في الصباح الباكر يبحث عن منزل متهدم وسط الأحياء الغريقة، ويستأذن أصحابه في صيانة ما يحتاجونه من أعمال، خصوصاً الأبواب والنوافذ المعطوبة، كونه يدرس «النجارة».