المنطقة برمتها تغلي على صفيح ساخن من التوترات والمفاجآت السياسية غير السارة. لقد أثبتت الايام أن الثقة المطلقة المبنية على أسس المنفعة المتبادلة تعتبر تصرفا غير مناسب على المدى البعيد فكثير من الخسائر المادية والمعنوية كانت ناتجة عن ثقة لا محدودة في أناس أو كيانات لم تكن تتمتع بالإطار الأخلاقي الذي يجعل من هذه الثقة عقدا ملزما لا تبدله الأهواء ولا الظروف . إن الناظر في خارطة الشرق الاوسط يجد نفسه حائرا من تبدل الأحوال بشكل دراماتيكي لافت فحليف الأمس أصبح عدو اليوم وتناثر بقع الاضطراب توحي بشيء من نذر الوجل على مستقبل آمن . فالقلاقل محيطة إحاطة السوار بالمعصم ولا مفر من التأثر ولو بشكل غير مباشر بهذه التغيرات . إن التعويل على التحالفات الدولية فقط يعتبر أمرا ثبت عدم جدواه فكثير من هذه التحالفات تدعي المساواة العالمية في التعامل مع القضايا الشائكة ولكنها في حقيقتها تعمل وفق أجندة محددة لدولة او دولتين متنفذتين مستغلة هذا الغطاء الأممي . لقد باتت الحاجة إلى اللحمة الوطنية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى . فقد كشفت الحقائق في كثير من الدول المضطربة أن الشعب هو صمام الأمان ضد أي خطر وهو كذلك معول الهدم إن لم يتشرب من الوطنية ما يحصنه ضد فوضى الأفكار والثورات غير المنضبطة . تلك الوطنية الراسخة المبنية على مبادئ العدالة والمساواة وكفالة الحقوق والرفاه الاجتماعي والتي تعمل مجتمعة على تعزيز الانتماء وحماية الكيان . لقد كان الانكفاء على الذات عيبا في السلوك ولكنه بات الى حد كبير من أسس السياسة المتزنة التي ترى أن القوة الحقيقية تنبثق من الداخل لا من الخارج خصوصا في ظل تنوع الأعداء وتلونهم وتخفيهم. Omarweb1@