منذ سنة أصبت بحالة تسمم وذهبت إلى المستشفي كي اخضع للإسعافات الضرورية ولأخذ العلاج ..وعند عودتي الي المنزل انهالت علي المكالمات الهاتفية والزيارات من الاهل والاصدقاء والاحباب ..ويكاد يكون كل من زارني او هاتفني ..كاد ان يكون طبيبا او صيدلانيا متخصصا فيما يسمي بالطب الشعبي وعلاجات الاعشاب ..؟! فهذا يصف لي النانخة ..وآخر يصف الكمون او اليانسون وغيره يصف لي الحبة السوداء ..الخ .. وكل واحد منهم له وصفته ومقاديره .. اما مطحونة او بحبات صحيحة ..او محمصة او نيئة ..واختلف كل منهم في كيفية تناولها .. اما بالمضغ او بالبلع ووراءها ماء الخ ما هنالك من اجتهادات قاتلة .. والحمدلله انني طبت عند عودتي من المستشفي ..وقاومت كل تلك الوصفات والمحاولات .. وبالامس القريب تعرضت لوعكة الم في عضلات الكتف واضطررت للخضوع الي جلسات علاج طبيعي متخصص ..وتناول بعض المسكنات باسطة للعضلات بوصفة طبية ..وعرف احد اصدقائي من خارج المملكة حيث كنت هناك ..وحاول بشدة ان يصحبني الي طبيب متخصص ( يحمل درجة الدكتوراه) في علوم طب النحل كي تلدغني بعض النحلات في رقبتي وكتفي للتخفيف من الآلام وعلاج خشونة فقرات الرقبة .. ولكنني رفضت بشدة وفي اليوم التالي جاءني هاتف من ابن صديقي هذا .. يقول لي ان والده متواجد في طوارئ المستشفي لانه اصيب بحساسية شديدة حبست عنه الاوكسجين ..والسبب انه ذهب الي الطبيب كي تلدغة نحلة طلبا لعلاج خشونة الركبة وعرق النساء فحمدت الله انني لم انصاع لطلب صديقي واتعاطي لدغات النحل … ولكن يا اصدقائي العالم تغير ..وما سردته عليكم هو فولوكلور شعبي متوارث ولكن العصر الحديث افرز لنا تحديا ومنافسا اكبر لهذا الفلكلور .. الا وهي الاخبار التي تزفها الينا آلاف المواقع الالكترونية عبر الشبكة العنكبوتية وعبر اشخاص واطباء تدعي اكتشاف علاجات سحرية لامراض مستعصية لا يخلوا الكثير منها من الخرافات والخزعبلات ولكن اعلم ايضا ان كل مريض يعاني ويقاسي وليس هناك علاج لآلامه .. فليس امامه من بد غير ركوب الصعاب والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو كيف نتأكد من أن هذه الجهات الطبية والاكتشافات الدوائية المزعومة هي من قبل جهات مرخصة وموثوق بها وان ما تدعيه هو اكتشافات قد خضعت لاصول الدراسة والبحث والتجارب المعترف بها في معامل ومراكز الابحاث .. وايضا .. ان الادوية التي تباع عبر الانترنت وخصوصا تلك التي لها علاقة بالامراض المستعصية وبالطاقة والحيوية وامور الجنس والجمال والتخسيس واللياقة البدنية .. هي ادوية فعالة وليس لها اعراض جانبية اخطر من المرض نفسه. ياسادة ان التكنولوجيا جعلت كل منا صحفيا ومصورا ومهندسا وطبيبا وباحثا وعالما .. الخ وذلك بفضل ثورة المعلومات التي تجتاح الكرة الارضية ..الي التقنيات المتطورة للتصوير والرسم والواقع الافتراضي جعلت وهيئت لكل مدعي.. وموقع الكتروني واقعا حقيقيا وملموسا يصعب التشكيك في مصداقيته ..!! وكل ذلك بالطبع ينسرد علي حقل الطب والرعاية الصحية بالتحديد .. فلذلك عزيزي القارئ اطلب منك عدم تصديق كل مايقال او يكتب اوينشر او يدعي به علي الانترنت ..الا بعد ان تتأكد من مصداقيته ..وخصوصا في العلوم الطبية وجوانب الرعاية الصحية .. ويمكنك ان تتحقق من ذلك عن طريق البحث عن المعلومة في اكثر من موقع والتأكد من ان البريد الذي وصلك ليس من جهة مجهولة .. ابحث عن المعلومة في جوجل ومحركات بحث اخري .. وتأكد ان المعلومة الصحيحة سيضج بها العالم .. وتتناقلها الاخبار والمواقع الالكترونية وجميع الجهات والدوريات والنشرات المعتمدة من منظمات عالمية .. ويمكنك ايضا ان تتصل بالجهات التي ترسل لك المعلومات وتطرح عليها كل تساؤلاتك .. واذا قيل لك ان المنتجات الطبية او نتائج الابحاث المختبرية قد ووفق عليها من ادارات الغذاء والدواء المحلية او الاوروبية او الامريكية .. اتصل بهم كي تتأكد من صحة المعلومات. نحتاج الي عقول واعية تستطيع ان تعالج المعلومات وتميز بين الغث والسمين .. والكذب والحقيقة ..