أوبك+ تمدد تخفيضات الإنتاج لنهاية 2025    فرضية لحالة شجار بين مرتادي مسلخ بمكة    تاسي يعود للارتفاع وتراجع سهم أرامكو 2%    وصول الطائرة ال51 لإغاثة غزة    كوريا الجنوبية تتوعد بالرد على بالونات القمامة    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد غداً انطلاق بطولة العالم للبلياردو    إبراهيم المهيدب يعلن ترشُّحه لرئاسة النصر    نجوم الهلال والنصر ينضمون لمعسكر المنتخب    المملكة تسجل أقل معدل للعواصف منذ 20 عاماً    القبض على وافدين لنصبهما واحتيالهما بالترويج لسندات هدي غير نظامية    إطلاق اسم بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    «إخفاء صدام حسين» يظهر في بجدة    المملكة تحقق أول ميدالية فضية ب"2024 APIO"    «أطلق حواسك».. في رحلة مع اللوحة    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    إطلاق "عرفة منبر الأرض" للتوعية بخطباء الحرم    حميّة "البحر المتوسط" تُقلِّص وفيات النساء    الهلال الأحمر بالمدينة ينجح في إنقاذ مريض تعرض لسكتة دماغية    الصادرات السعودية توقع مذكرة تفاهم مع منصة علي بابا    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    نائب أمير المدينة المنورة يتفقد مركز استقبال ضيوف الرحمن    الشورى يناقش مشروعات أنظمة قادمة    أمير عسير يؤكد أهمية دور بنك التنمية الاجتماعية لدعم الاستثمار السياحي    الأهلي السعودي والأهلي المصري يودعان خالد مسعد    الدكتور الربيعة يلتقي ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36439    د. الردادي: المملكة تضمن سلامة وأمن ضيوف الرحمن وتحدد متطلبات اللقاحات في موسم الحج 1445ه    ضغوط تجبر نتنياهو على تجنب غزو رفح برياً    التخصصي يعالج حالة مستعصية من الورم الأصفر بعد معاناة 26 عاما    التجارة تدعو لتصحيح أوضاع السجلات التجارية المنتهية تجنبا لشطبها    الحزن يخيم على ثانوية السيوطي برحيل «نواف»    خادم الحرمين ومحمد بن سلمان لولي عهد الكويت: نهنئكم بتعيينكم ونتمنى لكم التوفيق والسداد    هييرو يبدأ مشواره مع النصر    مواطن يزوّر شيكات لجمعية خيرية ب34 مليوناً    الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    «رونالدو» للنصراويين: سنعود أقوى    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رُبَّ ضَارَّةٍ نَافعةٌ
نشر في البلاد يوم 23 - 05 - 2011

مُنتصف النهار مِنْ كُلِّ يومِ أَحد، موعدي مع الصديق الياباني على شاشة الإنترنت بحضور رَشَا التي تبدأ الحديث غالبًا. هذه المرَّة، زَفَّتْ إليهِ خَبرَ حُصولِها على كُتُبٍ سَمْعيَّةٍ لبرامجَ توجيهيَّة وثقافيَّة باللغةِ العربيَّةَ الفُصْحى سهلة النُطِقِ لكبارِ الموجِّهينَ التربويِّينَ خلال القرن العشرين، وأنَّها تُخطِّطُ لدورة اللغة اليابانيَّة في العام القادم، وإذا ما توفَّرت لها الإمكانيَّات الماديَّة فستأخذ دورة لمدَّة شهرين في اليابان. من بَعْد، انتقلتْ لتَسألهُ عَنِ الأحوال وعمَّا تَمً إنجازهُ منْ أعمالِ إعادةِ التأهيل للمناطقِ التي دمَّرها الزلزالُ والطوفان في شمال شرقِ اليابان. وهل صحيح أنَّنا سنرى قريبًا مُدُنًا نَموذجيَّةً تَتَوفَّرُ فيها السلامة ومقاومة الزلازل حتَّى إنْ تعدَّت حاجِزَ العَشْرِ درجات؟ وأن طُرُقًا وجسورًا قد ظَهرتْ هنا وهناك مؤكِّدة أنَّ العملَ قد بَدأْ فعلاً، وأنَّ الإنجازَ لنْ يَتَطلَّبَ وَقتًا طويلاً لكي يعودَ المُهجَّرونَ إلى أرضهم التي نُكبت؟ وهل انتهى من تَدوينْ رحلته الأخيرة إلى المملكة التي دَعَتِهُ لحضور مهرجان الجنادريَّة، وما هي سلبيَّاتُ ما رآهُ هناك؟ فقد سَمْعَتْ منهُ ومنْ آخرين عنِ الإيجابيَّات، وهي أكثرُ مّنْ أنْ تُعَدَّ وتُحْصى، لكنَّها لمْ تَسْمَع شيئًا عن السلبيَّات، والسلبيَّاتُ أمرٌ طبيعيٌّ في كلِّ البلدانِ والمجتمعات.
