صالح محمد المانع يتساءل كثيرون عما يدور في سوق الأسهم السعودية، فرغم أنه يتمتع بكل المقومات التي تجعله السوق الأقوى والأول في منطقة الشرق الأوسط، إلا أننا نجد كثيراً من المستثمرين في السوق يحاولون الخروج منه، بل والاتجاه لبعض أسواق المنطقة الأصغر والأقل من سوق الأسهم السعودية. الأمر الذي يجعلنا في حيرة، هل نواصل استثماراتنا في السوق السعودية أم نتجه إلى الأسواق المجاورة. نعلم أن هيئة السوق المالية السعودية حريصة كل الحرص على حماية المواطنين المستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة، أو غير السليمة، أو التي تنطوي على احتيال، أو غش، أو تدليس، أو تلاعب. كما تعمل على تحقيق العدالة والكفاية والشفافية في معاملات الأوراق المالية وما يترتب على ذلك من إلزام بعض الشركات بالإفصاح الفوري عن مدى وجود أية تطورات جوهرية. وقد أصدرت الهيئة إعلاناً بذلك مؤخراً في 16 إبريل 2013م. إلا أنني كأحد المستثمرين المتضررين من السوق المالية، أود توجيه بعض الاستفسارات إلى الهيئة: أين كانت هيئة سوق المال عندما وصل سعر سهم شركة بروج للتأمين إلى 258 ريالاً في 2011/10/30م كحد أعلى، وكان سعره عند 19 ريالاً كحد أدنى؟ أين كانت هيئة سوق المال عندما وصل سعر سهم شركة أمانة للتأمين إلى 292 ريالاً في 2012/9/29م كحد أعلى، وكان سعره عند 27.30 ريال بتاريخ 2012/6/3م؟ أين كانت هيئة سوق المال عندما كان سهم شركة المعجل يتم تداوله بسعر يزيد على 100 ريال في شهر يوليو 2009م ووصل سعره إلى 12.55 في آخر يوم تداول له. أيضاً كان سهم شركة البابطين يتم تداوله بسعر يزيد على 115 ريالاً للسهم في شهر يوليو 2009م، والآن يتم تداوله في حدود 24 ريالاً؟ وكذلك شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة «مسك» كان يتم تداولها في حدود 140 ريالاً في شهر يوليو 2009، والآن يتم تداولها في حدود 18.35 ريال. إن إحدى أهم أولويات الهيئة هو القيام بالإجراءات الكفيلة ببث روح التفاؤل بين المتداولين، وإصدار القرارات التي تشجع المستثمرين على دخول سوق الأسهم السعودية، لكننا عندما نستعرض مؤشر السوق السعودية مقارنة ببعض الأسواق الأمريكية أو الأوروبية أو العربية قبل الأزمة المالية العالمية 2008/2007م وبعدها وحتى تاريخه، نقف مستغربين. فمؤشر السوق السعودية وصل إلى 9000 نقطة قبل هذه الأزمة المفتعلة التي بدأت بإعلان إفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي، إلا أنه انخفض إلى أقل من 7000 نقطة آنذاك. في حين أن مؤشر داو جونز قبل الأزمة وصل إلى 13500 نقطة تقريباً والآن وصل إلى 15118.49، ومؤشر ناسداك وصل إلى 3436.58 نقطة، ووصل مؤشر إس آند بي إلى 1633.70 نقطة. فإذا انتقلنا إلى الأسواق الأوروبية نجد أن مؤشر «FTSE» البريطاني وصل إلى 6624.98 نقطة، ومؤشر «DAX» الألماني وصل إلى 8278.59 نقطة، ومؤشر «CAC» الفرنسي وصل إلى 3953.83 نقطة. وحتى لو قارنَّا السوق السعودية بالأسواق الخليجية، نلاحظ أن هناك ارتفاعاً معقولاً فيها، فمؤشر سوق دبي وصل إلى 2075.56 نقطة، ومؤشر سوق أبوظبي وصل إلى 3287.87 نقطة، ومؤشر سوق الكويت وصل إلى 7287.59 نقطة. والسؤال: كم كانت تلك المؤشرات قبل الأزمة وبعدها وحتى تاريخ 11 مايو 2013م. إنه من المؤسف أن مؤشر سوق الأسهم السعودية يتم تداوله بين 6500 إلى 7200 نقطة صعوداً وهبوطاً، ولو نظرنا إلى القيمة الحقيقية للسوق وإلى الأعداد الكبيرة للشركات المساهمة المدرجة في السوق التي وصل عددها