أصبح موضوع الكهرباء وفاتورته الثمينة، الحديث الرئيسي على طاولة النقاشات لكل البيوت والمكاتب بل ومجالس الأصحاب، فلم يسلم أحد إلا البعض من ارتفاع قيمة تلك الفاتورة، ليصبح وجودها على عدّاد الكهرباء نهاية كل شهر هو بمثابة مقطع من فيلم رعب، من لحظة رؤية الورقة داخل المنطقة المخصصة لها على صندوق موّلد الكهرباء، إلى أن تصبح في يد صاحب المنزل، وهو يغالب فتحها ينظر نحوها بتأمل ورجاء وكأنه يتوسل إليها أن تكون برداً وسلاماً على قلبه، ثم تأتي الحقيقة التي لا مفر منها ويبدأ في فتح طياتها ببطء، على أمل أن تتغير الأرقام وفجأة.. سكون يتبعه ردة الفعل.! هذا الأمر يصبح جلياً جداً على الوجه فإما ابتسامة عريضة وابتهالات بالحمد والشكر، أو يبدأ تعداد سكان المنزل بالسب والسخط بداية بربة المنزل مروراً بالأبناء ووصولاً إلى الخادمة والسائق، ولا مانع من ختم الموضوع بشخصه.. في هذا الوقت تحديداً يفضل اتخاذ الحذر في التعامل مع المواطن (س) حيث أنه في أكثر الحالات نفوراً من أي ناصح أو مصلح، بل من باب الحيطة والحذر يفضل خلو الطريق من الأشخاص والأدوات الحادة أو الخطرة، حفاظاً على المتهمين غير الأبرياء القابعين داخل المنزل. لحل هذه المشكلة تشعبت الآراء وكثر الخبراء، منهم من كان على دراية حقيقية بالحل، ومنهم من أتت له الفرصة كي يبرز إمكانياته في معرفة كل شيء ليشارك في حل القضية، وفي النهاية لم نضع يدنا على المتهم الأول في دائرة الشك تلك وهو أنت وأنا وهي وهم. (تخيل لو مافي كهرباء.!) تخيل لو أننا مازلنا نسير في الطرقات على ضوء" الأتاريك "، ونسخن الطعام قبل النوم حتى لا يفسد، وننظف المنزل ب" موكنسة خسف"، ويتجمع الشباب في" بشكة" داخل الحارة، والرجال في " مركاز العمدة"، وتجتمع النساء والبنات بعد صلاة العصر في بيوت إحدى الجارات على "شاهي العصاري"، ونضع الماء على " الشراشف" لنشعر بالرطوبة وقت النوم وننام بعد صلاة العشاء ونقوم على صوت آذان الفجر. "تخيل لو مافي إضاءة ومافي مكيف ومافي تلفزيون ومافي نت ومافي جوال ومافي قمر صناعي " حقيقة تخيل ماذا كان سيحدث.؟ ولأنك لا تريد أن تتخيل وأنا لا أختلف عنك، لذا سأطرح على كلينا السؤال بطريقة مختلفة: ماذا لو أن تلك الورقة المرعبة كانت بين يديك قبل استخدامك الشهري وكتب عليها: عزيزي العميل.. نعتذر عن فصل الخدمة عنك في نهاية الشهر إذا تجاوزت الحد المسموح لك من الكهرباء، وهو (…) كيف ستتصرف..؟ قد يكون الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الغالبية منّا هو جهلنا بالقدر الذي نحتاجه ورغبتنا الدائمة في المزيد فلا نمنع تلك النفس التي كلما اشتهت اشترت حتى أصبحت نهمة وثقلت بها الأرض فإذا جاءها الطوفان لم تقو على الحراك. هذه كانت فقط فاتورة كهرباء.! تخيل باقي الفواتير ثم تخيل حياة من حولك.. فقط تخيل.. للتواصل على تويتر وفيسبوكemanyahyabajunaid مرتبط