شعر- محمد بنيّان في هذا النص ملامح لشاعر استطاع أن يرسم أكثر من أن يكتب..يتضح ذلك في استخدامه للصور المكثفة التي تنحصر في بيئة معينة ولمفردات ربما عاش فيها فترة من الزمن. هنا استطاع شاعرنا قلب الصور وأنسنة الجامد بمهنية عالية وذكاء فطري فتارة يجعل الأناشيد هي التي تنشد الراعي وتارة يجعل الجبال تسمع بشغف وتتحرك وأخرى يجعل للظل اختيار وقرار. ورغم تأثره الواضح بالبيئة إلا أنه اختار بعض المفردات التي تحدث توازن لغوي بين لهجة البيئة واللهجة الدارجة في وقتنا الحاضر مثل استخدامه لكلمة نرجسي وقيود الحياة والناي وغيرها والتي تخرج عن إطار هذا الراعي ورحلته والأجواء التي يجب أن تحيط به.يتضح هذا عندما خرج من الغموض الذي غلف به النص في بدايته ليصور الراعي وهو يحف الأرض بعصاة ويترك خلفه أثرا فيه إشارة إلى جرة القلم أو اثر التجربة.ليأخذ النص منعطفا آخر حيث بدأت معالم أخرى تتحدث عن صراع مع الضيق وبعد الأمل الذي طاول السحاب وطول المسافة حتى وصل إلى إقراره بأن لا لوم على المجتهد إن أخطأ أو لم تسعفه الظروف في فهم كينونته وصدى انسانيته.ويعود الشاعر في قفلة النص إلى البيت الأول ولكن بصورة جزئية من بداية حداء ذلك الراعي وحزنه الاخاذ الذي استطاع بنشيده أن يحرك الجماد ويفتح الآفاق ويتحدى الصعاب ويعيد ترتيب أوراقه لاشراقه الأمر الذي تفوق فيه على حزن الناي..ف.يغوينا معه لنهتدي به. (العصا والطلح) كان راعي والمواييل تْحَدَاه الجبال الشمّ تطلع تسمعه نرجسي مابينه وبين الوطاه كود ظلٍ صار مايمشي معه الغوى في وادي الشعر يْهَداه خامس دروب الحنين الاربعه سكته تمشي بسكتها وراه خايفه تسبق خُطاه تضيّعه فوق حبات الرمل جرة عصاه وبعيون الشمس جرة مطلعه يستظل الطلح ويسلم مداه اهتين تمدّ ضيقتها سَعه كل مامرت سحابه في سماه سلّمت له حلم مبطي يزرعه من سنابل فكت قيود الحياه وطيرت شرهاتها بين اضلعه لين ضاقت من مواريها رحاه والحصاد رياح دهره موجعه من يلوم البير لا طوّى رشاه والحمام ان جر صوته يفزعه مابقى للناي من حزن الرعاه كود لحنٍ مالقى من يسمعه!