بذلت المملكة منذ تأسيسها جهودا كبيرة في العناية بالحرمين الشريفين، حيث ذللت كل الصعاب التي تعترض حجاج بيت الله الحرام وزواره، خصوصا أن الأعداد التي تفد إلى البيت الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة في زيادة تفوق كل التصورات. وشهد المسجد الحرام أكبر توسعة تاريخية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، ولكن بعد فترة قصيرة لم تعد هذه التوسعة تستوعب الازدياد الهائل في أعداد الحجاج. حيث بدأ الازدحام يظهر بشكل هائل في كل موسم حج، رغم التوسعة التي أضيفت والساحات التي وفرت لاستيعاب أكبر عدد من الحجاج في ذلك الوقت، وكذلك كل المرافق والأماكن المقدسة في مكة والمشاعر التي لم تعد تستوعب الكم الهائل من الحجاج والزوار، ومنها بالطبع الصفا والمروة. ومع تفاقم وضع الازدحام وزيادة الأعداد، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمره الكريم عقب إتمام حج العام 1426ه بانعقاد مجلس هيئة كبار العلماء في جلسة استثنائية لمناقشة مسألة توسعة عرض المسعى للاضطرار، بموجب برقية المقام السامي رقم 8020/م ب وتاريخ 15/6/1426ه، فتبلغت هيئة كبار العلماء ذلك بخطاب صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة عضو هيئة تطوير مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة رقم 751078/3 س وتاريخ 6/8/1426ه، فاجتمع مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الرابعة والستين للمجلس الذي عقد في الرياض ابتداء من تاريخ 18/2/1427ه وأصدرت قرارها رقم 227 وتاريخ 22/2/1427ه، الذي قرروا فيه بالأكثرية: عدم الموافقة على التوسعة. ومع وجود عدد أقل من أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء الذين أجازوا التوسعة، تراجع أحد الأعضاء الذين صوتوا بعدم الموافقة على التوسعة مع الأكثرية، وهو الشيخ عبدالله بن منيع، عن رأيه الأول، وأجاز التوسعة بعدما ظهرت له قوة أدلة جواز التوسعة. ومن أعضاء هيئة كبار العلماء السابقين الذين أجازوا التوسعة فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين، حيث قال: «إن المسعى الجديد امتداد للصفا والمروة، وشاهدته بنفسي قبل 60 عاماً»، يقصد بذلك امتداد جبلي الصفا والمروة قبل أن يزالا بغرض التوسعة السعودية وبغرض عمل الشوارع، ثم أضاف مطالباً باقي أعضاء هيئة كبار العلماء بالتراجع عن فتواهم الأولى بالاعتراض، يقصد حذوهم حذو الشيخ بن منيع، وذلك بقوله: «لعل بقية العلماء يصدرون فتوى يوافقون على ما تم اتخاذه للتيسير على الناس». والمسعى الآن هو تحت الإنشاء وسيتم بناؤه على عدد من الطوابق لاستيعاب أكبر عدد من الحجاج والزوار، حيث سيستقبل بيت الله الحرام في القريب العاجل وبالتحديد في رمضان قرابة مليوني مصل. وتبلغ المسافة بين الصفا والمروة 394.5 متر وهناك من يقول انها 405 أمتار وهناك من يقول 375 مترا وإجمالي عدد الأشواط للسعى 2761.5 متر عند حسابها على انها 394.5 متر. وللمسعى مكانة كبيرة لدى المسلمين، فهو ركن من أركان الحج حيث يسعى الحاج بها 7 وعلى أساس أن الذهاب من الصفا إلى المروة يعتبر مرة، والعودة من المروة إلى الصفا يعتبر مرة، وهكذا حتى تتم سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتنتهي بالمروة، ومن لم يسع سعي الركن بطل حجه إن كان حاجا، وعمرته إن كان معتمرا، لهذا سعت المملكة إلى تذليل كل المصاعب التي تواجه الحجاج لإتمام حجهم أو عمرتهم. ويعود الأصل في تسميتهما إلى الصفات التي يوصف بها الجبلان اللذان يقعان في أطراف المسعى، حيث إن الصفا في الأصل جمع صفاة، وهي الحجر العريض الأملس، والمراد به هنا مكان عال في أصل جبل أبي قبيس جنوب المسجد قريب من باب الصفا، وهو شبيه بالمصلى طوله ستة أمتار، وعرضه ثلاثة، وارتفاعه نحو مترين. أصل المروة المروة في الأصل واحد المرو، وهي حجارة بيض، والمراد هنا مكان مرتفع في أصل جبل قعيقعان في الشمال الشرقي للمسجد الحرام قرب باب السلام وهو شبيه بالمصلى، وطوله أربعة أمتار، في عرض مترين، وارتفاع مترين، والطريق الذي بين الصفا والمروة هو المسعى مكان السعي، والمسعى الآن داخل في المسجد الحرام نتيجة التوسعة السعودية سنة 1375ه.