في كثير من اللحظات وفي ظل ظروف متباينة يفرضها علينا واقعنا الغريب الذي أشعر بتفرده أحياناً، نجد أنفسنا وقد وقعت فريسة لطاحونة الحياة، فنستسلم لا شعورياً ودون إدراك فعليّ لضغوط قد يمارسها شخوص أو أزمنة، فنكتشف في إحدى الليالي أننا لا نمتهن شيئاً آخر سوى الركض! وإن نظرنا من حولنا لوجدنا بأننا لسنا وحدنا في هذا السباق الماراثوني الكبير، فقد تختلف أشكال هذا الركض وألوانه وروائحه، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك من يركض خلف عقارب الساعة ليتجاوزها ويحقق حلماً ما، وهناك من يركض لأنه يجد العالم من حوله يركض فيجاريهم، وهناك من يركض هرباً من مسؤوليات أو حقائق أو أخطاء، وهناك من يركض لأنه إن لم يفعل فستسحقه أقدام الآخرين، في المقابل ..هناك من يركض لأنه يجد متعة في هذا الركض! وفي النهاية إن لم نحقق المراكز الأولى فإننا اكتسبنا لياقة ومرونة تفيدنا في إعادة الكرة لأكثر من مرة حتى نظفر بها. لكن سواء كان هذا الركض اختيارياً أو إجبارياً فلن يختلف اثنان على فوائده في حياتنا، بشرط ألا ننساق وننجرف مع التيار الذي قد يرسم لنا طريقاً لا نريده، فنحن من عليه اختيار الميدان الذي سيركض فيه ونحن من عليه القفز فوق كل المشكلات والمعضلات والتصنيفات، ونحن من عليه محو فكرة وجود "القطار" الذي لا يمكن إيقافه والخسارة التي ستلحق بنا إن لم نلحق به.. ! أخيراً، من المهم أن نخلق المسار الخاص بنا وأن ندلل أنفسنا بين الحين والآخر بإستراحة قصيرة لشحذ الهمم والاستعداد للمراحل المتقدمة من السباق الأكبر، ولا ننسى أن "ننسى" ونسامح كل من أخطأ في حقنا أو داس على أقدامنا عمداً أو سهواً أثناء ركضه لنتعثر نحن وينجح هو بتجاوزنا. لن أتحدث أكثر .. ولنستأنف الركض في ماراثوان الحياة! *كاتبة إعلامية