180 شركة تخدم أكثر من 208 ألف من حجاج الداخل    25 فعالية يطلقها مركز "إثراء" احتفاءً بعيد الأضحى المبارك    لا حج بلا تصريح    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    الإعلام الرياضي    وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف أنموذجاً    دموع رونالدو والنصر    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في جلسة التواصل لقمة ال «G7»    الكويت: 49 وفاة في حريق المنقف    هل آن أوان مجلس أعلى للتعليم ؟    «إش ذي الهيافة»    تجربة «التاكسي الطائر» في المشاعر المقدسة.. نقلة نوعية في خدمة الحجاج    الطواف صلاة ولكن !    تحريف الحج عن مقاصده التعبّدية !    «البريكس» بديل عن نادي باريس !    حامل اللقب في ضيافة البكيرية والحزم يستقبل النصر    التاكسي الجوي    القبض على 9 مقيمين ووافدَين لترويجهم بطاقات «نسك حاج» مزورة    مستويات قصوى من العنف ضدّ الأطفال في غزة والسودان    مقتل قيادي في «حزب الله» بضربة إسرائيلية    رئيس وزراء النيجر يزور المسجد النبوي    «الخارجية» تعزي الكويت في ضحايا «حريق المنقف»    مواجهات صعبة تنتظر الأخضر في الدور الحاسم    ياشين الأول ودونّاروما الأخير ولمسة بانينكا تخطف الأنظار    وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني: ملتقى إعلام الحج.. نقلة نوعية    رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    53 طائرة سعودية لإغاثة أهالي غزة    المملكة تستعرض جهودها لتطوير قطاع الإبل في إيطاليا    وصول ذوي «التوائم» ضمن ضيوف خادم الحرمين للحج    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد خمس جوائز عالمية في الأولمبياد الآسيوي    خطوات هانتر بايدن بعد إدانته بتهم الأسلحة الفيدرالية    المركزي الأمريكي يثبت أسعار الفائدة ويتوقع خفضا واحدا هذا العام    «الصحة العالمية»: غزة تواجه مستوى كارثيا من الجوع وظروفا تصل لحد المجاعة    ترميم صمام ميترالي لثلاثيني    أخضر الملاكمة التايلندية ينتزع ذهب العالم    اللواء الفرج يؤكد تسخير إمكانات الدفاع المدني لأمن وسلامة ضيوف الرحمن في موسم الحج    الشاليهات والأبطال في نهائي هاوي    45 كشافًا من تعليم جازان يشاركون في خدمة ضيوف الرحمن    صحة الشرقية تنظم فعالية حج بصحة بالشراكة مع مطارات الدمام    معرض Saudi Warehousing & Logistics Expoيعزز سوق الخدمات اللوجستية البالغة قيمته 15 مليار دولار    نصائح الحج بلغة الإشارة للصم وضعاف السمع    جوالة جامعة جازان تشارك في معسكرات الخدمة العامة بموسم حج هذا العام    ارتفاع أعداد الجامعات السعودية إلى 32 جامعة في تصنيف التايمز للجامعات ذات التأثير في أهداف الأمم المتحدة    «إي اف جي هيرميس» تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق لشركة «أرامكو»    الصحة تنقل 18 حاجًا عبر 31 عربة إسعافية من المدينة إلى المشاعر المقدسة    الواجب تِجاه المُبدعين فِكرياً وأدبياً وعِلمياً    فرصة لهطول الأمطار على مرتفعات مكة والجنوب وطقس شديد الحرارة بالرياض والشرقية    اتفاقية بين «المظالم» و«مدن» للربط الرقمي    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    أمن الحج.. خط أحمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول التربية والتعليم
نشر في عاجل يوم 22 - 07 - 2013

لدي اقتراح لوزير التربية والتعليم بأن يجعل ضمن الحصص الدراسية ساعة كل أسبوع يُعرض فيها على طلاب المدارس في المتوسط والثانوي برنامجٌ وثائقي حول أهم قضيتين تهددان الأمن والسلم البشري: الحروب الدينية، والتغير المناخي ودور الإنسان في إفساد الطبيعة. فيتعرف الطلاب مثلاً كيف تشكلت الهندوسية منذ أكثر من خمسة آلاف عام، وكيف انشقت السيخية عنها، وكيف انتقلت البوذية من الهند إلى الصين ثم اليابان وشعوب الشرق الأقصى، وكيف نشأت اليهودية وانقسمت طوائف المسيحيين، ويكتشفون تفاصيل عن طوائف المسلمين كالشيعة والصوفية والإسماعيلية.
