في أواخر الستينات وبداية السبعينات الميلادية اتى الى الساحة حاملاً حرفاً حراقاً وجديداً وكان خالياً من ذلك الأسلوب الانشائي الذي يهتم في مقدماته بذلك التطنيب وان كنت تجد كقارئ فيه كل متعة التطنيب والابداع.. في مباشرة غير تقريرية فهو يدخل الى الموضوع المطروح بلا مقدمات بل بحرارة الحرف الجديد على الساحة يومها والتي كانت تعتني بالمقدمات في الطرح والى الحشو في التناول بينما هو اتى بحرف فيه من الشفافية الفكرية ما أحدث نوعاً من الاحتفاء به عندما كان يتناول قضاياه في يوميات جريدة المدينة أيامها حيث احتفى به كيراع قادم يحمل في تضاعيفه روح الشباب وحكمة الشيوخ التي اكتسبها من والده وعمه وهما أرباب حرف أدبي.. كان مليئاً بالرؤى مسكوناً بتطلعات من يحمل أمالاً مستقبلية واضحة المعالم.. وضع كل ذلك في روح قادرة على الدخول الى ما يريده بذكاء فطري لديه لم يكن يتصنعه أو يستدعيه.. يردف كل ذلك قراءة متعددة المصادر فأعطته قوة التمكن مما يريد معالجته من قضايا. اضافة الى كل ذلك كان ذا لماحية فائقة.. ومقدرة على فك شفرة الوصول الى ما يريده من مرام.. مهما كانت تلك الشفرة مبهمة الدخول الى فكها.. بذلك الصبر الذي كان أحد مزاياه والذي تعلمه بذلك الجلد والمثابرة.. كان له رؤيته التي لا تداخل لديه كل عنعنات النفس اللوامة فهو يملك من المكابح ما يجعله متمكنا من كبحها وجعلها في سياقها الصحيح. هناك من تأخذه مظاهر القدرة للذهاب بعيداً في أوهام تلك المظاهر حتى يكاد يضيع من بين قدميه معالم الطريق.. لكنه لم يتوقف كثيراً عند تلك المظاهر التي كانت تحيط به كان متنبهاً لكل تلك المظاهر التي كانت تدير الرؤوس.. وان كان من يراه من بعيد يعتقد فيه ذلك الاعتقاد بانه معتد بنفسه الى حد الغرور ولكن بقليل من القرب منه تجده على عكس كل ذلك وأن كان لا يفرط في الاستفادة من تلك المظاهر ولكنها استفادة ايجابية قادرة على تمكينه من الدخول الى أغوار نفسية الآخر كان واحداً من الذين يملكون شفافية الرؤية واستشرافية المستقبل بكثير من الحكمة وكثير من الاحتكام للمنطق لا تخدعه المظاهر وان كان هو أكبر مخادع لها. كان في بداية حضوره الكتابي في ذلك الزمان يحمل روح القصاص بتلك القصص المتناثرة التي طالع بها القارئ لكن أخذته مظاهر الحياة في الغرب وفي أمريكا بالذات والقادم منها أيامها الى الدخول الى مواضيع أكثر واقعية.. فكان أحد الذين تناولوها بكل المقدرة باسلوب هو أقرب منه الى تفكير أصحاب الفكر الغربي لكنه لم يفقد طابعه العربي والمحلي بالذات فوق ذلك كله.. وعمله الدؤوب في الوصول الى منا يحلم به. امتاز بحصافة إدارية برزت عند توليه لاحدى المؤسسات الصحفية حيث استطاع أن ينتشلها من تلكؤ الانطلاق الى رحابة التفوق.. وهو القادم اليها بخلفية إدارية صحفية بعد أن تولى مسؤولية جريدة باللغة الانجليزية.. قام بكل ذلك بحرفية الواثق مما يقوم به ذلك مكنه من وضع الكثير من البصمات في عمله الذي تولاه لاحقاً. إن كل ذلك لم يخرجه من سمته المعروف عنه الى صخب الكلام الذي اعتاد عليه البعض.. إنه صاحب الكلمة التي يقولها بكل ابعادها.. وكل عقلانيتها. إنه ذلك الحكيم بذكائه الفطري دون القابه الرسمية التي حملها بكل جدارة واقتدار انه اياد امين مدني.. وكفى.