أطل علينا شهر الخير والبركة والرحمة والمغفرة بعد أن طال انتظاره، فالحمد لله الذي بلغنا إياه ونحن نرفل في ثياب الصحة والعافية، والدعاء بالشفاء لمن استقبلوه وهم على الأسرة يعانون الم الداء، والرحمة والمغفرة بإذن الله لمن فقدناهم وسكنوا باطن الثرى، فهذا الشهر المبارك الكريم يستحق كل حفاوة وتكريم لأن المولى فضله عن باقي شهور العام، وخصه بما لم يخص به غيره من الحسنات، فأوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وما أن يهل علينا حتى تغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء، وذلك في كل ليلة " وقد كتب الله لكل موحد به دون سواه نصيبه من الحسنات التي سيجنيها من خيرات هذا الشهر الفضيل، ويثبت دخول شهر رمضان بالرؤيا لقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمة " ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته " وما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له " وهذا من رحمة الرحمن الرحيم أن جعل القمر نوراً، وقدره منازل لنستطيع من خلالها معرفة وضبط أوقات العبادة وكثير من الأحكام، وقد أوضح المصطفى عليه الصلاة والسلام سبب اعتماد الرؤيا بدلاً من الحساب فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين " والمقصود بالحساب هنا كما جاء في فتح الباري حساب النجوم وتسييرها، لقلة معرفة العرب بالحساب إلا النزر اليسير، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاكملوا العدد ثلاثين " وقد سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى : ما تقول في شهادة عدلين يريان الهلال في المصر الواحد، ولا يراه غيرهما، ولا سحابة في السماء ؟ فقال : هما شاهدا زور، يصام لرؤيتهما، وينتظر بهما آخر الشهر فإن ر ُئِيَ الهلال آخر الشهر صدقا، وإلا تعين الصيام يوم العيد . وخيرات هذا الشهر لا يمكن حصرها، ويكفي بالمرء أن يَعِي قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيماناً وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ..." ويستحب للصائم أن يدعو عند فطره بكل خير لقوله عليه الصلاة والسلام : " للصائم عند فطرة دعوة ما ترد " وأفضل الدعاء : اللهم عافني وأعفو عني . اللهم كن لنا معيناً على صيام وقيام هذا الشهر الكريم . وكل عام وأنتم بخير،،،،،