فهذا النوع من الأفلام يرفع من مستوى ثقافة الطلاب ويعرفهم بالصورة والصوت على التنوع الهائل الذي يعج به عالم البشر من أديان وطوائف، وكيف أثرت تلك الأديان في ثقافات مجتمعاتها وانعكست في رؤيتهم نحو العالم من حولهم ومدى وتأثيرها في حياتهم. إن من الحكمة أن يتعرف الطلاب على تلك الثقافات في الوقت الذي يتعلمون فيه تفاصيل العقيدة والشريعة الإسلامية. فالإسلام ولد في بيئة تعج بالديانات والنحل وكم هو جيد أن يتمثلوا ذلك عبر دراسة مكثفة له وإضاءات مقتضبة للثقافات التي تعاصرنا اليوم.
هناك عشرات البرامج الوثائقية التي أنتجتها البي بي سي وجرافيك ناشيونال وديسكفري وغيرها وهي تمتاز بالحياد والموضوعية، بحيث يقوم الطلاب بعدها بإثارة النقاش بينهم حول ماشاهدوه.
قد يكون هذا أسهل الطرق لتدريب الناشئة على حوار الحضارات، فالخطوة الأولى تبدأ بالتعرف والمشاهدة تليها الخطوة الثانية بالتفهم والاستيعاب ثم القدرة على التعايش، وسوف يخرج الطلاب بنتيجة واحدة هي: أن عالمنا يحكمه التنوع والاختلاف والتعدد، وأن هذه هي سنة الكون وطبيعة الأمور، وهذا سوف يخفف من تعصبهم تجاه من يختلف معهم ويحملهم على تلمس القواسم المشتركة بينهم وبين الآخرين والعمل على تعزيزها، والقدرة على التعامل بشكل أفضل حينما يضطرون للعيش في تلك المجتمعات أو عندما يبتعثون للدراسة مع مجتمعات جديدة وقيم وتقاليد لا عهد لهم بها. أحياناً لايحتاج الأمر إلى شرح وتفسير يكفي أن يعوا أن الحياة قائمة على الاختلاف، فكما يستوعبون اختلاف الأذواق في الألوان والأزياء والأغذية والرغبات والهوايات والميول سيدركون أيضاً أن ثمة اختلافاً كبيراً في الدين والاعتقاد والفلسفة نحو الحياة والكون.
في يناير 8002 شاركت الملكة نور الحسين في مؤتمر تحالف الحضارات الذي عقد في إسبانيا وتقدمت باقتراح بجمع مائة مليون دولار ترصد لإنتاج أفلام وبرامج تهدف إلى حوار الحضارات والتسامح بين الثقافات. من حسن الحظ أن كثيراً من الأفلام التي نتحدث عنها متوفرة ومتاحة وتعرض بين فترة وأخرى في القنوات الفضائية فكل ما يحتاجه الأمر هو تزويد كل مدرسة بمكتبة صغيرة من الأفلام لا تتجاوز أربعين فيلماً، ولكن الهدف لن يتحقق إذا احتاج الأمر إلى جهة إرشاد تتولى مهمة التحذير والتبديل والتشويه لكل ما يعرض، وأسوأ من كل ذلك أن تنتقى بعض المقاطع لتوجيهها نحو جهة مناقضة للرسالة التي من أجلها تعرض تلك الأفلام. وبالإمكان أن يشارك مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول حوار الحضارات في هذا المشروع.
مصطفى أبو رمان شيخ من الأردن وهو إمام وخطيب جامع في عمان زاملته منذ منتصف 7002 في ثلاث ورش، وهو يؤكد على أن الوثيقة التي وقعها الرسول مع كل الطوائف بعد استقراره في المدينة هي وثيقة تعايش بين ثقافات متعددة، ويصر على أن ذلك لا ينبغي أن يؤثر على إنسانيتنا وروابطنا والعمل سوية لما فيه صالح مجتمعاتنا ويدعم ذلك بأن أبناء أخيه مسيحيون ولم يجد يوماً أي حرج في التعامل معهم فهم يزورونه ويتواصلون معه.
إن سنة التنوع في عالم الأسماك تثبت كيف أن نجمة البحر تحافظ على الاستقرار في بيئة تكفل الحياة لأنواع أخرى وتعزز الوفرة في أنواعها، وقد أثبتت التجارب أن إزالة نجمة البحر والقضاء عليها كانت سببا بأن يستأسد بلح البحر المنافس الأكبر متسببا بالقضاء على الكائنات الأخرى وإحداث الإقصاء التنافسي. كم هو من الحكمة أن نغرس في نفوس أبنائنا حقيقة أن البشرية عن بكرة أبيها تبحث عن الطمأنينة والاستقرار الروحي عبر طرق متعددة، وأن أسعد الناس هو أكثرهم انسجاماً مع كل ذلك التنوع وأقدرهم على مد الجسور.