إلى 156 شركة، فإن المؤشر يجب أن يكون فوق 9000 نقطة على أقل تقدير. والأهم من هذه المقارنة أن ندرك عديداً من الاعتبارات المهمة في عملية التقييم، التي تميل كلها لصالح السوق السعودية ومنها: أولاً: النواحي السياسية، فنحن ولله الحمد نحظى بقيادة حكيمة وواعية، ترتبط بعلاقات سياسية وثيقة مع معظم دول العالم خاصة الدول العظمى كالولايات المتحدةالأمريكية ومعظم الدول الأوروبية واليابان والصين. والسؤال: لماذا لا ينعكس ذلك إيجاباً على سوق الأسهم السعودية؟ ثانياً: النواحي الاقتصادية، المملكة العربية السعودية ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله بنصره وتوفيقه مقاليد الحكم في 2005/8/1م وهي تعيش عهداً زاهراً. وتعتبر ميزانية المملكة وتحديداً في السنوات الثلاث الأخيرة من أكبر وأضخم الميزانيات في تاريخ المملكة. إضافة إلى أن المملكة عضو فاعل ومؤثر في مجموعة العشرين باعتبارها إحدى أقوى اقتصادات العالم، ناهيك عن الثروة البشرية والعقول التي تملأ الجامعات والمستشفيات وجميع مرافق الدولة، والأهم من ذلك كله وجود الحرمين الشريفين قبلة المسلمين، كما أن الله حباها بموارد نفطية وثروة معدنية هائلة وطاقة شمسية وكنوز مخبوءة في الربع الخالي لا يعلمها إلا الله. فالمملكة بما حباها الله من نعم لا تعد ولا تحصى، قارة مملوءة بجميع الخيرات والثروات، فلماذا لا يتجاوب سوق الأسهم مع هذه المعطيات الهائلة؟ ثالثاً: أرباح الشركات والبنوك المتداولة في سوق الأسهم السعودية وصلت إلى أرقام خيالية، فلماذا لا يتجاوب سوق الأسهم مع هذه النتائج الإيجابية؟ رابعاً: نحن ولله الحمد نعيش في أمن وأمان واستقرار، فلماذا عندما يحدث حادث عرضي بسيط لا يذكر، أو هزة أرضية أو ظرف مناخي أو سياسي أو مظاهرات من فئات ضالة لا تقدم ولا تؤخر، نجد أن السوق يتفاعل سلباً وبشكل كبير يؤثر على نفسيات المتداولين؟ خامساً: نحن وبحمد الله ننتمي إلى بلد عزيز مسالم، وهي سياسته العليا ومنهجه الأساسي منذ عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس هذا الكيان العظيم. وحكومتنا الرشيدة تعمل كل ما في وسعها لنشر العدل والسلام في جميع ربوع العالم. هذا الكيان العظيم الراسخ لا تهزه ريح، ولا يؤثر عليه ما تحمله الأنفس الدنيئة من حقد وحسد. فلماذا يتجاوب سوق الأسهم سلباً مع الأحداث الصغيرة التي لا تقدم ولا تؤخر. بينما نرى بعض الأسواق المالية في دول شرق أوسطية تعيش ظروفاً قاسية وتلفها المخاطر والحروب، لكن أسواقها في صعود، وسوقنا في هبوط. فلماذا هذا الهبوط غير المبرر؟ سادساً: يعتبر سوق الأسهم السعودية من أكبر الأسواق قاطبة في الشرق الأوسط. وكان المؤشر في منتصف عام 2009م عند 9000 نقطة وكان في طريقه إلى 10000 أو 11000 نقطة وكان عدد الشركات المتداولة آنذاك أقل ب 15% من عدد الشركات الحالية. فلماذا هذا الهبوط؟ إن ما يحتاجه سوق الأسهم السعودية هو بث روح التفاؤل في نفسيات المتداولين، والعمل على التركيز على الإيجابيات وترك السلبيات، وإصدار القرارات التي من شأنها تعزيز ذلك النهج. وكذلك العمل على إيجاد الآليات والسبل الكفيلة لتشجيع وإتاحة الفرصة للمستثمرين الأجانب للتداول عن بعد في سوق الأسهم السعودية. أيضاً التنسيق مع بعض القنوات الفضائية لمنع ظهور بعض المحللين الماليين المضللين الذين يبثون الرعب والخوف في نفوس المستثمرين والمتداولين. وأخيراً ضرورة أن تقيم الهيئة وباستمرار السياسات والقرارات التي تتخذها لإدارة السوق وضبط تداولاته.