أوضح الشاعر عبدالوهاب العريض أن وجوده كشاعر يعبر عن الخطوط المتعرجة في الحياة الإنسانية وأن الكتابة جزء من الحياة، فربما في حالة تشبهه تراه يكتب عن اللحظة التي هي في ذاتها المستقبل وستمثل الماضي ذات يوم، فتراه يكتب ذاته، التي هي جزء من هذا العالم وهذا الكون، وفي حالة الكتابة الشعرية نجد بأن النص هو الذي يكتبنا حبراً على الورق ولا نملك حينها سوي اخراج الحالة من كونها مجرد حلم في الذاكرة الى بياض الورقة، لذا نجد أن المبدع يكتب لذاته التي هي جزء من كل، جاء ذلك خلال الأمسية الشعرية التي أقامها منتدى الشعر الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام بمشاركة الشاعرة هدى المبارك ومصاحبة العازف على آلة العود الفنان نبيل الزاير، مساء الأربعاء الماضي. وعن قصيدة النثر كيف هي الآن في ظل الاهتمام بالشعر الفصيح والشعبي، يرى العريض أنه رغم مرور كل هذا الزمن حول مفاهيم قصيدة النثر والقصيدة الموزونة ذات البحور الخليلية، إلا أن العالم العربي تحديداً لازال أسير تلك الذائقة المنبرية، بل ازدادت في الآونة الأخيرة مع تنامي الظاهرة الفضائية التي تدعم الرؤى القبلية في قنوات لا تحمل في داخلها سوى الكثير من الثرثرة التي عفى عليها الزمن ولكنها متوقفة ربما في الجزيرة العربية وربما في الخليج بشكل خاص، نرى بأن قصيدة النثر التي تؤكد سوزان برنار بأنها مستخدمة في أوربا منذ القرن الثامن عشر، ورغم محاولات التقعيد التي جاءت في العشرين سنة الماضية من قبل الكثير من النقاد إلا أن الذائقة لازالت متأثرة بالقصيدة المنبرية، وتبقى قصيدة النثر هي قصيدة النخبة، علماً بأن فوز الشاعر أحمد الملا بجائزة محمد الثبيتي لهذا العام شكلت انتصارا لقصيدة النثر في المملكة ونتمنى ان يتولى ذلك الفوز بجوائز أخرى لشعراء آخرين، وكذلك ضرورة ادخالها المناهج المدرسية الحديثة، كي نستطيع تحريك الذائقة الجمالية لدى المتلقي ونستطيع اخراجه من قصائد مكرورة في الشعر الفصيحي أو الشعبي. العريض الذي صدر له مجموعة بعنوان "محبرة تنتحب 2009م"، و"مجموعة بإسنان صاغها الليل" وسبق له المشاركة في العديد من المهرجانات الشعرية العربية والخليجية، قرأ نصوصا من المجموعة الجديدة " ، ، خطيئة الذاكرة، غبار، يستديرون بالوجع: يستديرون بالوجع الليلُ ينكسرُ على وسائد بابِ غرفتِكَ الحديدي وبين روحِكَ المائلةَ على كتفِ الأصدقاءِ تغضُّ الطرف عنهم حينما يستديرون بالوجع تُعيدُ الغناءَ على طريقة القلب تنهمر بين حوافِّ الجدار والانكسار في هزيع الليل ولا شيء سواك وبين الطفولةِ وماءِ الروح يسكن عبقُ المطر هواء سكون وبينهما حالمٌ بالصعود فوقَ الريح ** أحكُّ بحافرِ القلب ما سكن في السفح أبجديّة الليل والنساء وقوارب الصيد التي غادرت موانئَ الروح تبحثُ عن بقايا جسدِكَ المسجّى خلفَ المطر آهٍ! يا لَتلك الخشبة التي خلفَها أسرجتُ الليلَ وما كنتُ سوايَ وأنظرُ داخلي فأجدُني جسداً ينكسرُ في الخمسين متربّصاً بفرحِ الفتياتِ بجسدِ الثلاثين ينتظرُ عودةَ غرباء العشرينِ فما كنت إلّا الطفلِ الشاردِ بالقُرب من قارعة الطريق ولا أحد يُحملق في هذا الليل سوايَ منسيَّاً بين أوراقِ الجريدةِ والمقهى حيث مساء الفتاة التي عبرتْ بين شارعينِ وانكسرتْ في مزاجِ الليل تبحثُ عن أطرافِها ** تنتظرُ المطرَ يبلِّلُ وجهَكَ بين أكتافِها لتكونَ أنتَ ولا أحد سواكَ يا ساكنَ الحي خُذْ مني تباريحَ الصبحِ وانكسرْ خلفَ هذا السواد. والشاعرة هدى المبارك الحائزة على المركز الثاني في مسابقة الشعر المنبرية الأولى لنادي الرياض الأدبي عام 2009 ، شاركت بنصوص عدة في مجلات أدبية مختلفة (محلية ودولية)، وأمسيات أدبية مشتركة على المستوى المحلي و الدولي، وأصدرت العام الماضي باكورة أعمالها الأولى "ضبابية متعمدة في كاميرا المحمول"، التي قرأت منها عدة نصوص. وتكتب المبارك – كما تقول – للحياة وللبقاء على قيدها، للغياب الذين رحلوا وللقادمين الذين لم يصلوا بعد، تكتب تفاصيل إكتشاف الذات وعوالمها، الروتين اليومي الذي تختزل به ذاكرة الزمان والمكان والرائحة، علاقتها بدأت مع الاستماع قبل بلوغها لمرحلة المقدرة على القراءة، (نزار قباني، سعاد الصباح، محمود درويش، نازك الملائكة، وغيرهم) أما الآن فهي تحاول أن تطلع وتقرأ لكل غريب وجديد ومترجم يقع بين يديّها. أما عن قصيدة النثر فأجابت أنها لا أستطيع أن تجزم أن قصيدة النثر لا مكان لها أو لا وجود بين قصيدة الفصحى أو النبطية بل هي جزء لا يتجزء منهما لو بحثنا على العمق في الكتابة، فلذلك هي موجودة ومكانتها محفوظة بصورة مخملية وإن لم يكن هناك وعي لذلك.