في مشهد يتكرر كل عام يطل علينا علماء المسلمين في بعض الدول العربية والإسلامية بتوقعات وحسابات متضاربة ومتباينة حول غرة شهر رمضان، بصورة تعيد إلى الأذهان واقع الخلاف العربي في كل القضايا السياسية والاقتصادية وحتى الدينية. فمنذ أيام قليلة طالعنا المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة ببيان يؤكد أن غرة رمضان هو السبت 21 يوليو الجاري واستبشرنا خيراً بوجود هذه المؤسسة التي يبدو من اسمها أنها تسعى إلى توحيد رؤية هلال الشهر الكريم، خاصة وأن بيانها كان يبدو عليه الحرفية والإقناع، حيث ذكر أن ذلك يعود إلى استحالة رؤية الهلال عقب غروب شمس الخميس في جميع الدول العربية والإسلامية. وأكد البيان أن شهر شعبان شهد ظاهرة فريدة وقليلة التكرار تمثلت في أن معظم الدول الإسلامية دخلها شهر شعبان في نفس اليوم وهو يوم الخميس، وبالتالي سوف يكون يوم التحري هو مساء الخميس الموافق 29 شعبان في معظم الدول الإسلامية. وبين أنه في هذا اليوم تستحيل رؤية هلال رمضان 1433ه من جميع المناطق الشمالية من العالم، وبعض المناطق الوسطى، وهذا يشمل العراق وبلاد الشام وجزءً من الجزيرة العربية، وذلك بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس. أما ما تبقى من مناطق العالم العربي فإن رؤية هلال شهر رمضان منها يوم الخميس غير ممكنة إطلاقا بسبب غروب القمر مع الشمس أو بعده بدقائق معدودة لا تسمح برؤية الهلال حتى باستخدام أكبر التلسكوبات الفلكية. لكن فرحتنا لم تدم طويلا بهذا البيان بعد أن خرج علينا المعهد القومي لبحوث الفلك بمصر والذي أكد أن غرة رمضان هي الجمعة 20 يوليو وليس السبت. ونشرت صحف مصرية تصريحات للدكتور مسلم شتلوت أستاذ بحوث الشمس والفضاء بالهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء ونائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، والتي هاجم فيها أعضاء "المشروع الإسلامي لرصد الأهلة"، مؤكدا أنه يضم أشخاصاً غير فلكيين وليسوا مؤهلين علمياً وأن هذا المشروع لا يوجد به علماء في الشريعة. وقال شلتوت إن المشروع الإسلامي يعتمد على رؤية الهلال بعد غروب الشمس بنصف ساعة، في حين أنه يمكن رؤيته بالأجهزة الفنية والتكنولوجيا الحديثة بعد دقائق معدودة من غروب الشمس، عن طريق كاميرات رقمية عالية الدقة. وهكذا نجح العالم المصري في إحياء الجدال السنوي الذي ظننا أننا كنا سنتفاداه هذا العام ولكن "إن بعض الظن إثم".