لطالما كان الهم الأول لأرباب الأسر وأعمدتها الأساسية ( الأبوين) في الماضي توفير متطلبات الأسرة الأساسية، بل الضرورية مثل؛ المأكل والمشرب، وقبلها الأمن والآمان، وقبل هذا وذاك التربية الدينية الصحيحة، من خلال تقوية الوازع الديني، وزرع مخافة الله في قلوب النشء، وغرس مبادئ عالية عظيمة، وسنن أخلاقية قويمة، مثل مبدأ الإحترام القوي بين أعضاء الأسرة الواحدة من جانب، وبينها وبين الأعضاء الآخرين في مختلف الأسر !! فكان على سبيل المثال للمعلم مكانة رائدة، كبيرة، عالية، لا يصل إليها إلا هو بعد الوالدين!! احترام وتقدير، وإجلال وتعظيم .. وكذلك مبدأ التعاون اللامحدود بين كل فرد من أفراد الأسرة وبقية الأفراد الآخرين داخل الأسرة وخارجها !! ومع مرور الأيام وتعاقب الأزمنة، تغيرت النظرة جذريا لكل جوانب الحياة، فاختلفت المقاييس والأوزان!! فما كان صحيحا وحقا في الماضي، أصبح الآن خاطئاً وباطلا!! نعم لقد دخلت الحضارة والتقدم، والتي من ظاهرها الرحمة، وفي باطنها الخراب والدمار وتفكيك الروابط ، والتلاحم، والقضاء على التعاون، وحصد غرس الأخلاق، ونزع دفء العاطفة، وإطفاء شمعة الإحترام، التي كانت تضئ وتضئ لعقود طويلة!! بيوت تهدمت، وأسر تفرقت، وعوائل تشتت، وأزواج تطلقت، وأبناء انحرفت، وبنات انجرفت، كل ذلك بسبب الحضارة الزائفة وجنودها الزاحفة، التقنية الحديثة، ووسائل الإتصالات العديدة!! استُبدِل الكتاب بالآيباد، والمصحف بالآيفون الجوال، والمذاكرة والاستذكار، بالمحمول والبلاستيشن والألعاب !! هيمنت العزلة، وتحولت الألفة، بين الأسرة الواحدة إلي فرقة، بل خنادق وجبال وأودية، سدود ومصدات وأسوار عالية!! فأصبح الفرد غريبا بين أهله ومجتمعه، فتفككت عرى التلاحم والتقارب، والتعاون والألفة، بل نُحر الإحترام، ثم سُلخ وصُلب!! غرف مغلقة، وأبواب مؤصدة، فأصبحت كالملاجئ وقت الحروب، لا يخرج الفرد منها إلا إذا أحس بالجوع أو العطش!! إن ذلك العضو في رباط ومرابطة، فياهل تُرى مانوع تلك المرابطة وذلك الرباط ؟!! هل هي في دروب الخير والسداد!! أم في كل خطيئة وفساد ؟!!. هذا نداء وتحذير!! لا تمييع وتخدير !! وهذه نصيحة، وتلك وصية !! لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد !! يا أولياء الأمور توقفوا مع أنفسكم ، وقفوا مع ضمائركم، لتراجعوا حساباتكم، وتصححوا مساركم!! فتعدلوا وضعكم، وتقوموا أوضاعكم، فتهبوّا لإنقاذ ماتستطيعوا إنقاذه، قبل فوات الآوان!! أفتحوا قلوبكم لأبنائكم، قبل أن يفتح الشارع لهم آفاقه، ضموهم إلي صدوركم واحتضنوهم، قبل أن يتسابق أهل الزيغ والضلال، والفساد والإفساد، بإحتضانهم وفتح مجالات رحبة لهم ليختاروا ما يناسب أهوائهم، ويعوض وجدانهم، من نقص الحب، وندرة الحنان، وشح العاطفة، وبرودة الوجدان، فُيفتح لهم الميدان، ويُطلق لهم العنان، كل ذلك تحت ذريعة الإهتمام بالإنسان!! فهل نراجع أنفسنا، ونلملم أشلاءنا، أقصد أبنائنا ونصحح مسارنا، قبل فوات الآوان !! وتضييع الأمانة والإيمان !! لأنهم حتما سيكونوا خنجراً مسموما في متن المجتمع، وخاصرة الأسرة، عبر الزمان !! فتفقد الأسرة الراحة، ويفقد المجتمع الأمان ..