ما أن توقَّفت رشا عنِ "الواوات" وال "هل"، حتَّى شَكَرَها الصديقُ الياباني على اهتمامها بأحوالِ اليابان، وقال بأنَّهُ ليسَ غريبًا على شابَّةٍ من أقصى غربِ أوروبا أنْ تَهْتمَّ بشؤون بلدٍ من أقصى شرق آسيا! فما بين الشرقِ هنا والغرب هناك، ما يُسَمُّونَهُ ب "العالم القديم". والقِدَمُ لا يعني انتهاء الصلاحيَّة، بلِ القديمُ في تاريخِيه وتراثه وحضارته العميقة جذورها في تُرابِ أرضه. صِلاتٌ لا تنفصم عُراها مهما طالَ عليها الأمد. وأضاف: "نحنُ وأنتمْ، وما بيننا من شعوبٍ وأمم، نَشترِكُ في الكثيرِ من العطاءِ للحضارة في المجالاتِ كافَّة، كالعِلْمِ والمعرفةِ والأخلاق. وأُبَشِّرُكِ بأنَّنا في اليابان نَعْملُ دونَ مَلَلٍ أو كَلَلٍ على تأهيلِ المناطقِ المنكوبةِ وإعادةِ بنائها بما يُعوِّضُ خسارتنا الفادحة بالأرواحِ والممتلكات. والكوارثُ يَنطَبِقَ عليها قولكم: رُبَّ ضارَّةٍ نافعة. والنفعُ آتٍ بما سَيُنْجِزُهُ علماؤنا في مجالات عديدةٍ منْ علومِ الرياضيَّات والهندسة والجيولوجيا والفَلِكْ وغيرها. أمَّا سُؤالُكِ عنِ السلبيَّات التي لفَتَتْ نظري وأقلقتني في المملكة، فهي حوادثُ الطُرُقِ. ففي إحصائيَّةٍ للعام المنصرم، لا أَمْلكُ إلاَّ أنْ أُصّدِّقها لثقتي بمصدرها، تقولُ بأنَّهُ في كلِّ ساعةٍ، هناك 57.66 حادث، ونحو 4.47 مصاب، و 0.76 حالة وفاة. وهناك 1836 حادثًا و128 مصابًا و24.3 حالة وفاةٍ لكلِّ مائة ألفٍ مِن السكَّان. هذا يعني وقوعَ ثلاثمائة ألفِ حادثِ سَيْر، تُخلِّف سِتَّةَ آلاف قتيل، وأربعينَ ألفَ مُصاب، تتَسبَّب في هدرِ أربعةٍ وعشرينَ بليون ريال، أي ما يُعادل ستَّةَ بلايين وأربعمائة ألفٍ مليون دولار أمريكي. وبغضِّ النظرِ عن الخسائرِ الماديَّة، فإنَّ الخسائرَ البشريَّة تفوق التصوَّر، ومعظمُ ضحاياها من الشباب والأطفال. وكثيرًا ما أجلسُ أُفكِّرُ بما إذا كانت مصانُعنا اليابانيَّة التي تنتج سيَّاراتٍ قادرةٍ على بُلوغِ السرعةِ إلى الدرجةِ التي تُعَرِّضُ رُكَّابها للموتْ، تَتحمَّلُ بعضَ المسؤوليَّة أو معظمها! أو أنَّ الأمرَ مَردُّه الجهلُ بأمورِ السلامةِ منذَ الصِغَر! نحنُ، هنا في اليابان، نَحرِصُ على تربية أطفالنا منذُ نُعومةِ أظفارهم على احترامِ القوانين والأنظمة والتعليمات، ونُدرِّبُهمْ أوَّلاً بأوَّل على وسائلِ السلامة، ونقولُ لهمْ بأنَّ أخلاقَ الشخصِ وسُلوكَه قَدْ تُعْرَفُ من قيادتِه السيَّارة.
وتمشِّيًا مع الحكمة القائلة: رُبَّ ضارَّةٍ نافعة، فقد عَرفْتُ أنَّ للسلامة المروريَّة كُرسيًّا في جامعة الملك سعود في الرياض، تقدِمةً منْ صاحب السموِّ الملكي الأمير محمَّد بن نايف، مُساعد وزير الداخليَّة للشؤون الأمنيَّة. ومن شأنِ هذا الكرسي أنْ يُسهِمَ في تعزيزِ السلامةِ المروريَّة، ونَشْرِ ثقافتها بينَ أفرادِ المجتمع السعودي."
قبل أن تُتاحَ لي المشاركة في الحديث، أشارَ الصديقُ اليابانيُ بيدهِ إلى مائدةِ العشاءِ التي جُهِّزَتْ، واستأذنَ مُنِصَرِفًا ليتناولَ وجبتهُ مع شريكة عُمرهِ، آملاً بلقاءٍ قَريب يسمع فيه منِّي.
مدريد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.