يواجه معظم دول مجلس التعاون الخليجي تحديات ترتبط بتطورها الديموغرافي والهيكل الاقتصادي المعتمد على النفط، بينما يُتوقع أن تستمر التركيبة السكانية بالنمو في شكل سريع، ما يعني أن القوى العاملة تنمو أيضاً وتضغط على الاقتصاد لإيجاد عدد كبير من فرص العمل. وأكد الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» جوردي روف في تقرير أن «التركيبة السكانية في الكويت والسعودية، وفق الفئة العمرية، تتمثل في شكل هرمي، لكن هذا الشكل الهرمي سيصبح مسطّحاً بسبب انخفاض معدلات الولادات والوفيات، ودخول فئة الشباب الكبيرة في كلا البلدين إلى فئة كبار السن، كما أن نظام الاعتماد على وظائف القطاع العام قد يبلغ نهايته عندما تعجز الحكومات عن استيعاب القوى العاملة المتنامية من دون تهديد استدامة الوفرة المالية». وتوقع التقرير «نمو عدد السكان في السعودية ما بين 20.7 مليون نسمة و27.5 مليون خلال السنوات ال15 المقبلة، وسيتركز النمو ضمن فئة سن العمل بمعدل أكبر، ما يزيد الطلب على الوظائف الجديدة». وأضاف أن «السلطات السعودية تأهبت لهذا الوضع منذ سنوات، ووضعت أنظمة تهدف إلى توطين القطاع الخاص، مثل نظام نطاقات الذي يفرض على الشركات نسبة محددة من العمال السعوديين، وفي المقابل، تحصل الشركات التي تعتمد هذه النسبة على ميزات، منها سهولة إجراء معاملات التأشيرات للموظفين غير السعوديين». وعلى رغم أن نظام «نطاقات» أثار انتقادات الشركات في بعض القطاعات التي خشيت عدم قدرتها على تلبية الشروط أو إمكان تأثيره سلباً على ربحيتها، انخفضت نسبة اليد العاملة السعودية في القطاع الحكومي 3.5 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية لتبلغ 35.8 في المئة عام 2014، ما يشير إلى النجاح الأولي لمثل هذه الإجراءات. وأوضح روف أن «الوضع الكويتي مشابه للسعودي، إذ إن حجم القوى العاملة المحلية الكويتية سيتضاعف حتى عام 2030 بسبب العوامل الديموغرافية وتحسّن في نسبة الكويتيين الذين يعملون، ومع ذلك، فإن اعتماد الكويت على وظائف القطاع الحكومي أكبر مقارنة بالسعودية، إذ إن 75.8 في المئة من الموظفين الكويتيين يشغلون وظائف حكومية». وأضاف: «تزامن النهج الذي اتخذته الكويت لتوطين سوق العمل الخاص مع السعودية، إذ حُدّدت أدنى نسبة من الموظفين الكويتيين في كل شركة، لكن مع فارق أن القانون يأخذ في الاعتبار طبيعة القطاعات المختلفة». ولفت إلى «إعادة النظر في القيود المفروضة على التأشيرات بأعداد ضخمة، على رغم أن السلطات تعاود عقد التدابير حالياً، كما تطورت نسبة اليد العاملة المحلية في القطاع العام إيجاباً، منذُ بلغت 82 في المئة عام 2008». واعتبر روف أن «نظام نسبة التوطين أوجد حافزاً للشركات لتزيد نسبة اليد العاملة المحلية، لكنه ليس سوى حل جزئي، وقد يأتي بنتائج عكسية في مجالات عديدة، فيمكن أن تكون إنتاجية الشركات عُرضة للتهديد وتنخفض حافزيتها لتكون أكثر كفاءة، لأن الشركات يمكن أن تُحرم من المهارات الضرورية، وقد لا تستطيع تحمل كلفة القوى العاملة المحلية، وتواجه قانون الحماية المفرط للموظفين المحليين».