يركب سيارة فارهة جداً وجديدة ومن ماركة مشهورة جداً وغالية الثمن، وتسير امامه سيارة متواضعة جداً قديمة والسائق رجل كبير في السن، ومن طبيعة الرجال كبار السن يقودون سياراتهم ببطء وبشيء من الحذر، وصاحب السيارة الفارهة لم يعجبه الحال وضع يده على المنبه وأشر بالنور العالي عدة مرات ثم تخطى السيارة المتواضعة وانزل زجاج سيارته واقترب من نافذة السائق كبير السن وقال له بصوت عال عبارات السخرية والشتم حتى برد قلبه ثم سار بسيارته بسرعة. قال تعالى في محكم كتابه الكريم (واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وانتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الخاسرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) الزمر 55 - 59. وقال سيد الأولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك". وقال صالح عبدالقدوس: لا تحقرن من الأيام محتقراً كل أمرئ سوف يجزي بالذي اكتسبا قد يحقر المرء ما يهوى فيركبه حتى يكون إلى توريطه سببا وقال التهامي: ان يحتقر صغراً فرب مفخم يبدو ضئيل الشخص للنظار إن الكواكب في علو محلها لترى صغارا وهي غير صغار وقال حكيم: لا تحتقر الرأي الجزيل من رجل هزيل. وقال حكيم آخر: السهم يغرز بالجسد، لكن الإهانة تخترق الروح. وركز الامام المنذري: ان امرأة ماتت في المدينة فدخلت المغسلة لتغسلها وبعدما صبت عليها الماء ذكرتها بسوء وقالت كثيراً ما زنى هذا الفرج، واذا بيدها تلتصق بجسد الميتة لأن الميتة كانت بريئة من التهمة، فلما التصقت يد المغسلة بجسم الميتة وارادوا ان يكفنوا الجثة، وقفوا حائرين يقطعون كف المغسلة ام يقطعون قطعة من لحم الميتة؟ واستشاروا الامام مالك بن انس امام دار الهجرة، فلما علم مالك بهذا الحدث ذهب الى مكان الميتة وسأل المغسلة من وراء الحجاب وقال لها: ماذا قلت في حق الميتة وانت تغسلينها؟ فقالت المغسلة رميتها بالزنى، فقال الإمام مالك: يقام عليها حد القذف ثمانين جلدة، فدخل بعض النسوة وجلدوها ثمانين جدة، وبعد الجلدة الثمانين فصلت يدها عن جسم الميتة، لذلك قالوا: لا يفتى ومالك في المدينة. فيا سادة يا كرام دعونا نعلم ابناءنا عدم سب أو شتم او قذف او السخرية من الناس ونذكرهم بقول الله تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مبيناً) الاحزاب 58. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سراج بوقس