وكم سيكون رائعاً لو تخصص وزارة التربية والتعليم رحلات طلابية إلى بلاد تختلف في الدين والثقافة ليقوم الطلاب بزيارة الكنائس والحسينيات والأربطة والحوزات وأماكن العبادة ويتحدثوا مع نظرائهم في السن ويشاركوهم بعض الأنشطة لأيام معدودة، وليتعرفوا عن كثب ويشاهدوا كيف يمارس الآخرون دياناتهم.
كم يحتاج الطلاب إلى التركيز على مسائل كثيرة تطرق لها القرآن يحتاج الطلاب اليوم إلى التوقف عندها والتأمل في معانيها وأسبابها مثل قصة مؤمن آل فرعون الذي امتدحه القرآن وكان يكتم إيمانه العميق بالله، كيف أمكنه وهو مؤمن أن يعيش قريبا جدا من الملك ومن حاشيته في بيئة عقدية تختلف جذرياً عما يحمله بين جوانحه وبقي أميناً لسادته صادقا معهم، ومثل قصة النجاشي الذي بقي ملكاً على الحبشة مكتفياً بإيمانه النابع من القلب بصدق الرسول والتزامه بالمسيحية في الوقت نفسه، ومع ذلك قام الرسول - بعد ست سنوات من استقراره في المدينة وفرض الشرائع والتكاليف - حينما بلغه موت النجاشي بالشهادة له بالإيمان وأمر أصحابه بأن يقوموا معه بأداء الصلاة على روحه. وكم يحتاج الطلاب أن يعرفوا كيف كانت حياة الرسول بالتفصيل ومأكله ومشربه وملبسه وحياته البسيطة ليقارنوها بحال كثير من فقهاء الدين اليوم، ويقارنوا بينهم وبينه، بل بمن هو أدنى منه بمراحل من زهاد المائة الثانية والثالثة الهجريتين.
إن أبناءنا بحاجة إلى أن تتعمق لديهم القناعة والمعرفة بأن الإفساد في الطبيعة وانتهاك نظام البيئة هو إثم عظيم لأنه من الفساد في البر والبحر وتغيير خلق الله، وأن يتعلموا أن كل ما بأيدينا من نعم هي أمانة علينا الحفاظ عليها وتسليمها لمن بعدنا من الأجيال.
كم هو أخاذ وشفيف أن نشرح لهم أنهم حين يشعرون بالنشوة لقتل طفل أو سيدة لأنها يهودية أو سيخية أو شيعية فهم ليسوا أناساً صالحين، وأن عليهم أن يشعروا بعذاب الضمير إذا تواطؤوا على الصمت عن إعلان احتجاجهم لظلم يحيق بإنسان متدين لأنه أطال لحيته أو تطوع لربه منزوياً بنفسه مسالماً في مجتمعه، وأن ثمة نكتة سوداء ترتسم على صفائح قلوبهم إذا استقبلوا بالبرود واللامبالاة أنباء الكوارث التي تكتسح مجتمعات تختلف عنهم في الجنس والديانة، وأننا قد نكون أشخاصاً صالحين حينما نعيش على الفضيلة، ولكن تغافلنا عن مأساة عائلة معوزة بين ظهرانينا تطوي على الجوع، وعامل منقوص الحقوق من قبل كفيله، هو خزي يشابه صمتنا عن بيت دعارة في طرف الحي، لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإذا شاع المنكر وظهر بين الناس وتواطؤوا على الصمت والرضى فإن ذلك يطولهم جميعاً، ولهذا قال الرسول عن حلف الفضول الذي عقد في الجاهلية لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت لأنه كان ينص على الدفاع عن حق الضعيف والمظلوم من أهل مكة ومن غيرهم.
كما أن الصحف يمكنها أن تسهم في هذا الهدف بأن تفسح مجالاً للطلاب للكتابة حول انطباعاتهم ووجهات نظرهم حول هاتين القضيتين: الاضطراب المناخي والتنوع الديني، بتخصيص صفحة حول (قاعة الصف) تخصص لأفضل المقالات التي يكتبها الطلاب، في تجربة تضاهي ما فعلته جريدة صقلية الكبرى جنوب إيطاليا في نهاية التسعينيات في ذروة الصراع مع المافيا والجريمة المنظمة حين أفسحت المجال للطلاب بأن يكتبوا عن رؤيتهم نحو المافيا وجرائمها حيث مهد ذلك للقضاء عليها ضمن استراتيجية تبنتها عدة قطاعات ليس هذا مجال الحديث عنها.
منصور النقيدان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.