يقول المولى عز وجل : إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ” .صدق الله العظيم كيف لنا أن نعمر الأرض التي استأمنا الله عليها ، ونحن مهزومون نفسياً مترددون ؟! ، كيف لنا أن نشيد صروحاً ونطور مشروعاً ونحن ضعفاء لا نقوى على البناء ؟!، كيف لنا أن نرعى المسنين ونربي الصغار ونشارك المجتمع همّه والوطن طموحه ، ونحن نشعر بالقلق وينتابنا الخوف .عالمة النفس كوبازا (Kobasa ) تعرف الصلابة النفسية ” بأنها اعتقاد عام للفرد في فاعليته وقدرته على استخدام كل المصادر النفسية والبيئية المتاحة ، كي يدرك ويفسر ويواجه بفاعلية أحداث الحياة الضاغطة ” . إن تسارع ايقاعات العصر وتحدياتها ، وتوالي الأحداث في جوانبها السلبية والايجابية قد تؤثر في الانسان وتستهدف كيانه ، وبما أن مستوى الأمن النفسي والصحة البدنية قد تختلف من شخص إلى آخر ، فهناك الذي يقوى على الشدائد ويتغلب على المصائب ويتابع حياته بشكل طبيعي ، وهناك الآخر الذي تمرضه الضغوطات وتهزه الأزمات فيقعد متحسراً متضايقاً لا حول له ولا قوة ، وقد تستدعي حالته النفسية التي تدهورت الاسعاف والصيانة. وحين يحمل الانسان جملة من المبادئ والقيم ويعيش من أجلها وعندما يمتلك القدرة على ايجاد حلولاً للمشاكل التي قد تقتحم حياته فيتحكم بتفاصيلها ويتخذ قراراً صائباً بشأنها ، فهذا بحد ذاته يعتبر صلابة نفسية وامتيازاً تنشده كل أم في أبنائها وكل مربٍ في تلاميذه ، وكما جاء في الحديث الشريف “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ” . إن مجتمعاً قاوم الضغوطات وصارع التحديات ووضع الاستراتيجيات ليتخطى مرحلة الصعاب ، إنه بلا شك مجتمع يسعى إلى تحقيق جودة الحياة لأفراده ، وحيث أن أبناءنا هم عماد الأمة ومستقبلها ، ويقع علينا واجب رعايتهم وهم أطفال والاستثمار من نجاحاتهم وهم كبار ، فإن ذلك يدعونا إلى ضرورة تحصينهم نفسياً وحمايتهم من الاضطرابات الأسرية وإبعادهم عن الوساوس والأوهام الخيالية ، وتجنيبهم الإفراط في تناول العقاقير المهدئة ، وتعريفهم بالطرق البديلة التي تساندهم في تعثرهم ، وتعزز من قدراتهم في التكيف مع الأزمات والمتغيرات ، مع الأخذ بالاعتبار أن كل ما قد يصيبهم هو من عند الله ، وأنهم قادرون بحول الله ، على تحويل المحن التي تلمّ بهم إلى منح في قادم الأيام ، تمشياً مع المثل الانجليزي الذي يقول ، إن الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك . (The strike that does not break your back strengthens you )