الفروسية لا تقتصر على المهارات المتعلقة بركوب الخيل ، ولا تقتصر كذلك على إجادة فنون الطعن والقتال ، وإنما هي منظومة متكاملة من الصفات الحميدة والخصال الرفيعة إذا اكتملت في شخص فهو من يستحق أن يطلق عليه لقب الفارس. فالفارس يتصف بالشجاعة والإقدام ، ليس في مواطن القتال فحسب بل في مواقف الحياة كلها.والفارس يتحلى بالجود والكرم ، فيبذل من ماله ومن نفسه لمساعد كل محتاج. والفارس يغيث كل ملهوف وينجد كل مكروب ، والفارس ذو شهامة ، عزيز النفس لا يرضى بالذل ولا يهادن الهوان والفارس رجل لا يعرف الكبر ولا يخالطه تكبر بل هو يظهر التواضع في أبهى صوره ، لا يعرف الحقد ولا التحاسد ، يميل دائما إلى العفو والتسامح ،ينشر الأمن والأمان في كل مكان يحل فيه ، لا يرضى بالاعتداء ولا بالعدوان ، يحمي راية الحق ، وينشر ظلال العدل ، يحب وطنه حبا جما ، وينتمي بصدق إلى أمته ، ويعمل لخير الإنسان في كل مكان ، لا يعرف التعصب البغيض ، ولا يثير العصبيات التي قال عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم " دعوها إنها منتنة " . والحقيقة أن هذه الصفات السابقة وقليلون من اتصفوا بها ومن هؤلاء زايد بن سلطان آل نهيان –رحمه الله تعالى – فلقد تمثلها في كل شأن من شؤون حياته ، وفي كل تصرف من تصرفاته ، وفي كل قول من أقواله ، فكان الفارس بحق وهو يبني دولة شامخة ، بناها على المحبة والاختيار ولم يبنها على الكره والإجبار ؛ ولذلك أخذت الدولة تنمو بخطوات واسعة وواثقة حتى صارت الآن لها كيان مرموق في المجتمع الدولي وفي محيطها الإسلامي ، وفي أمتها العربية ، وفي جوارها الخليجي ، صارت دولة عظيمة تأخذ بأسباب التقدم والتحضر في كل شأن ، وسبقت كثيرا من الدول في هذا المضمار ، وفي الوقت نفسه حافظت على هويتها العربية ، حافظت على تراثها وتقاليدها ، فالزائر لدولة الإمارات يشعر بعبق الماضي ، ويحس هذه التقاليد العربية الأصيلة واضحة جلية لم تخفها مظاهر الحضارة ومستحدثات العصر.كما كان زايد الخير فارسا حيث كان يعامل شعبه كما يعامل الأب أبناءه عطفا ورحمة ، وحرصا على مصلحة كل فرد ومستقبله. هل رأيتم فارسا مثل هذا .. يندر الزمان أن يجود يمثله .. رحمك الله يا زايد الخير. خالد السقا صحفي وإعلامي سعودي