عندما يحين موسم المانجو تكثر الوساطات لمن يريد ان يشحن من الهند ولمن يريد ان يستورد من المملكة .وكانت سنتي الأولى للعمل في بومباي .وكنت استعين دائماً بالسيد " مودي " مدير المبيعات واسمه الحقيقي " محمد " وقد اعترضت على هذا الاسم لان " مودي " تعني مزاحي او حاد الطبع وهذا لا يليق بمدير المبيعات . المانجو في الهند رائعة وخاصة الفونس وهذا اغلى الاصناف واكثرها طلباً من المستوردين ..طعمها ورائحتها وشكلها من اجمل الفاكهة ولكن موسمها القصير يسبب لنا ازمة .يدخلنا في حالة طوارئ في المكتب والذين يتعاملون في شحنها قليلون ويعملون خلال الموسم فط ولدينا شاحنون يتعاملون معنا طوال العام في مواد هي اكثر ربحية من المانجو ..ولا تتعرض للتلف السريع ان تأخرنا في ارسالها لاي سبب ..اما المانجو فإنها تأتي من المزارع الى المطار الى الجو الى الحلقة " سوق الخضار " واخيرا الى الناس في ايام لا تتجاوز نصف الاسبوع والا خسر التاجر والشاحن والمستورد ودخلنا في معمعة الشكاوى والمطالبات ..ناهيك عن عتاب الشاحنين الآخرين الذين يعاتبوننا لاننا نؤخر شحناتهم اكثر من المعتاد بسبب الاولوية التي نمنحها للفونس ..ناهيك عن انهم يهددون احياناً بالتعامل مع شركات الطيران المنافسة بقية العام اذا زاد التأخير . وكنا نلجأ مودي وانا الى اعطاء المانجو حصة في الطائرات ليست على حساب الشحنات الاخرى نحاول بذلك ارضاء الجميع . وكانت الاتصالات والوساطات لا تنقطع طيلة شهر ونصف تقريباً وهي مدة الموسم المفاجئ ل " الفونسو " المانجو المفضلة في سوقنا ..التي جاءني بسببها رجل سافر من الرياض الى بومباي للسلام والتعرف والحصول على اكبر سعة ممكنة على الطائرات المغادرة من بومباي للمانجو التي يستوردها الى سوق الفاكهة ..حاول الرجل ان يكون لطيفاً قريباً فهو عند المدير وصاحب القرار .ولا يدري ان القرار الجيد عند المدير هو ارضاء الجميع ومصلحة العمل ..وقدم هدية في علبة انيقة كانت على ما اذكر قلم " كروس " جاف ذهبي شكرته عليه ولكني اخبرته باني لا استطيع تلبية طلباته كما يتوقع فهناك الكثيرون ممن ينتظر شحن بضاعته غير المانجو على الطائرة ..لم يعجبه كلامي وكان شخصاً بسيطاً في تفكيره ولكنه اراد ان يظهر لطفه متودداً بقصته التي بدأ في سردها عن زيارته للمغرب في رحلة عمل مع اصدقائه قال انه سافر الى الدارالبيضاء للتعاقد مع مصدري الفاكهة وكان معه " ربَعه " كما اسماهم وسكنوا كما قال جميعهم لدى سيدة مغربية اسمها " حياة " وقال ان حياة هذه لها قصة نجاح باهرة . حيث تزوجت من رجل اوروبي اسمه " مستر رجنسي " يقصد " ريجنسي " وكانت قصة ابتدأها اخونا لمجرد الرغبة في الكلام او في التقرب او قد يكون كما يظنها حقيقة قصة نجاح باهرة ..يقول عبدالله الذي ينتظر قراري لشحن المانجو ان حياة المغربية التي سكن بفندقها اشترطت على الخواجه عندما طلب يدها ان ي ُشهر اسلامه كشرط لزواجها وعندما اسلم فتح الله عليه وعليها وسميا الفندق باسمها واسمه .وقال لي عندها يا شيخ صالح لو سافرت اليوم الى اي مدينة في العالم لوجدت فندقها وزوجها وقد سمي بفندق " حياة رجنسي " وهو لحياة المغربية وزوجها الخواجة مستر رجنسي .